"مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك" للفصل الثالث: انتعاش خجول
بحثًا عن توازن سياسي جديد... سوريا تناور بين واشنطن وبكين
تعكس الخطوات السياسية التي اتخذتها الحكومة السورية بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد توجّهًا نحو اعتماد مقاربة خارجية متوازنة، تقوم على الانفتاح على مختلف القوى الدولية. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أكد في تصريح صحافي بتاريخ 13 أيلول الماضي أن حكومته تسعى إلى بناء علاقات متوازنة وتجنّب الانخراط في الصراعات الدولية.
وفي هذا الإطار، أوفدت الحكومة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بكين لإجراء مباحثات رسمية، وذلك بعد أقل من أسبوع على لقاء جمع الرئيس الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض في 10 تشرين الثاني 2025. ويشير هذا التسلسل إلى محاولة سوريا الاستفادة من التنافس الدولي القائم بين الولايات المتحدة والصين.
ويأتي ذلك في سياق تنافس سياسي واقتصادي واسع بين واشنطن وبكين، تصاعد خلال الأعوام الماضية، ولا سيما مع إطلاق الصين مبادرة "الحزام والطريق"، وردّ الولايات المتحدة بمشروع "طريق التوابل" في أيلول 2023. كما عقدت الصين أواخر 2023 اتفاق شراكة إستراتيجية مع الحكومة السورية آنذاك، شمل التعاون في مشاريع الربط السككي والبنى التحتية.
وتتجاوز الاعتبارات الصينية في سوريا الجوانب الاقتصادية إلى هواجس أمنية تتعلق بالمقاتلين الإيغور الذين شاركوا في القتال خلال السنوات الماضية، حيث تبحث بكين عن ضمانات تتعلق بدمجهم ومنع أي نشاط قد يشكل تهديدًا لها، فيما نفت مصادر سورية رسمية وجود نية لتسليمهم للصين.
من جانب آخر، تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على دورها في الساحة السورية. وقد نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في نيسان الماضي تقريرًا أشار إلى مخاوف أميركية من توسع النفوذين الروسي والصيني. وفي آب الماضي أعلن المبعوث الأميركي توماس براك خطة تهدف إلى منع تدفق السلاح إلى حزب الله عبر الأراضي السورية، في إطار مسار سياسي وأمني يتطلب تنسيقًا مع دمشق.
وتطوّر هذا التنسيق لاحقًا بعد انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في تشرين الثاني الجاري. كما أوضح مسؤولون أميركيون أن رفع بعض العقوبات عن سوريا جاء بناء على طلب من دول إقليمية بينها تركيا والسعودية وقطر.
وفي أواخر حزيران الماضي أصدر الرئيس ترامب قرارًا برفع العقوبات عن سوريا، مع الإبقاء على أسماء محددة قبل أن تعمل واشنطن لاحقًا على حذف أسماء الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة العقوبات الأممية. كما امتنعت الصين عن تعطيل قرار مجلس الأمن الذي أقر ذلك، في مؤشر إلى وجود تفاهمات ثنائية تم التوصل إليها خلال الاتصالات الأخيرة بين البلدين.
ولا تزال سوريا تواجه تحديات داخلية وخارجية معقدة ناجمة عن 14 عامًا من الصراع، من بينها حجم الدمار الكبير، واستمرار تأثير العقوبات الغربية، وتعدد الجهات المسلحة خارج إطار الدولة، إضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة داخل الأراضي السورية.
ورغم استفادة دمشق من التنافس الدولي بين واشنطن وبكين، تشير تقديرات سياسية إلى إمكانية تقلّص هامش المناورة مستقبلاً، سواء نتيجة ضغوط أميركية للحد من النفوذ الصيني، أو بسبب حاجة سوريا إلى دعم دولي واسع لإعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار على أراضيها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|