الصحافة

نتنياهو "يزور" الجنوب السوري: أية رسائل؟ وأية أهداف؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في خطوة استفزازية، كانت أشبه بصندوق بريد لإيصال رسائل عدة في اتجاهات شتى، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم أول من أمس الأربعاء، «زيارة» إلى الجنوب السوري، رافقه فيها كل من وزيري الخارجية والداخلية، جنبا إلى جنب رئيس الأركان، ورئيس «جهاز الشاباك»، وقد ذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» أن نتنياهو «تلقى (في غضون تلك الزيارة) إحاطة موسعة حول التطورات الميدانية، والوضع الأمني على خطوط التماس، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، واتساع نطاق العمليات العسكرية في محيط الجولان ومناطق الجنوب السوري».

تأتي هذه الخطوة، التي قامت بها «غرفة صناعة القرار» السياسي والعسكري الضيقة بتل أبيب، في وقت تشهد فيه المنطقة تحركات متسارعة للقوى العسكرية المختلفة، والتي كان آخرها التمدد الروسي «الخجول» في الجنوب، ووسط مخاوف من انزلاق الأوضاع في المنطقة نحو تصعيد أوسع، فالوضع في الجنوب اللبناني بات شديد الهشاشة، ومن الصعب التخمين في مآلاته المقبلة في ظل كل هذا «التسلط» الإسرائيلي، أما الوضع في غزة فهو أشد هشاشة، وإن كانت بعض من «مآلاته» قد تكشفت قبل أيام، والراجح هنا أن نتنياهو كان قد أراد، من خلال خطوته تلك، توجيه رسائل عدة، بعضها داخلي، وبعضها الآخر خارجي، وجهاته متعددة: دمشق، واشنطن، أنقرة والعواصم العربية المؤثرة الآن في المشهد السوري.

في رسالته الموجهة للداخل الإسرائيلي، أراد نتنياهو من الزيارة «شد عصب» الإئتلاف الذي يحكم من خلاله، في الوقت الذي شهد فيه هذا الأخير العديد من الهزات على وقع الأحداث التي تلت عملية «طوفان الأقصى»، لكنه اهتز أكثر على خلفية الموقف الذي يتوجب على «كابينيت الحرب» اتخاذه حيال القرار 2803، الصادر عن مجلس الأمن يوم 17 تشرين ثاني الجاري، والقاضي بـ «نشر قوات أجنبية في غزة»، والمشير، تلميحا، إلى إمكان الذهاب لاحقا إلى «حل الدولتين» التي لطالما نظرت إليه العديد من الكتل والتيارات السياسية الفاعلة في تل أبيب على إنه «قرار بإعدام اسرائيل»، وفي السياق ذاته، يمكن لنتنياهو أن يكون قد قام بتلك «الزيارة»، أقله في توقيتها، كذريعة للتهرب من حضور جلسة محاكمته بتهم فساد متعددة الأشكال والأنواع.

أما الرسائل الموجهة للخارج فكانت ثلاث، الأولى لدمشق، وهي مباشرة، ومفادها أن تل أبيب لن تتخلى عن المواقع الإستراتيجية في الجولان المحتل، ولا عن المناطق التي احتلها الجيش الإسرائيلي بعيد سقوط النظام السابق، وأن تلك المواقع باتت شديدة الحيوية للجيش الإسرائيلي، الذي يتوجب عليه اليوم العمل على توظيفها من أجل حماية أمن اسرائيل، ولعل ما يؤكد على وجود هكذا منحى أرادت تل أبيب إيصاله إلى دمشق، هو تلك التسريبات، التي سبقت الزيارة بنحو يومين، والتي أشارت مصادر اسرائيلية من خلالها إلى إن «مسار المفاوضات السورية- «الإسرائيلية» بات أمام طريق مسدود»، وما يؤكده أكثر ما قاله داني دانون، السفير «الإسرائيلي» بالأمم المتحدة، الذي قال خلال جلسة لمجلس الأمن «لا يوجد دليل على إن سوريا فتحت صفحة جديدة، ولا يمكن الحديث عن «سوريا جديدة»، بينما يذبح الدروز والمسيحيون والعلويون، التغيير يثبت بالأفعال: وقف القتل، كبح الميليشيات، حماية الأقليات».

الثانية موجهة للسعودية، ومفادها أن اسرائيل تستطيع فرض سياسات الأمر الواقع، حيث تريد لها أن تفرض، وهي قادرة على جعل مصالحها، وشروطها، رئيسية في أي مسار تفاوضي للسلام في المنطقة، والمؤكد هنا أن تلك الرسالة الإسرائيلية تأتي ردا على السياسة التي تختطها الرياض، منذ قمة بيروت 2002، والتي تقوم على كسر النهج الإسرائيلي السابق من خلال العمل على «تسويق» المبدأ الأساسي للسلام الذي يقوم انطلاقا من قيام دولة فلسطينية، وهي تحظى بالشرعية الدولية الكاملة، اللازمة، والكافية، لحماية كيانها. وأما الثالثة، فهي للولايات المتحدة التي تعمل في هذه الآونة على كسر «الحصرية الإسرائيلية» على مجالات الفعل في المنطقة، وهي ذات شقين، الأول موجه للقوى و«اللوبيات» الداعمة لاسرائيل داخل أروقة صناعة القرار الأميركي، ومفادها أن نتنياهو حريص على تحقيق مصالح «اسرائيل العظمى»، ثم هاهي نتائج الدعم الذي قدمتموه تتكشف في الميدان، والثاني موجه للإدارة الأميركية التي تمارس ضغوظا، وإن كانت لا تزال من النوع «الناعم»، بهدف «قولبة» القرار الإسرائيلي، والدفع به للسير وراء الإسترتيجيات الأميركية في المنطقة، ونتياهو، عبر زيارته تلك، أراد القول لتلك الإدارة أن العلاقة القائمة ما بيننا هي «التحالف» لا «التبعية».

لماذا تحظى شقق التقاعد الحديثة باهتمام متزايد؟

في مطلق الأحوال، تشكل «زيارة» رئيس الوزراء الإسرائيلي للجنوب السوري انتهاكا صارخا لسيادة الدولة السورية على أراضيها، وإذا ما كانت الحكومة السورية قد اكتفت بإصدار بيان أكدت من خلاله على إن «جميع الإجراءات التي تقوم بها اسرائيل في الجنوب السوري باطلة ولاغية، ولا ترتب لأي أثر قانوني وفقا للقانون الدولي»، فإن ذلك وحده لا يكفي، ولم يكن «القانون الدولي» في أي يوم من الأيام «درعا» للدفاع عن حقوق الشعوب أو الدول، ولا لعبت «الخرائط الملونة»، في أي يوم من الأيام أيضا، دور «المتراس» الذي يرد عن حدود هذي الأخيرة.

عبد المنعم علي عيسى -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا