ميدان الشراونة يشتعل… والجيش يتقدّم بلا خطوط حمراء
منذ أسابيع، يشهد البقاع الشمالي تحولا غير مسبوق في المشهد الأمني. فالدولة اللبنانية، التي لطالما تعاملت مع ملف المخدرات في المنطقة بعمليات محدودة ومحسوبة، قررت هذه المرة خوض مواجهة مختلفة من حيث الحجم والجرأة والرسائل، في مربع الشراونة تحديدا، المنطقة التي ارتبط اسمها على مدى سنوات طويلة بكل ما يمت إلى تصنيع المخدرات وتهريبها وتجارة السلاح، حيث اتخذت المؤسسة العسكرية قرارا واضحاً: لا خطوط حمراء بعد اليوم.
وتتابع المصادر، بان الجيش اختار تغيير قواعد اللعبة، في اطار استراتيجيته لتفكيك البنية المتكاملة للجريمة المنظمة في الشراونة، واستعادة السيطرة على منطقة لطالما اعتبرت الأكثر تعقيدا وصعوبة على المستوى الأمني، حيث شكلت العمليات التي انطلقت مؤخرا اختبارا لقدرة الدولة على فرض هيبتها في واحدة من أخطر بؤر المخدرات في الشرق الأوسط.
وتشير المصادر الى ان تركيز العمليات في مربع "الشراونة" يعود لعدة اسباب، ابرزها، تحول هذه المنطقة الى "وكر" للمطلوبين، ومكان محصن يصعب اختراقه، بسبب البنية المسلّحة التي تساعد على الدفاع والمواجهة، بعدما اصبحت ممرا حيويا لشبكات تصنيع وتخزين وتهريب المخدرات، وهو ما دفع بالجيش الى اعتماد أسلوب العمليات النوعية، من اقتحامات سريعة ومفاجئة، ضربات مركّزة، وتنفيذ مداهمات تستهدف القيادات الأساسية داخل الشبكات، وليس العناصر الهامشية كما كان يحصل في السابق، ما تسبب بسقوط العديد من الشهداء.
فالتركيز بات على الرؤوس الكبيرة، وعلى "المنسقين" الذين يمسكون بخطوط التمويل والتسليح، ويديرون المعابر الحدودية غير الشرعية، وفقا للمصادر، حيث بات واضحا أن الدولة تتعامل مع الملف كمسألة تتصل بالسيادة والأمن الوطني، وليس كملف جنائي معزول.
وفي هذا الاطار تكشف المصادر أن العمليات التي نفذت اخيرا نجحت في تحقيق نتائج ملموسة وهذه أبرزها:
- استعادة الهيبة: مع دخول الجيش إلى مناطق طالما صنفت "محظورة"، ما يشكل تحولا مهما في فرض سلطة الدولة على واحدة من أعقد البؤر الأمنية في لبنان.
- ضرب شريان التمويل: فاستهداف مصانع الكبتاغون، مستودعات التخزين، والممرات الحدودية، أضعف قدرات الشبكات بشكل كبير وقطع مواردها المالية الأساسية.
- تعطيل "الشبكات الإقليمية"، اذ تقاطعت التحقيقات السابقة عند ارتباط بعض المجموعات ضمن "منظومة تهريب" عابرة للحدود، ساهمت العمليات الاخيرة، في ارباك شبكاتها واجبرتها على اعادة خلط اوراقها.
- رسالة إلى الدول العربية: اذ تقدم الحملة للبنان فرصة لإعادة بناء الثقة مع الدول الخليجية، عبر إثبات أن الدولة جادة في محاصرة صناعة وتهريب الكبتاغون.
وختمت المصادر، بان هذه الانجازات على ضخامتها، تواجه تحديات اساسية، لن تحسمها الحملات العسكرية، سواء لجهة البيئة الحاضنة، حيث ان الشراونة ليست مجرد منطقة جغرافية، بل نسيج اجتماعي تتداخل فيه العائلات والعشائر، ما يجعل أي تحرك عسكري محفوفاً بحساسيات عالية، خصوصا ان قدرة العصابات على المواجهة ازدادت، من الأسلحة الرشاشة إلى القذائف والسيارات المصفحة، ما يرفع كلفة الاشتباكات، وسط التهريب المفتوح عبر الحدود السورية الذي يظل الثغرة الأكبر، وهو ما يجعل أي حملة داخلية معرضة للالتفاف عليها من الخارج.
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|