الصحافة

ما خُفي من صراع بعبدا- معراب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تتعامل المكونات الداخلية مع الضغوط الخارجية على القطعة حيث تبدو العلاقة فيما بينها أشبه بمشهد معقّد تتداخل فيه الخطوط والمصالح تُعاد صياغتها يوميًا تحت وطأة التحديات المتسارعة. فالتوازنات التي حكمت مرحلة ما بعد الاستحقاق الرئاسي بدأت تتعرض لاختبارات قاسية، فيما تتكشّف خلف الكواليس صراعات حول النفوذ لا تقل خطورة عن المواجهات السياسية المعلنة. وفي هذا الإطار، تتصدّر علاقة بعبدا ومعراب واجهة المشهد، ليس بوصفها خلافاً عابراً، بل كمؤشّر على تصدّع أعمق في بنية الاصطفافات التقليدية، بما يحمل من تداعيات على موقع الرئاسة، ودور الحكومة، ومسار الملفات الوطنية الحساسة. هذه العلاقة باتت تعكس حجم التحديات التي تواجه الدولة في قدرتها على إدارة التوازنات، وحماية المؤسسات، ومنع انزلاق الخطاب السياسي نحو مربّعات التصعيد المفتوح.

وتقاطعت معطيات سياسية عدّة في الأيام الأخيرة لتؤكد أن العلاقة بين بعبدا ومعراب دخلت مرحلة حساسة، قد لا تبقى مضبوطة طويلاً إذا استمرّ منسوب الاشتباك السياسي على مستواه الحالي. فوفق مصادر مطلعة، فإن التواصل بين الجانبين ليس على ما يرام، وسط تراكم ملاحظات رئاسية بشأن أداء بعض الوزراء المحسوبين على معراب، وعلى رأسهم وزير الخارجية، الذي طاله انتقاد مباشر خلال جلسة مجلس الوزراء بسبب الشكاوى التي رفعها سفراء في الخارج حول غياب التنسيق خلال زيارات وفود رسمية لبنانية إلى دولهم.

وتشير المصادر إلى أنّ بعبدا تنظر بعين الريبة إلى ما تعتبره "محاولات تطويق للعهد" تقوم بها معراب عبر مجموعات قريبة منها في واشنطن. فهذه المجموعات، بحسب المعطيات، تزوّد محلّلين وإعلاميين بتقارير وصفتها المصادر بـ"المغلوطة"، بهدف الإيحاء بأنّ الجيش اللبناني بطيء في تنفيذ خطة سحب السلاح من حزب الله، وهو ما ترى فيه بعبدا استهدافاً مزدوجاً: للعهد، وللمؤسسة العسكرية التي تعتبر في صلب الاستقرار الوطني.
وتخشى المصادر من وصول العلاقة بين بعبدا ومعراب إلى نقطة الانفجار، بعد سيل الانتقادات المعلنة والمضمرة التي تخرج عن قيادات معراب، في وقت يصرّ رئيس الجمهورية على التعامل مع جميع الأطراف اللبنانية على قاعدة المساواة، وعلى قناعة ثابتة بأن حزب الله "حالة لبنانية" لا يمكن تجاوزها إلا بالتفاهم، لا بالفرض. فرئيس الجمهورية يعتبر أنّ الخيار العسكري الذي كان ينتهجه الحزب أصبح من الماضي، لكنّ اخراج الحزب من هذا المبدأ لا يُفرض بالقوة السياسية، بل بالبحث عن أرضية مشتركة.

في المقابل، تؤكد المصادر نفسها أن بعبدا تعمل على نزع الألغام الداخلية، وأنّ التفاهم بين الرئيسين عون وبرّي قطع شوطاً كبيراً خلال الأسابيع الماضية. وتكشف أنّ حزب الله "أصبح على قناعة بخطاب بعبدا"، وأن ما تبقى هو "عملية إخراج" سياسية تضمن تثبيت التفاهمات وتخفيف الاحتقان الداخلي. لكن معراب تواصل التصويب على بعبدا من بوابة سلاح الحزب، معتبرة ذلك مادة انتخابية أكثر مما هو مقاربة واقعية للحلول المطلوبة في الملفات الداخلية المتأزمة.
الاشتباك السياسي لا يمكن فصله عن السياق الأكبر، إذ يأتي في وقت يحاول فيه الرئيس جوزاف عون إعادة تعزيز صورة الدولة من خلال نشاط دبلوماسي محكّم والمؤتمرات الدولية التي تستضيفها بيروت. ويسعى عون ليس فقط إلى تعزيز الدور الرسمي للبنان، بل أيضًا إلى مواجهة الحملات الداخلية والخارجية التي تستهدف تقويض مصداقية الدولة، وهو ما عبّر عنه بتحديد "النفوس السود" كمحاولات لتشويه الصورة العامة.

انطلاقا من كل هذا يمكن التأكيد أن المسافة السياسية بين بعبدا ومعراب تتسع، فيما التحديات الإقليمية والداخلية تضيق. وبين حسابات الداخل ورسائل الخارج، يبدو أنّ لبنان على أبواب مرحلة تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى خطاب هادئ، وتفاهمات ثابتة، ورؤية سياسية تتجاوز منطق الكباش التقليدي قبل أن يصبح الوقت نفسه جزءًا من الأزمة.

علاء الخوري -ليبانون فايلز

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا