الحد الفاصل بين "العمل الجراحي" والحرب الشاملة.. ماذا يحمل 29 ديسمبر لحزب الله؟
قالت مصادر سياسية لبنانية إن 29 من الشهر الجاري (موعد لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب) سيكون الحد الفاصل بين حرب إسرائيلية مفتوحة وشاملة على ميليشيا حزب الله، أو الاكتفاء بـ "عمليات جراحية" تستهدف مواقع محددة أو قياديين في حزب الله.
وفقا للمصادر، التي تحدثت إلى "إرم نيوز" فإن العواصم المعنية بالأزمة ما بين لبنان وإسرائيل، تتعامل مع 29 كانون الأول/ديسمبر 2025 بوصفه يوم الحسم؛ فإما تثبيت سقف "العمليات الجراحية" ضمن قواعد اشتباك مضبوطة، أو الانتقال إلى مرحلة ضغط أشمل، أو فتح نافذة حرب واسعة على الجبهة اللبنانية إذا فشلت "مهلة نهاية السنة" المرتبطة بملف سلاح حزب الله.
واشنطن تكبح… لكنها ترفع السقف
تقول المصادر المطلعة على طبيعة التحركات الأمريكية في لبنان، إن إدارة ترامب تبدو متمسكة بخيار "الفرصة الأخيرة" قبل الانفلات. وتحاول تقييد إسرائيل بضربات محددة مع إبقاء التهديد بالتصعيد الكبير قائما كأداة ضغط على الدولة اللبنانية. هذه المقاربة تتقاطع مع تقارير إعلامية إسرائيلية تتحدث عن ضغط أمريكي مباشر لمنع الانتقال إلى "المرحلة التالية" على الجبهة الشمالية، مقابل منح الحكومة اللبنانية مهلة حتى نهاية 2025 لإظهار خطوات ملموسة في ملف نزع سلاح الحزب.
وبالتوازي، تشير المصادر، إلى ظهور تردد دولي واضح في ترجمة الوعود بدعم فعلي وسريع للجيش اللبناني، مع حديث أوروبي عن مقاربات بديلة (تعزيز قوى الأمن الداخلي كي يتفرغ الجيش أكثر لملف الجنوب) بدل ضخ قدرات قتالية نوعية تغير ميزان القوة على الأرض.
مهلة "نهاية السنة".. ما المطلوب عملياً؟
وفق تقدير مصادر أمنية لبنانية، فإن "المهلة" لا تعني نزع سلاح شامل خلال أسابيع، بل تغييرا قابلا للقياس، مثل تضييق حركة وحدات الحزب جنوبا ومنع إعادة التموضع العلني، ومقاربة أكثر صرامة للقدرات التي تعتبرها إسرائيل "كاسرة للتوازن" (مسيرات - صواريخ دقيقة - بنى تحتية ميدانية). وأيضا تعزيز انتشار الدولة وتنفيذ إجراءات تفتيشية، بما يسمح لواشنطن بالقول إن المسار يتحرك، وبالتالي تبرير استمرار كبح تل أبيب.
وتصف المصادر الحالة بأنها "تصعيد محسوب لا يوقف إعادة التأهيل بالكامل، لكنه يرفع كلفة أي محاولة لاستعادة القدرات بسرعة"، وهو ما تلمح إليه تقارير عن استمرار ضربات إسرائيلية تستهدف ما تعتبره بنى تحتية للحزب في الجنوب.
هل تقع الحرب قبل زيارة نتنياهو؟
يشير الكاتب والباحث اللبناني علي حمادة إلى أن سيناريو الحرب "قبل الزيارة" موجود نظريا، لكنه الأقل ترجيحا لثلاثة أسباب، حسب قوله؛ أولها حسابات واشنطن الداخلية والإقليمية، فالإدارة الأمريكية تخشى أن تتحول أي حرب واسعة في لبنان إلى انفجار اجتماعي–سياسي، بما يفتح الباب أمام فوضى داخلية ممتدة وتداعيات إقليمية، ويقوض مسارات تفاوض أخرى تعمل عليها.
