الصحافة

تساؤلات حول تناقضات القضاء الفرنسي في ملاحقة أركان نظام الأسد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ نهاية العام الماضي، وبعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، تتكاثر في الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وبلجيكا الدعاوى القضائية المقدمة بحقّ أركانه، لكن لدى كل دعوى جديدة تثار تساؤلات تتناول صلاحية المحاكم، خصوصاً ما يتناول الحصانة القضائية التي يتمتع بها رئيس الدولة السورية استناداً إلى قرار صادر عن محكمة العدل الدولية عام 2002، الذي يعدّ مرجعاً في هذه القضايا.

وجاء في قرار المحكمة المذكورة أن رئيس الدولة ورئيس وزرائه ووزير خارجيته يتمتع ثلاثتهم بالحصانة التي تحميهم من الملاحقة إبان ممارستهم مهامهم الدستورية.

وهذه المسألة بالذات كان لها صدى قوي في فرنسا منذ أن أصدر قاضيان، ينتميان إلى القسم المتخصص بالجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، قراراً بتاريخ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2023، بتوقيف وجلب الرئيس السوري وشقيقه ماهر، قائد الفرقة الرابعة، وجنرالين رفيعي المستوى، هما غسان عباس، مدير الفرع 450 في مركز الدراسات والأبحاث العلمية، الذي يعد الجهة المطورة للأسلحة الكيماوية، والجنرال بسام الحسن، المقرب من الأسد، وقد لعب دور صلة الوصل بينه وبين المركز المذكور. ووجّهت للأربعة 3 تهم رئيسية: ارتكاب جرائم حرب، والمشاركة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة.

وجاء طلب التوقيف بناء على دعوى قدّمتها ضدهم مجموعة من الناشطين الحقوقيين، وما لا يقل عن 60 جمعية، نظراً للدور الذي لعبه الأربعة صيف عام 2013، في استخدام غاز السارين القاتل ضد سكان الغوطة الشرقية، التي كانت قد وقعت تحت سيطرة المعارضة.
وبحسب تقرير للمخابرات الأميركية، فإن الهجمات الكيماوية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1426 شخصاً، بينهم 429 طفلاً. ووقتها، برز تأهب أميركي - فرنسي - بريطاني لردّ عسكري ضد سوريا، إلا أن تراجع الرئيس أوباما أجهض المشروع، ونجحت وساطة روسية في إيجاد المخرج البديل.

كان من المرتقب أن تعمد النيابة العامة الفرنسية الى تعميم طلب العدالة على الدول المنتمية إلى «فضاء شنغن» الذي يضم 29 دولة أوروبية، وعلى المستوى العالمي عبر الإنتربول. بيد أن الأمور لم تجرِ وفق ما هو منتظر، إذ رفضت النيابة العامة تعميم الطلب بحجة أن الرئيس الأسد يتمتع بالحصانة.
وفي تحقيق نشرته صحيفة «ليبراسيون» في عددها ليوم الأربعاء، تساءلت عن الأسباب التي منعت النيابة العامة من تعميم طلب التوقيف بحقّ الثلاثة الآخرين، الذين لا يتمتعون بأي حصانة. إضافة إلى ذلك، عمدت النيابة إلى نقل الملف إلى محكمة الاستئناف في باريس، التي أصدرت قراراً بتاريخ 26 يونيو (حزيران) العام الماضي، يؤكد صوابية إصدار مذكرة توقيف بحقّ بشار الأسد والثلاثة الآخرين.

بيد أن النيابة العامة قررت نقل الملف الى محكمة التمييز، التي تعدّ أعلى هيئة قضائية في فرنسا. وفي قراراها الصادر بتاريخ 25 يوليو (تموز) من العام الحالي، نقضت هذه المحكمة قرار محكمة الاستئناف في ما يخصّ الرئيس الأسد، وثبّتته بحقّ الآخرين. وجاء في قرارها أن حصانة الرؤساء خلال قيامهم بوظائفهم «مطلقة»، أي مهما تكن التهم الموجهة إليهم.
وبما أن الأسد قد أطيح به في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فقد فتح ذلك الباب لإصدار مذكرة توقيف جديدة بحقّه، فيما المذكرات السابقة بحقّ الآخرين ما زالت قائمة. وبالفعل، فإن قاضيي التحقيق عمدا إلى تسطير مذكرة توقيف جديدة تناولت، إلى التهم الأربع السابقة، تهمة جديدة تتعلق بقصف المركز الصحافي في مدينة حمص عام 2012، الذي قُتل فيه صحافيان فرنسيان، هما ماري كاثرين كولفين، وزميلها المصوّر الفرنسي ريمي أوشليك، الذي اغتيل معها في نفس اللحظة.
يبرز مما سبق التضارب في التقديرات داخل الجسم القضائي الفرنسي بين درجاته المختلفة، وخصوصاً بين النيابة العامة التي تمثل السلطة من جهة، وبين قضاة التحقيق والمحاكم من جهة ثانية.

وليس سرّاً أن النيابة العامة تأخذ غالباً بعين الاعتبار المصالح السياسية والدبلوماسية للدولة، وهو أمر مفهوم. ولكن ما ليس مفهوماً الأسباب التي حالت دون تعميم مذكرات التوقيف والجلب، التي صدرت عن قاضيين عام 2023، وبقيت نائمة في أدراج النيابة العامة حتى عام 2025.

وما شهدته فرنسا من تنازع قضائي داخلي حصل مثله في دول أوروبية أخرى. وفي أي حال، ثمة العديد من الدعاوى المقامة ضد أركان نظام الأسد، وهي موجودة أمام القضاء الفرنسي. وآخر ما قام به محاكمة 3 من أعمدة النظام، وهم الجنرالات علي المملوك وجميل الحسن وعبد السلام محمود، وأدينوا ثلاثتهم غيابياً بتهم ارتكبت عام 2012، منها الإخفاء القسري لمواطنين سوريين اثنين يحملان الجنسية الفرنسية، هما باتريك دباغ ووالده مازن، والسجن والتعذيب والاستيلاء على الممتلكات.

ميشال ابو نجم - الشرق الاوسط

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا