عندما يكشف إيلون ماسك المستور في لبنان... والعالم!
في زمنٍ تُنسج فيه الكثير من القصص والروايات في الغرف المُظلمة وخلف شاشات صغيرة، تحوَّلت المعارك والاشتباكات السياسيّة بين المواطنين من الشّوارع الى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً منصّة "أكس" التي تشهدُ حروباً حقيقيّة يتخفى وراءها جنودٌ مأجورون، يشنّون هجمات عبر سلسلة منشورات، يصنعون "هاشتاغ"، يُطلقون "تراندات"، يهاجمون صحافيّين وسياسيّين، ويهدّدونهم في بعض الأحيان، ويعملون على توجيه الرّأي العام وفق أجندات مشغّليهم. ولكن، بعد قرار مالك "أكس" إيلون ماسك الأخير بإصدار ميزة تكشف تفاصيل عن مواقع حسابات المُستخدمين، تحوّل موقعه الى ساحة تُكشف فيها الكثير من الفضائح هذه المرّة أمام عيون العالم أجمع. ولكن ما تأثير هذه الميزة على الواقع اللبناني؟
ما تشهده منصّة "أكس" اليوم أعاد إلى الضوء ملفّ "الذباب الإلكتروني" الذي بات في السنوات الماضية لاعباً أساسياً في الساحة السياسيّة اللبنانيّة. هذه الظاهرة التي تُعرف أيضاً بـ"الجيوش الالكترونيّة"، تحوّلت إلى سلاح رقميّ كامل في لبنان يُستخدم لتوجيه الجماهير، ومُحاربة الخصوم، وصناعة واقع افتراضيّ يُصبح الحدث أحياناً. وقد تبيّن أن الكثير من الحسابات التي تنشط باسم لبنان أو جهات لبنانيّة، مصدرها هو الخارج، ما فضح الكثير من الصفحات المزيّفة والمضلّلة التي كانت تبثّ الفتنة بين اللبنانيّين. وفي هذا السيّاق، يؤكّد المستشار في الإعلام الرقمي والتواصل بشير تغريني عبر موقع mtv أنّ "هذه الميزة تؤمّن نوعاً من الارتياح لروّاد هذا الموقع لجهة معرفة من أيّ بلد يتم التعرّض لهم أو التنمّر عليهم كما يحصل مع عدد كبير منهم في لبنان ما يُظهر جزءاً من الحقيقة، وهي تمثّل أهمية كبرى للسياسيّين الذين يتعرّضون لهجوم إلكتروني من بعض المُتابعين، وبالتالي بات بإمكانهم معرفة من أيّ بلد يأتي التهجّم والمصدر الحقيقي "للجيش الإلكتروني"، ولكن العبرة هي في ملاحقة أو محاسبة أصحاب هذه الحسابات المزيّفة وليس معرفة مكانهم فقط".
في لبنان، لا يُعتبر "الذباب الإلكتروني" مجرّد فوضى رقميّة، بل هو عملٌ سياسي ممنهج في بعض الأحيان تُشارك فيه جهات حزبيّة، وإعلاميّة، وحتى شخصيات "مؤثّرة"، كلٌّ لأغراضه الخاصة. والمفارقة هي أنّ بعض الأحزاب يملك فرقاً رقميّة كاملة في الداخل والخارج تعمل وفق ساعات دوام وتوزَّع المهام بينها للوصول الى الهدف المرجوّ إلكترونيّاً. بالإضافة الى ذلك، ينشط "الذباب الإلكتروني" على شكل مجموعات كبيرة من الحسابات، معظمها وهميّة، لديها مجموعة من الأهداف من بينها نشر روايات سياسيّة محددة، وخلق "تراندات" مصطنعة، ومهاجمة الأصوات المعارضة، وتضليل الرأي العام، وتُدار هذه الحسابات عبر برامج نشر سريع، وغرف عمليات تتابع الأحداث وتصدر أوامر يوميّة بتوجيه الحملات على المواقع، فما غاية ماسك الحقيقية عبر هذه الخطوة؟
يقول تغريني "تُحارب هذه الميزة "الذباب الالكتروني" والحسابات الوهميّة والروبوت الذي يعمل جزءٌ من "الذباب الالكتروني" من خلاله، وبات بإمكان السياسيّين وخصوصاً في الولايات المتّحدة الأميركية معرفة من أين يُهاجمهم أو ينتقدهم البعض، وقد تبيّن أن الكثير من الحسابات في هذا الإطار هي من خارج الولايات المتحدة الأميركية ما يُريح هؤلاء كون خصومهم ليسوا من أبناء بلدهم"، مشيراً الى أنّ "الحرب الالكترونيّة باتت أكثر شفافية اليوم، وقد يكون هدف ماسك، بعد إتاحة هذه الميزة، معرفة من سيعارضه أو يهاجمه إن قرّر الترشّح للانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة المقبلة وإظهار الحقيقة للنّاخبين ما سيرفع من حظوظه".
وفي الختام، يعتبر تغريني أنّ "السؤال الأساسيّ هو لماذا لم تحذف شركة "أكس" تلقائيّاً الحسابات الوهمية طالما أنها كانت تعرف هذه التفاصيل قبل إتاحة هذه الميزة للجميع؟ وهل ستلغي حسابات "الذباب الإلكتروني" بعد تبيان الحقائق وورود شكاوى؟ والأهم، هل ستصبح هذه الميزة متوفّرة في مواقع أخرى كـ"إنستغرام" مثلا؟".
الأكيد أنّ الإجراءات التقنيّة الأخيرة على منصّة "أكس" مهمّة جدّاً، ولكنها غير كافية. فشبكات الذباب قادرة على إعادة فتح حسابات جديدة من البلدان الأساسيّة وتغيير أسلوب التخاطب عبر حسابات حقيقيّة تُدار مركزياً ما يجعل المعركة جزءاً من حرب طويلة أساسها الوعي الجماعي. وأمام هذا الواقع، يبقى هذا الإجراء، رغم أهميته، نقطة في بحر أمام شبكة قادرة على إعادة إنتاج نفسها خلال ساعات، وربّما دقائق!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|