الصحافة

فضل شاكر: المحاكمة العلنية تفرض التأجيل

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مثل الفنان فضل عبد الرحمن شمندر، المعروف بفضل شاكر، أمام المحكمة العسكرية للمرة الأولى أمس، في جلسة لم تتعدَّ الدقائق العشر، بعد أكثر من عقد على بدء ملاحقته وصدور أحكام غيابية بحقه.

وخلافًا لما كان متوقعًا بأن يبادر فضل إلى مواجهة المحكمة لإثبات براءته من الجرائم المنسوب إليه ارتكابها، ومن خلال المحكمة تنقية صورته أمام الرأي العام الكبير في لبنان وفي أنحاء العالم التواق للتصفيق معه للحب والسلام من جديد، تسلّح شاكر بنظاراته "الطبية" الداكنة لمنع تحديق المحكمة بعينيه. وثانيًا، من خلال إصرار وكيلته القانونية أماتا مبارك على جعل الجلسة سرّية وحجب حيثيات المحاكمة عن جمهور فضل الكبير، مفوّتة عليها أن الحكم الأعلى والأسمى في لبنان يبقى منقوصًا، لا بل منعدم الوجود، ما لم يصدر باسم الشعب اللبناني.

عند الساعة العاشرة والربع، أُحضر فضل شاكر من وزارة الدفاع إلى المحكمة العسكرية، لتبدأ جلسة محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد وسيم فياض عند الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق. وقبل استدعاء فضل، تقدّمت وكيلته القانونية أماتا مبارك بطلب تحويل جلسة المحاكمة، التي حضرها عدد من الزملاء الصحافيين، إلى سرّية. ومع عدم تجاوب الرئاسة معها، طُلب إحضار فضل، وما إن وطأت قدماه أرض المحكمة حتى بادر رئيس المحكمة إلى طلب رفع نظاراته الداكنة، فواجهه شاكر ووكيلته بأنها موضوعة لدواعٍ طبية.

ومع طلب المحكمة من فضل التعريف عن نفسه والإدلاء بكامل هويته، تبيّن وجود تضارب في تدوين هويته وتاريخ ميلاده بين الدعاوى الأربع التي يُحاكَم بها. وبعد مشاورة النيابة العامة الحاضرة في الجلسة، طُلب تصحيح وتوحيد الوثائق المعتمدة في تبيان هوية فضل. وأعطى رئيس المحكمة الكلام لوكيلة فضل القانونية أماتا مبارك، التي طلبت الاستمهال قبل المباشرة في استجواب شاكر إلى حين الاطلاع على ملفات الدعاوى التي سيُحاكَم بها موكّلها.

طلبٌ سقط كالصاعقة لعدم توقع أن يأتي تطيير الجلسة من الجهة التي تسعى إلى تبيان براءتها. إذ كان من شأن المباشرة في محاكمة فضل، أن تفتح فصلًا قضائيًا جديدًا يعيد تنقية وتصويب الجرائم المتهم بارتكابها، مع سقوط كل الأحكام السابقة بمجرد تسليم شاكر نفسه لمخابرات الجيش في الخامس من تشرين الأول الماضي.

إلّا أن الشروع في محاكمة فعلية وعلنية لشاكر، لم يَرُق لوكيلة الدفاع عنه، ولا يمكن وضعه سوى في إطار محاولتها عدم مكاشفة الرأي العام بجدية وصوابية المحاكمة التي يخضع لها، وسط تزايد الحديث عن تسوية ما سبقت تسليم شاكر نفسه إلى العدالة.

ومع إرجاء رئيس المحكمة العميد وسيم فياض الجلسة إلى 3 شباط 2026، حاولت مبارك تدارك الأمر وطلب تقريب الموعد، إلا أن طلبها لم يُستجب لامتلاء جدول المواعيد المحدد مسبقًا في العسكرية قبل بداية شباط 2026.

ووفق وثائق جلسة المحاكمة، فإن فضل عبد الرحمن شمندر، المعروف بفضل شاكر، يواجه أربع دعاوى ارتُكبت على الأراضي اللبنانية وفي تواريخ لم يمرّ عليها الزمن:

- الأولى، أقدم مع آخرين في 23 حزيران 2013 على تأليف مجموعة مسلّحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، والتعرّض للمؤسسة العسكرية، واقتراف فعل بقصد إثارة عصيان مسلّح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور، ونقل سلاح حربي دون ترخيص، والتحريض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة، ومحاولة قتل ضباط وعناصر من الجيش اللبناني أثناء قيامهم بالوظيفة، والتدخل في جرمي حيازة مواد متفجّرة والقيام بأعمال إرهابية.

- الثانية، التدخل في الأعمال الإرهابية الجنائية التي اقترفها إرهابيون مع علمه بالأمر، عبر تقديم خدمات لوجستية إليهم.

- الثالثة،  أقدم بتاريخ 14 تشرين الثاني 2014 على إجراء مقابلة صحافية من داخل مخيم عين الحلوة، أدلى خلالها بأقوال تهدف وتؤدي إلى تعكير صِلات لبنان بإحدى الدول العربية، وإثارة النعرات الطائفية، والمسّ بسمعة المؤسسة العسكرية.

- الرابعة، أقدم على تمويل مجموعة "الأسير" المسلّحة، والإنفاق على أفرادها، وتأمين ثمن أسلحة وذخائر حربية.

ورغم التأجيل، فإن المحكمة التي سبق وأصدرت أحكامًا غيابية قضت بسجن فضل بين 5 و15 عامًا ستكون أمام مسار إجرائي مختلف عن المرحلة التي صدرت فيها تلك الأحكام. فتسليم فضل نفسه، أخرج ملف إدانته من حالة "الإدانة الغيابية" إلى إطار المحاكمة الفعلية، ما أعاد ترتيب هيكلية القضية من الأساس. فالمحكمة باتت ملزمة بالنظر في الأدلة من جديد، بعيدًا من الظروف السياسية والأمنية التي أحاطت بمرحلة ما بعد أحداث عبرا عام 2013، وهي الظروف التي أثرت في توصيف جرائم ارتبطت بالإرهاب والتمويل والمشاركة في الأعمال المسلحة.

وسيُجرى التعامل مع الملف اليوم على قاعدة أن عبء الإثبات يقع على الادعاء، وأن أي إدانة يجب أن تستند إلى أدلة مباشرة. وهذا التحوّل ليس تفصيلًا إجرائيًا، بل نتيجة مناخ قضائي وسياسي مختلف، خصوصًا مع الاتجاه السائد لإعادة تقييم توصيف الجماعات المسلحة في ضوء المتغيرات الإقليمية، وما رافقها من مراجعة لملفات موقوفين آخرين جرى اتهامهم بالارتباط بجماعات تغيّر توصيفها القانوني والسياسي لاحقًا.

وبينما يصعب توقع مسار وتوقيت تسوية قضية فضل شاكر، بات واضحًا أن المحاكمة الحالية تُعدّ المرحلة الأولى في عملية إعادة تقييم واسعة لملفات كانت لعقدٍ من الزمن محكومة بخيارات سياسية أكثر منها قانونية. وفي هذا الإطار، تبدو جلسات شاكر القادمة مؤشرًا إلى كيفية تعامل المحكمة مع قضايا مشابهة، وإلى ما إذا كانت ستتمكن من ترسيخ مقاربة جديدة تُخضع الاتهامات لأدلة واضحة، وتفصل للمرة الأولى بين الوقائع والتأويلات التي لطالما أثقلت هذا الملف.

طوني كرم - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا