الصحافة

ردّنا على حرب الأعصاب الأميركية ـ "الإسرائيليّة"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بضوء أخضر من الرئيس دونالد ترامب شخصياً، الضربة تلو الضربة ضد حزب الله، بالضغط النفسي والضغط الدموي، لاستدراجه الى الحفرة التي لا قيام بعدها، أي بالرد بالصواريخ التي لا دور لها الآن، ولا اعطاء الفرصة الذهبية لبنيامين نتنياهو، من أجل استئناف الغارات المجنونة على سائر المناطق التي تتواجد فيها "البيئة الحاضنة"، لكي يستسلم الحزب ويقبل بـ "الشروط الاسرائيلية" التي من أهمها الخروج من لبنان، ربما بصحبة الطائفة التي باتت تعتبر من بعض العرب، ومن بعض اللبنانيين ـ ان لم يكن أكثرهم ـ عالة على التوازن الداخلي...

ولكن اذا كانت مصر قد أقفلت الصحراء بالدبابات لمنع انتقال سكان غزة اليها، وبعدما أبلغت واشنطن بأن تطبيق "الخطة الاسرائيلية" يهدد النظام بالاهتزاز وحتى بالسقوط، واذا كان ترحيل الطائفة الى سوريا يعني الاستقبال بالسواطير، من تراه يستطيع أن يقفل البحر في اتجاه الصومال وجنوب السودان؟

الورقة القوية في يد حزب الله الآن هي المقاومة النفسية. واذا كان أصحاب الرؤوس الحامية يرون في الاستنزاف اليومي للطاقات البشرية للحزب، أكثر كارثية من الحرب، فهذا ليس دقيقاً بالاختبار السابق، الذي أظهر مدى الدور الجهنمي للطيران الاسرائيلي، وبتهليل من غالبية الدول الغربية، ومن غالبية الدول العربية، ناهيك عن غالبية القوى السياسية والطائفية في الداخل اللبناني.

هذا على اعتبار أن الشيعة اللبنانيين محسوبون على ايران، وهذا خطأهم المدمر كما يدّعون، بالرغم من أن تاريخهم يثبت ولاءهم المطلق لأرضهم. أما علاقتهم بالجمهورية الاسلامية، خارج الخط الديني، فقد فرضتها عليهم السياسات الاسرائيلية، وبالغياب الكامل للدولة اللبنانية عمّا كان يحدث على أرض الجنوب، اضافة الى الدور الذي اضطلع به الايرانيون بتقديم السلاح والمال الى المقاومة لاجتثاث الاحتلال الاسرائيلي، بعد سنوات طويلة من الاذلال والقتل والاقتلاع وما شاكل ذلك.

الضغط النفسي "اسرائيلياً" وأميركياً في ذروته. عليكم أن تتصوروا مدى الفظاظة في لغة دونالد ترامب، تعليقاً على اغتيال القيادي في"حزب الله هيثم طبطبائي، والاستمرار في اطلاق التهديدات. انه الرجل الذي لاحظنا كيف ينحني، وكيف ينكسر أمام الأقوياء. هو الذي هدد بازالة كوريا الشمالية نووياً من الوجود، ما لبثنا أن رأيناه يرقص التانغو مع كيم جونغ ـ أون. وبعدما شن حملة هوجاء على زهران ممداني، موجهاً اليه أبشع النعوت، ومستنفراً يهود نيويورك ضده، ما لبث أن استقبله بحرارة في البيت الأبيض، كما لو أنه الصديق القديم، وان كان يعلم أن ممداني ليس بالرجل الذي يتداعى أمام عبارات التملق. وصف ترامب بالفاشي، وها هو بعد اللقاء يصفه بالفاشي...

الضغط النفسي اياه ينعكس في تبني ترامب المطلق للسياسات الوحشية، التي تنتهجها الدولة العبرية، فيما يعلن "الجيش الاسرائيلي" بدء مناورات على مستوى قيادة الأركان للتعامل مع حالة حرب، لتعلن اذاعة "الجيش" عن قرار بوضع منظومة الصواريخ الدفاعية في شمال البلاد على أهبة الاستعداد. في نظرنا، اذا كانت "حرب الاسناد" بالدافع الأخلاقي أو الديني أو القومي، خطأ استراتيجياً، فان أي مبادرة عسكرية الآن بمثابة خطيئة وجودية، بعدما لاحظنا كيف نشحذ السكاكين في الداخل والخارج استعداداً للحظة الانقضاض. وهنا النكبة الكبرى بعد الكارثة الكبرى. وما أدراك ما هي النكبة الكبرى!...

بطبيعة الحال، هناك من يعتقد، وهو محق في اعتقاده، أن نتنياهو ليس بحاجة الى ذريعة لاستئناف الحرب. وما يحدث الآن لكأنه استعادة للسيناريو الذي أفضى الى الحرب السابقة. ولكن ثمة مؤشرات اسرائيلية وأميركية على السواء، بأن الحملة الحالية تتوخى الضغط من أجل فرض التفاوض على لبنان ، حتماً في اتجاه السلام الشامل، على شاكلة ما تم ابلاغه الى دمشق. وكما يبدو أن رئيس الحكومة نواف سلام، وأكثرية الوزراء، يدفعون في اتجاه التفاوض، حتى أن البعض لا يعنيهم أن نذهب عراة الى المفاوضات. ولكن ألم تثبت التطورات، وسوريا الشقيقة شاهد على ذلك، أي نوع من السلام يريده ترامب ويريده نتنياهو.

من لا يعلم كيف تدار الحكومة، وباصابع من، وان كنا على قناعة بأن الاختلال في موازين القوى أكثر من أين يكون مروعاً ، ولكن من تراه يقبل بالمنطقة العازلة، وباعلان الجنوب منطقة منزوعة السلاح، بل كل الدولة اللبنانية منزوعة السلاح؟ باختصار وضع الدولة اللبنانية، كما هي الحال مع اتفاق 17 أيار 1983، تحت الوصاية الاستراتيجية الاسرائيلية...

ولكن حين نكون دون أي غطاء، ومثلما كانت غزة دون غطاء لتتحول الى مقبرة، قبل أن يقيم دونالد ترامب فوق جثث أطفالها "ريفييرا الشرق الأوسط". ما هي الأوراق التي بايدينا ونحن، وقلناها كثيراً، القصاصات البشرية التي يمكن لعود ثقاب ازالتها من الوجود، سوى الرهان على ديبلوماسية الظل التي تتعثر حيناً وتستعيد زخمها حيناً آخر...

بكل وضوح لا لغة الصواريخ تجدي، ولا لغة القفازات الحريرية، ما دمنا على تصدعنا الراهن، والذي وصل الى حد استخدام كلمات مهينة من رئيس أحد الأحزاب المسيحية في التعليق على الخطاب الاستقلالي للرئيس جوزف عون، ليبدو أن ما يجري حرب أعصاب، المنتصر فيها مَن يعض كثيراً على الجراح. وان جراحنا لكثيرة!!

نبيه البرجي - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا