الصحافة

خمسون ألف مُقاتل بلا أثر... كيف صُنعت رواية الساحل السوري؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في أعقاب اللقاء الذي جمع بين وفد <علوي» وممثلين عن الحكومة السورية في دمشق يوم الجمعة الماضي (تقرير الديار 13 كانون أول الجاري)، سرت تقارير تشير إلى إمكان أن يستقبل الرئيس الشرع وفداً علوياً موسعا في قصر «الشبطلية»، 15 كم إلى الشمال من مدينة اللاذقية، في اليوم التالي لهذا الإجتماع الأخير. وقد علمت <الديار» أن هذا الوفد لن يكون بديلا عن الأول، بل موسعا عنه، وأن «الدعوات وجهت إلى أعضاء الوفد العشرة»، وفقا لما أكده أحد هؤلاء، في مؤشر يؤكد أن المناخات التي سادت لقاء الجمعة الماضي كانت إيجابية، ومن الممكن البناء عليها.

وإذا كانت هناك العديد من الدوافع والإعتبارات، التي عرضها تقرير< الديار» السابق، فإن وضع هذه <الإندفاعة» على «نار حامية»، بات أمرا يحظى بأولوية خاصة، حتى لجهة توقيته الراهن. فالساحل يعيش منذ آذار الماضي، حالة من الفراغ الأمني والسياسي، تجعل من شارعه عرضة للتقلبات التي مضى الكثيرون ل» الإستثمار» فيها.

وفي غضون الأشهر الستة الماضية، كان الشارع العلوي رهين تقرير يصدر من هذا المنبر، على نحو ما فعل تقرير <رويترز» المنشور يوم 5 من الشهر الجاري، والذي رصدت فيه الوكالة نشاط اثنين من رموز نظام الأسد، هما رئيس» شعبة الإستخبارات العسكرية <السابق اللواء كمال الحسن، ورجل الأعمال وابن خال الأسد رامي مخلوف، حيث أفاد التقرير بأنهما <يمولان نحو 50 ألف مقاتل أو رهين»، تصريح صادر عن بعض من كانت لهم حيثية سابقة، على نحو ما فعل قائد» صقور الصحراء» السابق محمد جابر، الذي خرج يوم الجمعة الفائت في تسجيل مصور، ليعلن من خلاله عن وجود اتصالات جرت بينه و بين الحكومة السورية، في< سياق الدعوة للمصالحة وطنية التي طرحها الرئيس الشرع». وأضاف أن اتفاقا جرى التوصل إليه في هذا السياق، وهو يتضمن <صدور عفو عام، والإفراج عن المعتقلين، وإعادة الموظفين المفصولين من وظائفهم، وسحب قوات الداخلية والدفاع من الساحل>. لكن البند الأهم في هذا السياق الذي ذكره جابر، كان يقول بالإتفاق على <تشكيل قوة أمنية تحت قيادته لضبط المنطقة الساحلية».

ومن المؤكد أن الزج بهكذا نوع من التقارير أو التصريحات، كان كفيلا بإثارة المزيد من الضباب الذي بات السمة الأبرز للمشهد في الساحل. فتقرير <رويترز>، الوكالة المشهود لها بالمهنية، قد يدفع للقول بأنها لم يحالفها الحظ هذه المرة في المحافظة على تلك الصفة، إذ كيف يمكن لـ<جيش بقوام 50 ألف مقاتل> أن يكون واقعا، ولا أحد يستطيع رصد آثاره ؟ ثم لا يلحظ أحدا عمليات الدعم اللوجستي اللازمه لتحركاته وتدريباته، في بلاد صارت تعج بكل أجهزة الإستخبارات العالمية، ناهيك عن عشرات الأقمار الصناعية التي ترصد أدق التحركات التي تجري على أراضيها، وأراضي جوارها.

