محليات

جلسة الخميس واقتراع المغتربين… مَنْ يعطّل ومَنْ يناور؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية، عاد قانون الانتخاب ليحتلّ صدارة المشهد السياسي، لا من باب إصلاح شامل أو تعديل جذري، وقد تأخّر فتحه أصلاً، بل من زاوية واحدة تختصر الصراع كلّه وهي اقتراع المغتربين المعلَّق على ضغط من هنا ومساومة من هناك. وفيما يبدو أنّ الحسم مؤجَّل لأسباب معلومة مجهولة، يبدو التشريع مرّة أخرى مهدَّدًا بالسقوط بين مطالب

المعارضة ومواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري.

هكذا، تحوّلت جلسة الخميس التشريعية المفترضة إلى اختبار سياسي مفتوح، ليس لمدى توافر النصاب، بل لمعرفة من يريد فعليًا فتح هذا الملف، ومن يستخدمه ورقة ضغط في معركة أوسع على إدارة اللعبة البرلمانية. فالخلاف، في المبدأ، أو وفق الظاهر على الأقلّ، لا يدور حول إجراء الانتخابات بحدّ ذاته، ولكن حول "قواعد الاشتباك" ما قبله، ويبدو أنّ اقتراع المغتربين بات "أداة الضغط الأقوى" على خطّها.

وبين موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يرفض إدراج اقتراح تعديل اقتراع المغتربين على جدول الأعمال، وتصعيد قوى المعارضة، وفي مقدّمها "القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع، التي تلوّح بالمقاطعة وتطيير النصاب، مدعومة بشريحة واسعة من النواب المعارضين والمستقلّين، يقف المجلس النيابي أمام سلسلة من علامات الاستفهام، فمن يعطّل الجلسة، ومن يناور بالمهل؟ وهل يتحوّل هذا الاشتباك إلى تهديد للاستحقاق إذا استُنزفت المهل؟

بري… تثبيت القواعد ورفض فرض البنود

من موقعه كرئيس للمجلس، يتعامل نبيه بري مع ملف قانون الانتخاب انطلاقًا من قاعدة أساسية: القانون النافذ هو المرجعية، وأي تعديل عليه يحتاج إلى مسار واضح وتوافق سياسي، لا إلى فرض بند واحد بالقوة داخل الهيئة العامة. من هذا المنطلق، يرفض بري إدراج اقتراح اقتراع المغتربين لـ128 نائبًا على جدول الأعمال، معتبرًا أن المجلس لا يُدار تحت ضغط الشارع أو عبر مقاطعة الجلسات.

في حسابات بري، وفق ما ينقلها بعض المحسوبين عليه، فتح قانون الانتخاب في هذه المرحلة لا يمكن أن يتمّ بأسلوب "العضّ على الأصابع". فإدراج بند واحد، من دون اتفاق مسبق على "السلّة المتكاملة"، إن صحّ التعبير، يفتح الباب أمام اشتباك نيابي واسع قد ينسف الجلسة ويُعطّل تشريعًا يعتبره ضروريًا، خصوصًا في ملفات مالية وإدارية ملحّة. لذلك، يفضّل إبقاء

النقاش ضمن الأطر التقليدية، أو تأجيله إلى مسار أكثر نضجًا.

لكن هذا الموقف لا يخلو من قراءة سياسية أعمق. فرفض إدراج بند المغتربين يُفسَّر لدى خصوم بري على أنه محاولة لإسقاط التعديل بالوقت، لا بالقانون، خصوصًا أنّ بري يدرك تمام الإدراك أنه كلما تأخّر النقاش، ضاقت المهل الإدارية، وتحول أي تعديل محتمل إلى عبء تقني قد يُستخدم لاحقًا لتبرير الإبقاء على الصيغة الحالية، أي حصر اقتراع المغتربين بستة مقاعد، وحتى هذا الخيار يحتاج إلى نقاش في الإجراءات والتدابير اللازمة.

"القوات" والتصعيد… دفاع عن حق أم ورقة ضغط؟

من هذا المنطلق، تتعامل "القوات اللبنانية" مع الملف من زاوية مختلفة كليًا عن تلك التي يحاول المحسوبون على بري نقلها. بالنسبة إليها، قضية اقتراع المغتربين ليست تفصيلًا تقنيًا، بل عنوانًا ديمقراطيًا وسياسيًا يمسّ شريحة واسعة من اللبنانيين. لذلك، ترى أن تجاهل إدراج هذا البند على جدول الأعمال يُشكّل استخفافًا بدور المجلس وبحق النواب في مناقشة اقتراحات قُدّمت ضمن الأصول، فضلاً عن كونها توجّه رسالة استخفاف بالمغتربين أنفسهم، وتهميش لهم.

برأي هؤلاء، فإنّ ما يسمّيه البعض تصعيدًا، وقد وصل إلى الذروة عبر التلويح بالمقاطعة وتطيير النصاب، يأتي في إطار الضغط المباشر لفرض النقاش الآن، قبل فوات الأوان، وهو ما يراهن عليه الفريق الآخر. فخمسة أشهر، من وجهة نظرها، ليست مهلة مريحة، بل الحدّ الأدنى لأي تعديل يتطلب استعدادات لوجستية وتنظيمية تتعلق بتسجيل المغتربين، وإدارة الأقلام، وضمان الشفافية، وبالتالي فإنّ المهل باتت أكثر من ضاغطة.

لكن هذا التصعيد يطرح بدوره علامات استفهام. فربط حضور الجلسة ببند واحد، مهما بلغت أهميته، يضع "القوات" برأي خصومها، في موقع من يستخدم النصاب سلاحًا سياسيًا.هنا، يصبح السؤال مشروعًا: "هل الهدف فعليًا إقرار التعديل، أم إحراج رئاسة المجلس ووضعها في زاوية الاتهام بالتعطيل؟". لكنّ الردّ وفق "القوات" جاهز، فمن يحرج رئاسة المجلس هو رئيس المجلس الذي يريد أن يصادر كل المجلس، ويتجاهل عريضة وقّع عليها أكثر من نصف النواب.

قد يكون الأخطر في كلّ هذه المعمعة أنّ اقتراع المغتربين تحوّل إلى مجرّد "أداة شدّ حبال" في معركة سياسية تجاوزته بطبيعة الحال. وبين من يُتَّهم بالتعطيل ومن يُتَّهم بالمناورة، الحقيقة أن الوقت لا يعمل لمصلحة أحد. فإذا استمرّ الاشتباك على هذا النحو، قد تنتهي المعركة بلا غالب ولا مغلوب، بل ربما بمغلوب واحد هو المواطن، بشقّيه المقيم والمغترب، فيطير التشريع اليوم… ويُهدَّد الاقتراع غدًا.

عندها، لن يبقى السؤال من عطّل الجلسة، بل من فوّت فرصة تصحيح الخلل قبل فوات المهل.

حسين خليفة - "لبنان 24"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا