انتبهوا… إسرائيل بكامل جهوزيتها

تؤكّد مصادر دبلوماسية مطّلعة أن المبادرة المصرية تشكّل واحدة من آخر المحاولات الجدية لضبط الإيقاع على الحدود الجنوبية قبل انزلاق الأمور إلى مرحلة جديدة من التصعيد. فالقاهرة، بحسب هذه المصادر، تتحرّك على خطّين متوازيين: محاولة احتواء اندفاعة إسرائيل نحو المواجهة الشاملة، ومحاولة دفع القوى اللبنانية إلى تبني مقاربة أكثر واقعية تفتح نافذة لحلول مرحلية. لكن المؤشرات المتراكمة توحي بأن الوقت يضيق، وأن المسار السياسي يقترب من لحظة حاسمة.

الدبلوماسيون العاملون في بيروت ينقلون صورة أكثر وضوحًا: إسرائيل في أعلى درجات الجهوزية العسكرية والسياسية لخوض حرب بلا حدود إذا رأت أن هذه الحرب هي الطريق الوحيد لفرض تسليم السلاح أو على الأقلّ إخراجه من المعادلة الحدودية. وتقول هذه الأوساط إن تل أبيب باتت مقتنعة أن الدولة اللبنانية، بمؤسساتها المتعثرة وواقعها المنهار، غير قادرة على التقدّم خطوة واحدة نحو فرض سلطتها على القرار الأمني. ولذلك، فإن أيّ رهان على اتفاق لبناني داخليّ يفعّل الحلول، بات بالنسبة إلى إسرائيل خارج الحسابات.

وتذهب هذه التقديرات أبعد من ذلك، فتشير إلى أن إسرائيل تعتبر اللحظة الإقليمية مناسبة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية كبيرة، مستفيدة من ضعف التموضع الإيراني بعد سلسلة الضربات التي تلقتها أذرع طهران في أكثر من ساحة، ومن رغبة واشنطن في إعادة رسم التوازنات من دون الانخراط المباشر في حرب مفتوحة. وهذا ما يجعل أي تطوّر ميداني صغير قابلًا للتحوّل إلى مواجهة واسعة.

في المقابل، يبرز الموقف الإيراني الذي عبّر عنه علي ولايتي بوضوح لافت: إيران مصرّة على عدم التخلّي عن سلاح "حزب اللّه"، وترى فيه جزءًا من منظومة الردع الإقليمي التي لن تتنازل عنها، حتى لو كان الثمن تعريض "الحزب" وبيئته لكارثة مضاعفة. هذا الإصرار، وفق المصادر نفسها، يكشف أن طهران تتعامل مع الملف اللبناني من بوابة معركة النفوذ، لا من بوابة حسابات الوضع الداخلي اللبناني أو حجم المخاطر التي قد يدفعها اللبنانيون.

وبين جهوزية إسرائيل وصرامة إيران، تجد الدولة اللبنانية نفسها خارج القرار، عاجزة عن المبادرة أو حتى عن ضبط الإيقاع الداخلي. ومع انكفاء المؤسسات وغياب القدرة على إنتاج رؤية موحّدة، يصبح لبنان مكشوفًا على احتمالات شديدة الخطورة. لذلك، فإن التحذير الدبلوماسي واضح: المنطقة تقف على حافة تحوّل كبير، ولبنان في أول الصفوف.

أسعد بشارة -نداء الوطن