ماذا بعد اغتيال الطبطبائي... وما هي الاستراتيجية الإسرائيلية في التصعيد؟
بدا أن إسرائيل رفعت مستوى التصعيد الذي تلوّح به ضد لبنان في الفترة الأخيرة، أكثر مما كان متوقعاً، وذلك بشنها عصر الأحد هجوماً على شقة في مبنى بضاحية بيروت الجنوبية؛ بذريعة اغتيال رئيس أركان "حزب الله" هيثم علي الطبطبائي، والذي يوصف بـ"خليفة فؤاد شكر الذي اغتيل في صيف العام الماضي".
واعتبر الإعلام العبري أن الاغتيال المزعوم، هو الأول لأرفع شخصية في حزب الله منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، واصفة طبطبائي بـ"الرجل الثاني في سلم قيادة الحزب"، مع العلم أن الاغتيالات التي يدعي الاحتلال أنها لشخصيات "ناشطة وميدانية بالحزب" في جنوب لبنان، لم تتوقف طيلة الفترة الماضية.
لماذا الآن؟
وبررت قراءات عسكرية وأمنية إسرائيلية أن تحديد ساعة الصفر للهجوم، جاء بناء على توفر معطيات عملياتية و"معلومة ساخنة" واردة من جهاز الاستخبارات "أمان" عن وجود رئيس أركان "حزب الله" في "شقة سرية" بضاحية بيروت، عدا عن ادعاءات إسرائيلية بأنه لو تم تأجيل الهجوم إلى كانون الأول/ديسمبر القادم، فإن الحزب سيكون أكثر حذراً؛ لأنه كان يتوقع أن المرحلة الثانية لتصعيد تل أبيب، ستكون فور استكمال اتفاق وقف إطلاق النار عامه الأول، وليس قبل ذلك.. وهو ما يعني أن دوائر الاحتلال الأمنية تذرّعت بأن التوقيت الحالي يضمن "عنصر المفاجأة" بشكل أكبر.
وقال المراسل العسكري للتلفزيون العبري الرسمي، إيال عاليما، إن الرواية الأمنية التي سمعها من قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن الاغتيال، تدعي أن استخباراته "تأكدت" في الأشهر الأخيرة، أن حزب الله "يقوم بجهود حقيقية وخطيرة لترميم قدراته، مما دفعها إلى تصعيد هجماتها في الأسابيع الأخيرة، وصولاً إلى تطورها باتجاه اغتيال رئيس أركان الحزب الأحد".
لكن عاليما أشار خلال إفادته التلفزيونية، بأن رواية الجيش تثير علامات استفهام كبيرة بشأن "مبررات" التصعيد ومراحله القادمة، رغم أنه قال إن جهات عسكرية أخبرته بالاستعداد لأيام قتال محدودة وكذلك لتجدد الحرب الواسعة، لكن عاليما أوضح أن إسرائيل غير معنية بقتال واسع، وأنها نفذت الاغتيال على ضوء "مراهنة أجهزتها الأمنية" على فرضية استبعاد الرد الكبير من الحزب، وأنه قد يلجأ إلى رد "محدود" الحد الأقصى، بدعوى أن "خياراته صعبة".
زامير حدد اجتماعا مسبقاً.. للتمويه
وفي ما بدا تمويهاً، حدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير موعداً مسبقاً للقاء ضباط بالجيش الإسرائيلي عند الخامسة من مساء الأحد، في سياق عملية المحاسبة للضباط عن "تقصيرهم ومسؤوليتهم" عما جرى في هجوم 7 تشرين أول/أكتوبر 2025، ثم سارع زامير إلى إلغاء اللقاء بعد وقوع الهجوم على الضاحية وتنفيذ الاغتيال المزعوم.