السبب الثاني، كما يقول، هو وجود بديل جاهز اسمه "الضغط المتدرج"، أي ضربات محددة مع إنذارات ورسائل عبر الوسطاء، والتقارير عن إنذارات مرتبطة بمهلة نهاية السنة تدخل في هذا الإطار. أما السبب الثالث الذي يصب في خانة تأجيل الحرب لما بعد زيارة نتنياهو، فهو أن الزيارة نفسها ستكون "غرفة قرار"، فـ "نتنياهو ذاهب إلى لقاء ترامب في 29 كانون الأول، ما يرجح أن الملف اللبناني سيكون على الطاولة ضمن سلة أوسع، حتى لو كان العنوان العلني مرتبطا بملفات أخرى".
لكن هذا لا يلغي، وفقا للكاتب اللبناني، احتمال تصعيد كبير محدود قبل الزيارة (أوسع من "الجراحي" المعتاد) إذا رأت إسرائيل "فرصة عملياتية" أو أرادت رفع سقفها التفاوضي. ومؤشر ذلك عادة يكون عبر تكثيف التحذيرات والإنذارات للسكان، وتوسيع بنك الأهداف، ورفع وتيرة الضربات أياما متتالية، وهي أنماط ظهرت جزئيا خلال الأسابيع الأخيرة مع بقاء سقفها دون إعلان حرب شاملة، كما يقول حمادة.
ما الذي يملكه حزب الله في المقابل؟
الكاتب والباحث السياسي مازن بلال يتحدث عن حسابات حزب الله، ويقول لـ "إرم نيوز" إنه رغم الضربات السابقة وما لحقه من إنهاك، يراهن حزب الله على ثلاث أدوات ردع؛ أولها إبقاء القدرة على الرد الموضعي كي لا يتحول "الجراحي" إلى مسار ثابت بلا ثمن. وثانيها إظهار أن أي حرب واسعة ستعني استنزافا متبادلا، لا ضربة نظيفة وسريعة. وثالثها استثمار التوازنات الداخلية اللبنانية للقول إن الضغط على سلاحه دون تسوية سياسية شاملة سيولّد اهتزازا داخليا.
في المقابل، يرى بلال أن تل أبيب تدرك أن الضربات المحددة لا تمنع إعادة التأهيل بالكامل، وهنا تتأرجح بين خيار "رفع السقف" وخيار "الانتظار حتى نهاية المهلة".
ما بعد 29 ديسمبر.. ثلاثة مسارات
بحسب تقدير المصادر السياسية والأمنية اللبنانية، تتلخص الاحتمالات بعد لقاء نتنياهو–ترامب في ثلاثة مسارات، الأول تمديد المهلة بصيغة مشددة، أي استمرار الضربات المحددة مقابل "خطوات لبنانية" إضافية، مع تهديد واضح بأن البديل هو حرب واسعة.
والثاني، هو عبارة عن صفقة أو مسار تفاوض أوسع، من خلال توسيع إطار النقاش ليشمل ترتيبات أمنية جنوبا وضمانات دولية وآليات مراقبة أكثر صلابة، وربما بحث ملفات تتجاوز لبنان.
أما المسار الثالث، فهو قرار حرب بعد الزيارة، وذلك إذا خلصت واشنطن وتل أبيب إلى أن المسار اللبناني لم ينتج ما يكفي قبل نهاية السنة، ومن هنا فقد تُستخدم الزيارة لتنسيق حدود الحرب وتوقيتها وأهدافها السياسية، لا العسكرية فقط.
وترجح المصادر في نهاية حديثها أن "القرار النهائي" بالحرب الشاملة سيُرحّل إلى ما بعد 29 كانون الأول، مع بقاء باب التصعيد المحدود مفتوحا قبلها لرفع الضغط وتحسين شروط التفاوض، لكن أي خطأ حسابات على الأرض قد يقلب هذا الترجيح في ساعات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|