أزمة تأجيل زيارة هيكل… رسائل أميركية قاسية وهواجس لبنانية تتصاعد
تتعدد القراءات السياسية حول الدوافع التي أدّت بقائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إلى تأجيل زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة، بعد إبلاغه رسميًا بإلغاء لقاءاته مع أعضاء من الكونغرس ومجلس الشيوخ من دون تقديم تبريرات واضحة، باستثناء اتهامه بالتباطؤ في تطبيق حصرية السلاح وعدم التشدّد مع "حزب الله" في ملف تنظيف جنوب الليطاني من السلاح.
ويأتي ذلك رغم أن رئيس هيئة الرقابة المشرفة على تطبيق وقف الأعمال العدائية، الجنرال الأميركي جوزف كليرفيلد، لطالما أشاد بدور الوحدات العسكرية المنتشرة جنوب الليطاني وقدرتها على السيطرة في نطاق انتشارها وفق القرار 1701.
تأجيل زيارة هيكل شكّل صدمة سياسية واسعة، تخطّت شخصه لتطال رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وتزامن مع تقديم السفير الأميركي الجديد في بيروت ميشال عيسى أوراق اعتماده، ومع البيان الذي أصدرته قوات "يونيفيل" واتهمت فيه إسرائيل بانتهاك سيادة لبنان عبر الاستيلاء على نحو 4000 متر مربع من أراضيه بين يارون وعيترون، أعقبه بيان للجيش اللبناني دعا إسرائيل لاحترام الخط الأزرق وإخلاء المنطقة الخاضعة للسيادة اللبنانية.
وفي السياق، كشف مصدر سياسي أن قضم إسرائيل للأراضي اللبنانية لم يلقَ أي رد فعل من هيئة الرقابة الدولية، في حين وجّهت هذه الأخيرة انتقادًا لقيادة الجيش بسبب رفضها مداهمة المنازل جنوب الليطاني بحثًا عن السلاح، حرصًا على احترام حرمة البيوت وعدم دخولها إلا بإشارة قضائية.
وقال المصدر لـ"الشرق الأوسط" إن إسرائيل تصعّد الأجواء مع اقتراب نهاية العام الحالي، الموعد الذي تعتبره آخر مهلة لتطبيق حصرية السلاح، مرجّحًا استعدادها لتوسيع الحرب مطلع العام المقبل. وأشار إلى أن هذا التطور أثار قلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما دفعه لإيفاد مستشارته آن كلير لوجاندر إلى بيروت، حيث نقلت رسائل مباشرة إلى قيادة "حزب الله" خلال لقائها مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب النائب السابق عمار الموسوي.
ويرى المصدر أن الحملة الأميركية المتصاعدة على الجيش، وإن ظهرت في الشكل مرتبطة بمسألة مداهمة المنازل، إلا أنها تأتي في إطار ضغط واشنطن لإحداث تغيير في المقاربة اللبنانية. وأكد أن الولايات المتحدة تمارس ضغطًا مباشرًا على لبنان للدخول في مفاوضات مع إسرائيل نحو تطبيع العلاقات، مشيرًا إلى أن الوسيط الأميركي توم براك عقد لقاءات واسعة مع الرؤساء الثلاثة وقيادة الجيش وشخصيات سياسية.
ولفت المصدر إلى أن براك كان قد توصّل إلى تفاهم أولي يقوم على تلازم الخطوات بين لبنان وإسرائيل، لكنه عاد من تل أبيب متراجعًا عن الأفكار التي سبق أن نالت قبولًا لبنانيًا. وأضاف أن التحوّل في الموقف الأميركي تزامن مع دخول السيناتور ليندسي غراهام، المقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على خط الاتصالات، حيث قاد بنفسه جولة محادثات مع الرؤساء الثلاثة، بحضور براك ومورغان أورتاغوس. ونقل النواب الذين التقوه عنه إصراره على نزع سلاح "حزب الله"، مؤكّدًا أنه "لا يجوز السؤال عن انسحاب إسرائيل قبل تنفيذ حصرية السلاح".
وأشار المصدر إلى أن لبنان كان ينتظر ردًا أميركيًا حول دعوة الرئيس عون لاستئناف التفاوض، لكن واشنطن رفعت منسوب الضغط عبر إفراغ زيارة هيكل من مضمونها، ما دفعه إلى تأجيلها. ونقل عن مرجع سياسي توقعه أن تشهد الأيام المقبلة مفاجآت تعيد فتح قنوات التواصل بين بيروت وواشنطن، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن تأجيل المؤتمر الدولي لدعم الجيش يعود إلى عدم منح الإدارة الأميركية الضوء الأخضر لانعقاده.
وفي المقابل، دعا المصدر "حزب الله" إلى اتخاذ قرار شجاع بالتكيّف مع المرحلة الراهنة، والوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وإيداع سلاحه لديها لتفكيك الضغوط الدولية التي تحاصر لبنان، معتبرًا أن التعايش بين سلاح الحزب وبين ورشة إعمار البلدات المدمّرة بات شبه مستحيل، وأن الاستمرار بشراء الوقت لا طائل منه ما دام السلاح مرتبطًا بالإرادة الإيرانية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|