سيمون كرم ابن "جزين أولا" من "قرنة شهوان" إلى "الميكانيزم"
سيمون كرم. هو الاسم الذي لطالما ظهر في المحطات المصيرية للبنان، لا بل في محنه الكبيرة. اليوم، بات رئيس الوفد اللبناني في لجنة "الميكانيزم"، بتكليف من رئاسة الجمهورية.
في اختصار، هو شخصية سياسية، ديبلوماسية، وطنية، مستقلة، ومن أبرز الرموز السيادية التي رفعت لواء "الحرية والاستقلال" في وجه الاحتلال السوري، ومن أبرز المنادين ببسط الدولة سيطرتها الكاملة بجيشها الشرعي الأوحد، على كل الأراضي اللبنانية.
في التفاصيل، سيمون كرم ابن الجنوب، وبلدة جزين تحديدا، أي أنه يعي تماما عمق الارتباط الجنوبي بكيان الدولة.
هو المحامي العريق، وابن القانون والعدالة، التحق بالسلك الديبلوماسي وتولّى منصب سفير لبنان في الولايات المتحدة لفترة قصيرة بين 1992 و1993، ولم يتوان عن تقديم استقالته، رافضا الاستمرار في المنصب لأنه يأبى إعلاء أي شأن على "مصلحة لبنان العليا". وغالبا ما عُرف بخطابه المباشر الذي لا يحمل وجهين.
وكما في المنصب الديبلوماسي، كذلك في الشق الإداري. فقد تسلم كرم منصبين إداريين: محافظ البقاع (عام 1990)، ومحافظ بيروت (عام 1991)، لكنه في المنصبين لم يراع "متطلبات" نظام الوصاية السورية الذي كان سائدا، فبقي صامدا في وجه رموز الوصاية ومواجها لها. وهذا ما دفعه لاحقا إلى الاستقالة من منصبه الديبلوماسي لأنه لم يُقم "علاقة الود" مع سفير سوريا في واشنطن، ولم "يرضخ" لتعليمات المسؤولين السوريين الذين كانوا يريدون فرض السيطرة التامة على لبنان، سياسيا وأمنيا وعسكريا.
وانطلاقا من الهاجس الوطني نفسه، أسّس مع إدمون رزق وآخرين لقاء "جزين أولا". وللمفارقة، فإن غالبية أعضاء هذا اللقاء "عوقبوا" إبان تلك الفترة.
إدمون رزق عوقب بفقدان منصبه في الوزارة والنيابة، ومثله نديم سالم، إلى كلود عازوري ونبيل ناصيف وغيرهم، إذ حملوا جميعهم، مع كرم، أولوية الحفاظ على كل شبر من أرض لبنان، والانسحاب الإسرائيلي أولا من الجنوب.
"قرنة شهوان"
30 نيسان 2001، كان التاريخ المفصلي في هذا الوطن. الخناق السوري والقبضة الأمنية يشتدان على كل مفاصل الوطن وأنفاسه. وأمامهما، تصاعدت المعارضة السيادية التي بدأت تتخذ جوانب عدة: سياسيا عبر أحزاب مسيحية، وإعلاميا عبر جريدة "النهار" التي فتحت صفحاتها لأقلام الحرية والسيادة، وقد تكللت بافتتاحيات الشهيد جبران تويني، تأييدا لمطلب السيادة.
أما كنسيا، فبرزت بكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير منبرا أساسيا للخطاب الوطني. هكذا، ولد "لقاء قرنة شهوان" تحت عباءة البطريرك، وصدر البيان التأسيسي الذي وقعته شخصيات سيادية، كان في مقدمها كرم.
يوصف كرم، الحائز إجازة في الحقوق من جامعة القديس يوسف، بأنه السيادي الذي استطاع أن يجمع صداقات "متناقضة"، سواء من داخل "الحركة الطالبية" في فترة شبابه، أو لاحقا مع الحركات السياسية التي كانت تعرف بـ"الوسط اليساري" و"الحركة الوطنية". وفي كل ذلك، بقي المعبّر عن توجهات لبنان أولا، ومن أشدّ المقربين إلى البطريرك صفير، كما عايش فترة "مصالحة الجبل" في آب 2001.
في كل مواقفه، عبرّ عن الوجع السيادي، إن كان من خلال قضايا المفقودين والمعتقلين في السجون السورية، أو المبعدين اللبنانيين في إسرائيل، أو كإحدى أبرز شخصيات "انتفاضة الاستقلال" التي انطلقت في آذار 2005.
في مقال كتبه كرم في "النهار" في 14 حزيران 1996، اعتبر أن "المدينة لا يمكن أن تكون فاضلة إذا فقدت الحرية"، في دلالة على أن الركيزة الأولى لأي دولة هي الحرية. فهل يكون تمثيله في "الميكانيزم" مدخلا نحو هذه الركيزة، فيتحرّر الوطن من "سلاح غير شرعي وسيادة منقوصة"؟
منال شعيا - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|