الصايغ: لا وقف للتصعيد بالرغم من المفاوضات فاليوم نتحدث عن السلام وربما غدا عن الاستسلام
أيتام الأسد بعد عام
لم يهلّل أحد من أزلام نظام بشار الأسد في لبنان لإطلالة الرئيس الهارب إلى روسيا بعد مرور سنة على سقوط نظامه المجرم. فمقاطع الفيديوات المقززة من حوار قديم بين الأسد ومستشارته لونا الشبل، وإن حرّكت حنين قوى الممانعة إلى ذلك الزمن الأسود، لكنها لم تؤثر على اصطفافاتهم الجديدة بعد انهيار المرجعية التي بنت عليها هذه القوى السياسية نفوذها، وارتبطت بها مصالح وشبكات سياسية وأمنية واقتصادية.
بعد مرور سنة، يتظهّر أكثر فأكثر أن سقوط الأسد أدّى إلى تفكّك شبه كامل لهذه البنية، فتهاوى بنيان سياسي كامل في لبنان كان قائمًا على الاستقواء بالخارج، واضطرّت قوى الممانعة التي كانت محسوبة على دمشق إلى مراجعة مواقفها والتفتيش في دفاتر الماضي عمّا يمكن إعادة تدويره ليصلح للمستقبل.
كما بدأ بعضها بعملية "تنظيف سجلّه السياسي" وإعادة تشكيل سرديّته العامة. حتى "حزب اللّه" الذي بنى دويلة بديلة في لبنان عسكريًا وماليًا واجتماعيًا مستفيدًا من الساحة السورية المفتوحة له ودعم نظام الملالي في إيران، حصر مرجعيته بطهران، علمًا أن الأسد لم يوفره في الفيديوات المسرّبة مستهزئًا بـ "الحزب" وبقدراته. حتى الرئيس نبيه برّي ركن التحالف الثلاثي "محور سوريا- حزب اللّه- حركة أمل" استغلّ الفتور الذي شاب علاقته مع بشار الأسد في الفترة التي سبقت السقوط، وقام في مرحلة ما بعد السقوط بتركيز دعائم نفوذه التقليدي الداخلي محاولًا لعب دور حارس المناصفة الطائفية والضامن للاستقرار الداخلي نافضًا يده من حكم الأسد.
الحزب السوري القومي الاجتماعي: خطاب قوميّ بلا مرجعية دمشق
الحزب السوري القومي الاجتماعي هو أحد أبرز المتضرّرين من سقوط النظام، إذ خسر جوهر وجوده وهو الذي لطالما استغلّ نظام الأسد حليفه التاريخي للاستقواء على الداخل اللبناني.
وفي ظلّ أزمة التعريف والهوية التي تعصف به، يعاني حاليًا من انقسامات عموديّة داخله حول مستقبله ومستقبل المشروع القومي، وهو يسعى إلى إعادة تعريف المشروع السياسي لـ "الحزب" بعد غياب البعد السوري الذي شكّل ركيزة أساسية في أدبيّاته.
وهناك انقسام بين تيّارين: أحدهما يريد القطيعة مع الماضي، وآخر يرفض التخلّي عن الإرث السوري المثقل بالارتكابات.
كلّ ذلك في ظلّ تراجع النفوذ التنظيميّ على الأرض نتيجة غياب الغطاء الإقليمي.
طلال أرسلان: صمت طويل ثمّ تموضع هادئ
رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان كان من أبرز من تأثروا بتغيّر المشهد الإقليميّ. فبعد مرحلة صمت امتدّت أشهرًا وكأن العاصفة السياسية التي أطاحت إحدى أهم دعائمه الإقليمية أصابته مباشرة، عاد بخطاب جديد منخفض السقف يبرز الخصوصية الدرزية ويرتكز على تعزيز حضور الطائفة داخل مؤسّسات الدولة، وتحييد ملف سوريا عن سجالاته السياسيّة، وفتح قنوات حوار مع مختلف القوى اللبنانية، بما فيها تلك التي كان على خلاف معها. وهو يعمل حاليًا على تثبيت موقعه واستنهاض قاعدته الشعبية وفق مرتكزات جديدة تحضيرًا للانتخابات النيابية المقبلة.
فيصل كرامي: تموضع جديد تحت سقف "الدولة أولًا"
شهدت السنة الماضية تبدّلًا لافتًا في خطاب النائب فيصل كرامي، الذي لطالما حافظ على علاقة سياسية خاصة مع دمشق. ومع انهيار النظام السوري، أطلق كرامي سلسلة مواقف شدّد فيها على أولوية السيادة اللبنانية، وفتح صفحة سياسية جديدة ضمن تحالفات لبنانية داخلية.
