موقف الشرع من النقاط الخمس لترامب...هل من قضايا عالقة؟
في شهر آذار الماضي، أرسلت وزارة الخارجية الأميركية إلى حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع ثمانية أسئلة أجابت عنها دمشق بالتفصيل.
وفي اجتماع الرياض في أيار الماضي الذي ضم إلى وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الجديد لسوريا أحمد الشرع، أُعيدت صياغة هذه النقاط فصارت خمساً هي الآتية:
- الانضمام إلى اتفاقات أبراهام مع إسرائيل، ومطالبة الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا، ومنهم الإرهابيين الفلسطينيين، ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور "تنظيم الدولة الإسلامية"، وتحمّل مسؤولية مرافق الاحتجاز التي تضم مقاتلين ومؤيّدين وأفراد عائلات تنظيم "الدولة الإسلامية" في الشمال الشرقي من البلاد. أمّا قضايا النقاط الثلاث التي لم يتم التعرّض لها في أيار الماضي وهي التحقيق في مصير الأميركيين المفقودين ومنهم أوستن تايس، ومعالجة مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية، ومواجهة أنشطة "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، فقد نُقلت إلى قنوات أخرى.
هل أُحرز تقدّم على صعيد تنفيذ النقاط المذكورة أعلاه؟ كيف؟ النقطة الثالثة المتعلّقة بترحيل الإرهابيين الفلسطينيين حقّقت دمشق في تطبيقها أكبر تقدّم، في رأي باحث أميركي جدي. ففي نيسان الماضي، اعتقلت قوات الأمن السورية قائدين من "حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني" هما خالد خالد وياسر الظفري. وبعد شهر، اعتقلت طلال ناجي رئيس فصيل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة".
وأفادت تقارير أن قادة "حركة الجهاد الإسلامي" غادروا البلاد كما غادرتها شخصيات رئيسية أخرى منها خالد جبريل ابن مؤسس "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" وخالد عبد المجيد الأمين العام لـ"جبهة النضال الشعبي الفلسطيني" وزياد الصغير الأمين العام لـ"فتح الانتفاضة". لكن مصادر سورية تقول إن ناجي والصغير لا يزالان في البلاد، ومكان وجود الجميع غير واضح. وهذه قضية خلافية لكل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
في ما يتعلق بالنقطة الرابعة، وهي مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور "تنظيم الدولة الإسلامية"، كثّفت السلطات السورية بوضوح جهودها لمكافحته. وأُحبطت بمساعدة الاستخبارات الأميركية مؤامرة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في كانون الثاني لتفجير ضريح السيدة زينب الشيعي في دمشق. وفي شباط وآذار اعتقل "جهاز الأمن العام" السوري أبو الحارث العراقي، وهو قائد كبير في "ولاية العراق" التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وتم تفكيك خلايا هذا التنظيم في بلدتي النعيمة وصنمين في محافظة درعا وخلايا أخرى بعد ذلك في حلب وريف دمشق.
وفي حزيران أعلنت الحكومة اعتقال أعضاء "تنظيم الدولة الإسلامية" كلهم، وهم مسؤولون عن تفجير كنيسة مار الياس الأرثوذكسية اليونانية في دمشق. وفي تموز اعتُقل أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف إدلب. وقد ساعدت الولايات المتحدة كثيراً في العمليات المذكورة كما في عمليات أخرى غيرها لا تقل أهمية. وفي مطالبة الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا، فإن سجلّ حكومة الشرع متباين. يعود ذلك جزئياً إلى مراجعة واشنطن في حزيران المعايير المتعلقة بكيفية تعامل دمشق مع المقاتلين الأجانب الذين ملأوا صفوف "هيئة تحرير الشام" وغيرها من جماعات المعارضة خلال الحرب الأهلية.
ففي 30 كانون الأول ذكرت "رويترز" أنه من خمسين مقاتلاً عيّنهم الشرع ووزارة الدفاع في أدوار عسكرية، مُنحت ستة مناصب لمقاتلين إسلاميين أجانب بما في ذلك الأويغور وأردني وتركي، الأمر الذي دفع إلى توجيه الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا تحذيرات إلى النظام السوري الجديد.
هل من قضايا عالقة؟ ما هي؟ النقطة الأولى هي الانضمام إلى "اتفاقات أبراهام" مع إسرائيل. وكان عضو جمهوري في الكونغرس الأميركي لمّح إلى إمكان انضمام سوريا إلى "الاتفاقات" المذكورة في نيسان الماضي، لكن الشرع رد في مناسبات عدة منذ ذلك الحين بأن على البلدين أن يتناولا أولاً احتلال اسرائيل مرتفعات الجولان، واستيلاءها على طول خط السياج الحدودي منذ كانون الأول وتوغلاتها المستمرة في سوريا.
وأشار إلى أن اتفاقاً أمنياً جديداً بين إسرائيل وسوريا بواسطة أميركية سيكون مطلوباً لحل هذه القضايا. إلا أن إسرائيل تشعر بالقلق إزاء ضمان السلامة والدعم الإنساني لمجتمعات الدروز في جنوب سوريا الذين اشتبكت معهم حكومة الشرع مرات عدة في الأشهر الماضية.
تبقى النقطة الخامسة وهي تحمّل مسؤولية مرافق احتجاز "تنظيم الدولة الإسلامية". يتوقف ذلك على المناقشات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة حول دمج "الإدارة الذاتية الديموقراطية لشمال وشرق سوريا" و"قوات سوريا الديموقراطية" في الدولة والجيش السوريين الجديدين. ويعتمد أيضاً على ما إذا كانت إدارة ترامب ستقرّر تقليل (أو حتى سحب) القوات الأميركية بالكامل من الشمال الشرقي السوري.
حقّق الشرع نجاحات عدة على الصعد المذكورة أعلاه. ولكن هل يمكنه التوصل إلى تفاهم أساسي أمني مع إسرائيل يتناول نزاع الجولان والحوادث العابرة للحدود؟ هل يمكن واشنطن أن تكون وسيطاً لخطة دمج مستدامة "للإدارة الثابتة الديموقراطية لشمال وشرق سوريا" و"قوات سوريا الديموقراطية" تتجنّب إشعال صراع كردي - عربي جديد؟ هل تتخذ دمشق خطوات موثوقا بها ودائمة للحد من نفوذ المقاتلين الأجانب في أدوار الدولة والأمن العليا؟ إذا تقدمت هذه المسارات يمكن تحوّل مظاهر المكتب البيضاوي الأسبوع المقبل إلى زخم في الكونغرس. وإذا توقفت يبقى الإنخراط الأميركي مع حكومة الشرع تعاملياً ومحدوداً يركّز على ضرب "الدولة الإسلامية" والانفراج العام. لكنه يتجنّب المكاسب السياسية والاقتصادية الأوسع التي يسعى إليها الشرع.
سركيس نعوم-النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|