محليات

من برج البراجنة إلى كسروان… هجمة قضائية على أخطر عائلة ترويج مخدرات في جبل لبنان وبيروت

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن توقيف محمد.ع ووالدته مريم وشقيقته مايا مجرّد عملية عادية ضمن روزنامة ملاحقة مروّجي المخدرات، بل شكّل ضربة نوعية أصابت واحدة من أكثر الشبكات تمرّساً وسرّية في جبل لبنان، شبكة عائلية كانت تعمل منذ سنوات تحت الرادار، وتتحرك بخفة داخل الأحياء المكتظة، وتوسّع خيوطها من برج البراجنة والليلكي وصبرا وشاتيلا حتى بعبدا والحدث وصولاً إلى غزير وكسروان، وفق ما أظهرته التحقيقات الأولية.

 

هذه العائلة، المؤلفة من الأم والابن والشقيقة وابن الخالة الملقّب بـ"الهندي"، لم تكن تقوم بعمل عشوائي أو محدود، بل بنشاط منظّم يعتمد على توزيع الأدوار بدقة: محمد للترويج والتنفيذ، الأم للتوضيب والحسابات، والشقيقة للاتصالات وتنسيق الرسائل مع الزبائن. وهو النموذج الأخطر الذي تواجهه مكافحة المخدرات: عائلات صغيرة تعمل بسرّية تامة، لا تظهر للعيان، وتتحرك ضمن نطاق سكني مألوف بحيث تختفي الشبهات عن نشاطها.

 

غير أنّ هذا التمويه لم يصمد أمام "عين مكافحة المخدرات" في جبل لبنان، التي تابعت خيطاً صغيراً حتى انكشف كل شيء. والمفارز المختصة التي تعمل تحت إشراف النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامي صادر، كانت في الأسابيع الماضية قد عقدت اجتماعات متتالية ومكثّفة بدعوة منه، بهدف تنفيذ خطة أمنية حاسمة لضرب أوكار تجارة المخدرات، وملاحقة كبار المروّجين بقبضة حديدية، بعد أن أصبح الملف أولوية مطلقة على مستوى القضاء والأجهزة الأمنية.

 

القاضي صادر، المعروف بصرامته القانونية ومتابعته الدائمة للملفات المتعلقة بالمخدرات، أعطى توجيهات مباشرة بتنفيذ المداهمات دون أي تردد، وفتح خطّ متابعة يومي مع قادة المفارز، طالباً "تنظيف جبل لبنان من الشبكات التي تتخفّى خلف البيوت والعائلات والعلاقات". وكانت نقطة البداية الشقة المشبوهة في محلة المعمورة خلف أفران الوفاء – الطابق الثالث، والتي تبيّن أنها تُستخدم لتخزين المخدرات وتوضيبها قبل توزيعها.

 

وبناءً لإشارته، دهمت القوة الأمنية الشقة وأوقفت محمد.ع ووالدته مريم وشقيقته مايا، وتم ضبط كميات كبيرة ومتنوعة من الكوكايين وحشيشة الكيف والهيروين وحبوب XTC، إضافة إلى مبالغ مالية وهواتف وأكياس فارغة ودفاتر ورق لفّ السجائر، فضلاً عن مسدس من نوع "غلوك" كان موجوداً داخل المنزل.

 

وفي اعترافاته، كشف محمد.ع عن شبكة ممتدة تُظهر حجم الجريمة وخطورتها: فهو يتقاضى 80 دولاراً يومياً مقابل الترويج، ويعمل منذ 3 سنوات لصالح التاجر حسن.ز، فيما تقوم والدته بتوضيب المواد وإدارة الحسابات واستلام العائدات. واعترف أنه يزوّد تاجراً فلسطينياً في مخيم برج البراجنة يُعرف بـ"الدودو"، يعمل بدوره لصالح شخص آخر ملقب بـ"الهندي"، كما يسلّم المخدرات لرجل مجهول الهوية قرب بنك عودة عند مدخل برج البراجنة، يملك سيارة "أفنزا" فضية اللون. إضافة إلى محمد الموسوي الذي يعمل للتاجر الملقّب بـ"الهندي" ويتسلّم من المخدرات في منطقة الليلكي والكفاءات.

 

الشبكة التي تم كشفها، وبحسب حجم المضبوطات وتشعبات التوزيع، ليست مجرد "مجموعة" بل منظومة كاملة تعتمد على أكثر من نقطة تموين وتصريف، وتربط بين مروّجين لبنانيين وفلسطينيين وسوريين ومتوارين مجهولي الهوية، وبعضهم مطلوب بجرائم إضافية مثل زراعة المخدرات.

 

وبعد ادعاء القاضي سامي صادر على كامل المجموعة وفق المادتين 125 و127 من قانون 673/98، وطلبه توقيف الموقوفين وجاهياً وملاحقة المتوارين غيابياً، أصدر تعليمات بإرفاق الملف بمحضر إلحاقي يتضمن الاستماع إلى الموقوف نوح زعيتر، في خطوة إضافية ترسم منحى واضحاً: جبل لبنان لم يعد منطقة سائبة أمام تجار السمّ، وأن حقبة "غضّ النظر" انتهت.

 

هكذا سقطت واحدة من أخطر الشبكات العائلية في الضاحية وجبل لبنان، بعملية مركّبة جمعت بين المتابعة الأمنية الدقيقة والقرار القضائي الحازم، في سياق هجمة واسعة يقودها القاضي صادر على تجارة المخدرات، يبدو أنها ستكشف المزيد وتطيح بشبكات أخرى في الأيام المقبلة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا