مجموعات إسرائيلية تخطط للاستيطان في لبنان وسوريا..من هي؟
اتخذت مطامع إسرائيل التوسعية في المنطقة بعد 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، نهجاً تصعيدياً، خلط بين الذريعة الأمنية في احتلال أراضٍ جديدة في لبنان وسوريا، وبين استخدام مجموعات استيطانية تبدو ظاهرياً أنها "وليدة"، تستدعي مزاعم تاريخية للاستيطان في مناطق لبنانية وسورية، بذريعة أنها جزء من "أرض إسرائيل التاريخية"، وأن السيطرة عليها "مؤشر النصر الحقيقي"!
ورغم إظهار الاحتلال أن تلك الجماعات مُنفلتة، وأن الجيش الإسرائيلي يقوم باعتقال ناشطيها المتسللين لإقامة خيمة لبضع ساعات، إلا أنه لا يُمكن اعتبار هذه الأحداث، وكأنها حالة استثنائية وعابرة، بالنظر إلى منهجية إسرائيل التوسعية، خصوصاً أن نهجها الاستعماري شهد تحولات مستجدة مع صعود التيارات الأشد تطرفاً إلى الحكم بالسنوات الأخيرة.. عدا أن حكاية الضفة الغربية مع الاستيطان تدعو إلى الجدية وعدم تسخيف ما يجري، ذلك أن خيمة مستوطن "متمرّد"، أصبحت الآن مستوطنة "مُشرعنة" رسمياً، ناهيك عن أن الاحتلال يرغب باستخدام ورقة الاستيطان العابر للحدود بهذه المرحلة، كهاجس جديد لترهيب ومقايضة لبنان والمنطقة برمتها.
مَن هي المجموعات الساعية للاستيطان في لبنان وسوريا؟
وحسب تقارير عبرية، وأحدثها ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن إحدى المجموعات الاستيطانية الوليدة تُدعى "روّاد الباشان"، وهي مجموعة تشكلت قبل نحو 8 أشهر، حيث تسلل أفرادها خلال الأشهر والأسابيع الماضية إلى العمق السوري أكثر من مرة، وأقاموا مراسم ووضعوا "حجر أساس" لبعض الوقت، كما نفذوا بالمحاولات ذاتها قرب حدود لبنان.
ويظهر من طبيعة نشطائها وداعميها، أنهم مدعومون من اليمين المتطرف، حيث شاركت شخصيات متطرفة معروفة من أمثال موشيه فيغلين وباروخ مارزل، في مؤتمر "انطلاق" نظمته مجموعة "روّاد الباشان" في القدس، لكن اللافت أن عدد الحاضرين المؤيّدين للمجموعة في مؤتمرها، كان محدوداً، وفق "يديعوت أحرونوت".
ورغم تسجيل بعض محاولات التسلل إلى لبنان من قبل نشطاء هذه المجموعة، إلا أن دعواتها وتحركاتها تستهدف الجنوب السوري أكثر، بحجة أن الاستيطان في كامل "الباشان"، هو "امتداد طبيعي" للاستيطان في الجولان، وسيساعد على "استقرار المنطقة وتعزيز أمن إسرائيل وتحقيق حقّنا التاريخي في أقاليم أرض سُلِبت منّا"، وفق مزاعم "روّاد الباشان".
حركة "إسرائيل سكول"
وهناك مجموعة أخرى تركز جهودها للاستيطان في جنوب لبنان، وتُعدُّ "مؤسساتية" بما يتخطى السابقة، حيث تنبثق من جمعية رسمية معترف بها في إسرائيل، تُدعى "أوري تسافون"، وحملت المجموعة اسم "يسرائيل سكول"، وهو جندي قُتل في قطاع غزة عام 2024، وكان "يحلم" بأن يستوطنَ في لبنان. وتُواظب المجموعة على إقامة حلقات دراسية منزلية، ومؤتمرات وجولات على طول الحدود مع لبنان، إلى جانب دعوتها لإقامة مستوطنات جنوبي لبنان.
والحال أن القائمين على المجموعة الداعية للاستيطان في لبنان، يخلطون في دوافعهم بين مقاربات أمنية وأخرى تاريخية مزعومة، إذ يدّعون أن مبرراتهم تنبع من "الإيمان بأن الاستيطان بلبنان هو الحل الأمني الحقيقي لشمال إسرائيل واستعادة الحدود التاريخية المعززة للرابط الوطني بأرضنا".
ومن أبرز أنشطة حركة "يسرائيل سكول"، محاولتها إنشاء تمركز استيطاني باسم "مي ماروم" في منطقة مارون الراس مقابل مستوطنة أفيفيم وكيبوتس يارون، لكن بعد دقائق من عبورهم الحدود، أبعدتهم القوات الإسرائيلية، حسبما ذكرت وسائل إعلام عبرية في وقت سابق.
بالونات ومسيّرات.. لإخلاء لبنانيين!
وكان التصرف الأكثر استفزازاً في يونيو/حزيران الماضي، وذلك عندما أرسل أعضاء الحركة الاستيطانية مسيّرات وبالونات إلى الجانب اللبناني من الحدود قرب مستوطنتي حنيتا وأدميت، تحمل منشورات تتضمن أوامر إخلاء باللغة العبرية والعربية لسكان جنوب لبنان. وقد جاء في المنشورات: "تحذير! هذه أرض إسرائيل التي تخص اليهود. يُطلب منكم إخلاؤها فوراً»، وأرفق مع الرسالة خريطة بأسهم تشير إلى اتجاه الإخلاء المطلوب!
وبالبحث عن المنتمين لهذه الحركات الاستيطانية، فإن الأكثرية تتحدّر من مستوطنات بالضفة الغربية والجولان.
حركة "بريسلوف" الحريدية
كما سُجل أوائل العام الحالي، قيام نحو 20 شخصاً ينتمون لحركة "بريسلوف" الحريدية، بزيارة "تلة الشيخ عبّاد" التي احتلها الجيش الإسرائيلي بالحرب الأخيرة، وتذرّع ناشطو حركة "بريسلوف" أن التلة الواقعة قرب مستوطنة المنارة، تضم قبر الحاخام "راب آشي"، الذي يعدّونه "شخصية بارزة في التاريخ اليهودي"، ويُنسب إليه جزء من التلمود.
لكنّ الحركة الحريدية التي رممت القبر بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، طُرحت كتيار روحاني "حسيدي"، وتبدو مختلفة عن مجموعتي "روّاد باشان" و"يسرائيل سكول"، اللتين تتقاطعان أكثر مع فكر ومنهجية مجموعة "شبيبة التلال" الاستيطانية في الضفة.
أكثر من حركة استيطانية.. بمرجعية واحدة؟
ورغم تعدد الحركات الاستيطانية الساعية إلى الاستيطان في جنوب لبنان وسوريا إضافة إلى غزة، إلا أن الشكوك تحوم حول دعمها سرّ من أقطاب اليمين المتطرف في الحكومة الإسرئيلية، لكنهم يحرصون على عدم البوح بشأن مسؤوليتهم عن أفعال تلك الحركات الاستيطانية خارج الحدود، إلا أنهم يكشفون عن مآربهم حيال لبنان وسوريا ضمناً تحت عنوان الاستيطان في غزة، وذلك في رسالة بعثها وزراء ونواب من اليمين المتطرف مؤخرا، إلى وزير الأمن يسرائيل كاتس، حيث قالوا فيها إن "النصر" في الحرب لن يتحقق إلا عبر اتخاذ خطوة سياسية تتمثل في الاستيلاء على الأرض وتحويلها إلى جزء لا يتجزأ من "دولة إسرائيل"، مضيفين أن أخذ الأرض وتحويلها إلى "إقليم يهودي مزدهر"، ستخلق أيضاً "ردعاً طويل الأمد ضد جميع أعدائنا".
وبينما تختص كل حركة استيطانية بمنطقة معينة، إلا أن امتدادها التنظيمي، يُبيّن أن ثمة تقاطعاً كبيراً في المرجعية والأهداف والأسلوب. ولهذا، لا يُستبعد أن تظهر حركات استيطانية إضافية، وبأسماء جديدة، للدعوة إلى الاستيطان في لبنان.
طريقة العمل
ويُلاحظ أن أعضاء المجموعات الاستيطانية، يهدفون في هذه المرحلة، إلى لفت الأنظار من خلال تسللهم للبنان وسوريا، وإقامة خيام لوقت قصير، قبل أن يعتقلهم جيش الاحتلال، بموازاة تنظيم فعاليات تدعو للاستيطان في ما وراء الحدود.
وما يعزز هذا الاستنتاج، هو تنويه "يديعوت أحرونوت"، بأن الأمر لم يتوقف بانتهاء كل تسلل؛ لأن تطلعات ناشطي المجموعات الاستيطانية، "واضحة" ولا تقتصر على اختراق السياج فقط. على سبيل المثال، تسلل 7 مستوطنين إلى جنوب لبنان وسوريا في المرة الأولى، ثم كان عددهم أكبر في المرات اللاحقة، وكأنهم يجسّون النبض ويتعاملون بنهج تراكمي لتكريس مطامعهم الاستيطانية ك"واقع"، وضمن محاولاتهم استغلال تغيرات ميدانية وسياسية بالمنطقة خلال السنتين الأخيرتين.
أدهم مناصرة - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|