كما عمل كرامي خلال الأشهر الماضية على إعادة تنظيم حضوره الشعبي وهندسة موقعه السياسي على قاعدة الابتعاد عن الاصطفافات الإقليمية، وإعادة بناء تراث عائلته السياسي.
جميل السيد: من رجل نظام الأسد الأول إلى باحث عن دور
تحوّلت نبرة النائب جميل السيد، المعروف بعلاقته الطويلة مع دمشق، فهو لم يعد يتحدّث عن سوريا، وبات يركّز على ضرورة بناء دولة لبنانية لا ترتبط بأيّ منظومة إقليمية محمّلًا الجميع مسؤولية الانهيار. كما يحاول إيجاد هوية له في الداخل تلعب على وتر محور المقاومة من دون الذوبان في إطار معيّن. ورغم هذا التموضع الجديد ومحاولاته المستجدّة لتنظيف هذا السجل، لم ينسَ اللبنانيون ما جنت يدا السيد على عهد النظام المخلوع.
سليمان فرنجية: إرث العائلة بين الماضي والمراجعة
رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي شكّلت العلاقة مع دمشق جزءًا من هويته السياسية، بقي على قناعاته ضمن محور المقاومة.
لكنه يحاول التركيز في خطابه على البعد الوطني – المسيحيّ في الحياة السياسية اللبنانية، وإبراز خصوصية "المردة" كتيار له جذوره، مع إعادة تعريف العلاقة التاريخية مع سوريا بوصفها "علاقة بين شعبين قبل أن تكون علاقة بأنظمة".
كما يعمل منذ أشهر على تحييد التيار عن أي سجالات ترتبط بالملف السوري، وفتح قنوات تواصل داخلية.
إيلي الفرزلي: خطاب لبناني صرف
النائب السابق إيلي الفرزلي، المعروف بدوره في مرحلة الوصاية السورية، قدّم واحدًا من أجرأ التحوّلات الخطابية بعد سقوط النظام. فعلى مدى أشهر، اعتمد لغة تقوم على مراجعة التجربة السابقة، والتشديد على الدولة والمؤسسات، ورفض أيّ تدخل خارجيّ في الشأن اللبناني.
وئام وهاب: انكفاء تكتيكيّ
ظهر رئيس تيار التوحيد وئام وهاب بخطاب أكثر هدوءًا من المعتاد بعد سقوط نظام الأسد الذي ارتبط به ارتباطًا وثيقًا في المرحلة السابقة. وتحت شعار "الواقعية بعد سقوط السقف، يحاول وهاب الابتعاد عن اللهجة الإقليمية المباشرة، والحفاظ على خط سياسي مستقلّ مع اتباع تكتيك مرحليّ بانتظار اتضاح صورة سوريا الجديدة. كما يحاول إيجاد دور له ضمن الطائفة الدرزية وعلى خط محور المقاومة.
حسن مراد: مراجعة دور العائلة وخفض السقف الإقليميّ
النائب حسن مراد، وريث مدرسة سياسية ارتبطت بمحور دمشق منذ الثمانينات، سعى خلال السنة الماضية إلى اعتماد خطاب محلي بحت، والتركيز على هموم البقاع الغربي، وتخفيف الحدّة الأيديولوجية في المقاربات الإقليمية. وهو يركّز الاهتمام حاليًا على تثبيت دعائم حزبه كقوة خدماتية وتنموية استعدادًا للانتخابات النيابية المقبلة.
عباس إبراهيم: وسيط بلا ساحة
اللواء عباس إبراهيم، الذي لعب لسنوات دورًا أساسيًا في الوساطات بين بيروت ودمشق، انتقل من "قناة تواصل" إلى الانكفاء الموقت. وهو وجد نفسه بعد سقوط النظام خارج الخريطة الإقليمية الجديدة. وبعد أن كان له الدور المحوري خلال الهيمنة السورية على لبنان، انخفض حضوره السياسي والأمني، لكنه حافظ على شبكة علاقات داخلية واسعة، مع تركيز على خبراته الأمنية المتراكمة.
لبنان من دون ظلّ دمشق
بعد عام على السقوط المزلزل لنظام الأسد، سقطت "دولة الوكالات" في لبنان، وبات واضحًا أن "جماعة الأسد" في لبنان تفكّكت وهي تحاول إعادة إنتاج نفسها مع غياب المرجعية التي شكلت جزءًا من حياتها السياسية لعقود. وحتى الساعة، لا تزال هذه القوى تعيش أكبر عملية إعادة تموضع منذ انسحاب الجيش السوري عام 2005.
نخلة عضيمي -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|