أما تصريحات جابر فمن المؤكد أنها لا تعدو أن تكون سعيا منه لتقديم <أوراق اعتماد» جديدة لمجتمعه، الذي ثارت ثائرته عليه، بعد اعترافه المتلفز ب<التخطيط لهجمات 6 آذار> أو للسلطة، عبر الإيحاء لها بوجود <قدرات» لديه، من شأنها أن تمكنه من لعب دور <إيجابي». وقد أكد مصدر مقرب من خالد الأحمد الذي يدير ملف الساحل لـ<الديار»، أن لا <صحة لما ورد في حديث محمد جابر الذي ظهر فيه مؤخرا>، مضيفا أن < الحكومة معنية الآن بالتواصل مع فعاليات مدنية تحظى بالإحترام والتقدير في أوساطها>.

ووفقا لما ذكره عضو بارز في الوفد في اتصال مع <الديار»، فإن الهدف من الإجتماع هو «إجراء حوار شفاف للوقوف على المشاكل، ومعرفة مطالب الأهالي، والعمل على إيجاد حلول لها»، وأضاف المصدر السابق أن الوفد <كان قد أبلغ في وقت لاحق يوم الجمعة بتأجيل موعد الإجتماع. وعلى الرغم من تضارب المعلومات حول حصول اللقاء من عدمه حتى عصر يوم السبت، إلا أن الأمر حسم ليبلغ أعضاء الوفد بموعد اللقاء، الذي حدث في قصر الشعب في دمشق.

وقد ذكر أحد أعضاء الوفد في اتصال مع «الديار» أن الرئيس الشرع «وعد بإطلاق سراح الموقوفين بدفعات كبيرة بدءا من مطلع العام القادم»، كما أكد «وجود مشاريع تنموية كبيرة ستقام في الساحل بالتعاون مع الإتحاد الأوربي>، وأضاف <يجب أن يكون معروفا لأهل الساحل انهم في عيوننا».

هذا وقد استبق» المجلس الإسلامي العلوي الأعلى» التقارير التي أشارت، إلى إمكان حدوث هذا اللقاء يوم السبت الماضي، ببيان رفض فيه ما دعاه <محاولة الحكومة السورية المؤقتة، لتشكيل وفد من بعض الأشخاص، بزعم تمثيل العلويين لمقابلة الرئيس الإنتقالي أحمد الشرع»، مؤكدا على رفضه القاطع لهذا المسار، و»لأي محاولة تهدف لانتزاع شرعية تمثيل العلويين عبر مجموعات تذهب للتفاوض على مطالب خدمية، لا ترقى إلى مستوى القضايا السياسية والحقوقية».

وعلى المنوال نفسه ذهب <المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا>، إلى إعلان رفضه لهذا المسار، بطريقة جاءت شبيهة لتلك التي عبر عنها المجلس السابق.

وفي غضون هذا، كتب عضو <اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب» نوار نجمة، في منشور له على <فيسبوك» يوم السبت، أن <جسور الثقة بنيت بنجاح باهر مع المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية>، مضيفا إن <جسور الثقة مع الداخل تعززت بسرعة، بتماسك وطني عبر عنه الشارع السوري، في تجاوز الكثير من التحديات، وبدا واضحا بطبيعة وحجم الإحتفالات يوم 8 ديسمبر>.

وإذا كان طبيعيا الإقرار بواقعية <الجسور» الأولى، التي نجحت السلطة في مدها نحو الخارج، إلا أنه من الصعب لحظ ذلك النجاح في حالة <الجسور» الثانية الداخلية، ثم إن الركون إلى أدلة من نوع <حجم الإحتفالات والمشاركين فيها>، الذي «فاق عددهم 5.3 مليون شخص، كما ذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا في تصريح سابق له، بأن هذا دليل على كفاءة <الجسور»، أمر فيه الكثير مما يشوبه. ولعل الذاكرة لا تزال تختزن مشاهد لاحتفالات سابقة، كان عديد السوريين المشاركين فيها يفوق ذلك العدد.

عبد المنعم علي عيسى -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا