أسرار المبادرة المصرية: هواجس ضربة إسرائيلية حدودها الأعياد
على مستوى وزير خارجيتها بدر عبد العاطي، تفعّل مصر دورها الساعي إلى احتواء الأزمة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان. وقد استبقت إسرائيل الزيارة التي يفترض أن تحمل استكمالاً للمبادرة المصرية، بعدوان إسرائيلي على ضاحية بيروت، انتهى إلى اغتيال رئيس أركان حزب الله هيثم الطبطبائي. الربط بين العدوان والمبادرة جائز سياسياً، أقله من قبل حزب الله الذي سبق له أن تسلّم المبادرة المصرية قبيل وصول وزير الخارجية ليسجل ملاحظاته بشأنها، وهو بالمناسبة لا يطلق على الصيغة التي تلقاها تسمية مبادرة كاملة؛ بل إنها مجموعة أفكار عُدّلت بناء على مشاورات جرت إبان زيارة رئيس الاستخبارات المصري حسن رشاد، ثم تم التشاور بشأنها مع دول معنية أخرى قبل أن ترسل مجدداً إلى حزب الله.
فخلال زيارة رشاد الأخيرة، تلقى حزب الله مجموعة أفكار أولية نوقشت، وقد تعاطى معها على أنها بادرة حسن نية من المصريين، لكنها بقيت مجرد أفكار لم تكن ترقى إلى مبادرة كاملة. وبالرغم من ذلك، حمل الموفد ملاحظات حزب الله للتشاور بشأنها مع إسرائيل والولايات المتحدة.
اليوم، ومع زيارة وزير الخارجية المصري إلى لبنان، يتوقع أن تكون الأفكار المصرية قد تبلورت إلى مبادرة مطروحة للنقاش. وتؤكد مصادر اطلعت على ورقة العمل المصرية أن ما ورد فيها عبارة عن مجموعة أفكار ليست واضحة تماماً بعد، وإن كانت أشبه بروحية مبادرة صيغت بطريقة تضمنت تعديلاً للأفكار التي سبق وطرحت بالتزامن مع زيارة رشاد.
في ورقة الأفكار السابقة التي اقترحتها مصر، جرى الحديث عن وقف الأعمال المسلحة ضد إسرائيل من قبل حزب الله، وتجميد استخدام السلاح، يستتبع بإطلاق الأسرى ووقف العدوان والانسحاب التدريجي من النقاط التي لا تزال تحتلها إسرائيل. لكن المقترح الجديد تضمن تعديلات على الصيغة الأولى، وقد صيغ، وفق ما تقول مصادر، بالتنسيق مع الأميركي والسعودي والإسرائيلي.
المصادر المطلعة قالت إن ثمة نقطة أساسية قد أضيفت على الورقة المصرية، لكنها ليست واضحة بعد وتحتاج إلى مزيد من التفصيل بالنظر إلى حساسيتها، وقربها من الاقتراح الإسرائيلي، إذ تطرح فكرة لها علاقة بإتمام مرحلة سحب السلاح من جنوب الليطاني ثم شماله.
مصادر مطلعة على مضامين الورقة قالت إنها تتضمن أفكاراً جديدة ستطرح لاستمزاج آراء الأطراف المعنية بشأنها، ومن بينها حزب الله، لتشكل نواة مبادرة. كاشفة أن الجانب المصري كان قد استكمل اتصالاته مع السعودي والإسرائيلي والأميركي لصياغة الأفكار العامة التي يحملها.
لكن السؤال: لماذا استبقت إسرائيل زيارة وزير الخارجية المصري باستهداف الضاحية واغتيال الطبطبائي؟ وهل تقصد من ذلك دفع لبنان إلى قبول ما ورد فيها تحت النار؟ أم أن المبادرة فيها ما يرضي تل أبيب فأرادت التحضير لها بالنار؟ وبمعنىً آخر، هناك احتمالان: إما أن العدوان جاء تسويقاً للمبادرة، أو لتعطيلها. وفي كلا الحالين تريد إسرائيل فرض حلول تحت النار لتفرض ما يتناسب مع سياسة رئيس حكومتها في تطبيق الاتفاقيات على نحوٍ يكون أقرب إلى تنفيذ اتفاق غزة.
تطمح مصر للعب دور العرّاب لاتفاق وقف نار حقيقي بين لبنان وإسرائيل، وتشترط لذلك تجميد حزب الله لعملياته ضد تل أبيب لفترة أشهر، تتأمن بعدها حصرية السلاح بيد الدولة وتُنفّذ بنود الاتفاق الأخرى تدريجياً، وهو ما سبق وأجاب عنه حزب الله بالقول إنه ومنذ وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان فهو يلتزم وقف العمليات واتفاق وقف النار، في حين تواصل إسرائيل خروقاتها له، وأن شرطه لأي اتفاق هو وقف إسرائيل أعمالها العدوانية ضد لبنان.
في المرحلة الثانية، بعد الاتفاق على الأفكار، تعرض مصر استضافة الوفود للتفاوض على أرضها بوجود ممثلين عن الدول المعنية بالاتفاق، ومعهم ممثلو دول اللجنة الخماسية. لا يمانع حزب الله دور الخماسية، لكنه لا يعتبر أن اتفاق غزة قد نجح ليبني عليه، على الرغم من ذلك يتعاطى مع الوساطة المصرية بإيجابية وينفتح على بلورة الأفكار المطروحة، وإن كان ضمناً يتوجس من التزام إسرائيل وتساوره شكوك حول مدى التزامها بأي اتفاق، بدليل خرقها المتواصل لاتفاق وقف النار منذ التوصل إليه قبل عام من اليوم.
الأمور قيد البحث، ولكن يفترض أن وزير خارجية مصر سيسوق لأفكار بلاده لدى المسؤولين، وسيحمل رداً لبنانياً، خصوصاً وأن حزب الله أعد رده على ما تسلمه. والأمور مرهونة بخواتيمها.
خلال مأدبة عشاء أقيمت على شرفه وحضرها حشد من السياسيين، التزم وزير خارجية مصر التكتم على مبادرة بلاده، لكن اللافت كان، وفق ما نقل مصدر نيابي مشارك، تحذيره من أن الأزمة الحالية بين لبنان وإسرائيل، إذا لم تُحل، فسيكون لبنان موعد مع حرب قريبة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، وهنا تكمن القطبة المخفية في تهديد إسرائيلي جديد للبنان تنقله مصر.
غادة حلاوي - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|