كما أضافت وسائل إعلام عبرية ادعاءاً آخر للتصعيد الآن، رغم الترويج الأمني الإسرائيلي خلال الأيام الماضية، بأنه سيكون بعد استنفاد الوقت الممنوح للحكومة اللبنانية، لـ"إثبات" قدرتها على نزع سلاح حزب الله، حيث زعمت أن قناعة تولدت لدى أميركا كما إسرائيل، على ضوء معطيات أمنية، بأنه "لا جدوى من منح فرص"؛ بدعوى أن الدولة اللبنانية "غير قادرة على أداء مهمتها"، وأن الحزب يسارع الخُطى لبناء ذاته.
ولكن، ماذا بعد الاغتيال؟ وما هي الاستراتيجية الإسرائيلية في التصعيد؟
الحال أن المراسلين العسكريين الإسرائيليين، وحتى المواقع المقربة من الاستخبارات الإسرائيلية، لم يفصلوا كثيراً بشأن شكل ومضمون الخطة الخاصة بلبنان، لكن أقلاماً مقربة من الأمن الإسرائيلي، أشارت إلى بعض ملامح الخطة، قائلة إنها تقوم على اغتيال شخصيات مركزية ومحورية داخل الحزب، وأخرى إيرانية يُزعم أن لها دوراً في عملية مساعدة الحزب على إعادة بناء قدراته، مروراً باستهداف مصانع ومخازن أسلحة في البقاع وبيروت ومناطق أخرى، أي أنها تبدو خطة متدحرجة.
وهذا يعني، أن الاغتيال شكل إرهاصاً وإعلاماً بانطلاق مرحلة التصعيد الثانية، ويبدو أن العدوان الأكبر منذ نحو عام، قد فتح باباً أمام إدخال الضاحية ومناطق جديدة شمال الليطاني، في دائرة أهداف مرحلة جديدة للتصعيد الإسرائيلي، على ضوء توصيات أمنية إسرائيلية بضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة من "تحجيم حزب الله"؛ لتقويض الحزب بشكل أكبر، وأيضاً لمنع سيناريو تحول المعادلة إلى "استنزاف للجيش الإسرائيلي" بدلاً من "استنزاف الحزب".
ولا يُستبعد أن يكون الاحتلال راغباً بجر حزب الله إلى مواجهة جديدة، لتبرير توسيع دائرة الأهداف التي يُروّج لتمكنه من تحديث بنك معلوماته عنها طيلة الفترة الماضية، غير أنّ المراسل العسكري لهيئة البث العبرية، أوضح أن تقديرات الأمن الإسرائيلي تشير إلى أن الحزب لن يرد في هذه المرحلة على هجوم الضاحية، ولن يطلق صواريخ باتجاه إسرائيل رغم اعتباره ما جرى "تجاوزاً للخط الأحمر"، لكنه نوه أيضاً الى أن الجيش الإسرائيلي يستعد أيضاً لسيناريو رد سريع وكبير من الحزب، حتى لو كان "ضئيلاً الآن".
تصعيد.. مع استمرار الاتفاق
بدوره، قال باحث استراتيجي إسرائيلي للإذاعة العبرية الرسمية "مكان" إن الردود الدراماتيكية تجري في الإعلام فقط، وأما على الأرض، فإن إسرائيل "هي المبادرة والمتحكمة بإيقاع الميدان".. معتبراً مع ذلك أن اتفاق وقف إطلاق النار ما زال قائما؛ نظراً لـ"تمسك" الولايات المتحدة به وتدخلها بعد هجوم الضاحية، باعتباره مرتبطاً باتفاق غزة وملفات أخرى بالمنطقة، على حد زعمه.
بدوره، قال محلل الشؤون السياسية لهيئة البث العبرية، شمعون آران، إن هناك قلقاً أميركياً من انهيار الاتفاق، وأن واشنطن تُجري اتصالاتها من أجل ذلك.
وادعى آران أنّ إبلاغ إسرائيل لواشنطن بعملية "الاغتيال"، جاء بعد التنفيذ وليس قبله، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة تعلم مسبقاً بنية إسرائيل تصعيد هجماتها على لبنان، وأن هناك تنسيقاً أميركيا وإسرائيلياً مستمرا بخصوص جبهة لبنان ومواضيع أخرى.
أدهم مناصرة- المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|