توقيف شيخ معمّم في الجنوب: تزويج قاصر بعقد قرانٍ مزوّر؟

لا يكاد يمرّ عام في لبنان من دون أن تعود قضية زواج القاصرات في غياب وليّ الأمر إلى أدراج المحاكم العدليّة. إذ إنّ أكثر القضايا في هذا الملف يقف خلفها علماء دين لا يلتزمون توجيهات المحاكم الشرعية السنيّة والجعفريّة، التي تضع أسسًا واضحة لحالات الزواج، وتحديدًا ما يتعلق بالشهود وموافقة وليّ الأمر.

لكنّ على رغم ضوابط المحاكم الشرعية، لا تزال المحاكم العدليّة تسجّل قضايا لتزويج القاصرات في غياب أولياء الأمر أو الشهود الذين يعتبر حضورهم واجبًا لإثبات صحّة القران. حتى أنّ بعض هذه القضايا تعدّى ذلك، ووصل إلى حد تزوير مستندات وعقود قران لتغطية الفعل، تمامًا كما حصل في قضية حصلت أخيراً في الجنوب.

"تزوير عقد قرانٍ لقاصر"

فقد سطّرت قاضية التحقيق في النبطية منى حنقير مذكرة توقيف وجاهية في حق أحد علماء الدين، بعد اتهامه بـ"تزوير عقد قرانٍ لقاصر لم تتخطّ الـ17 عامًا من عمرها".

تعود جذور هذه القضية إلى العام 2022، بعدما أوقف القضاء اللبنانيّ (أ.ك)، وادّعى عليه لإقدامه على مجامعة قاصر وعقد قرانٍ مزورٍ من دون حضور أو توكيل وليّ أمرها. وبعد التوسّع في التحقيقات القضائيّة، تكشّفت هويّة الشيخ (خ.م) الذي عقد قرانهما. وبعد محاولات عديدة لتبليغه بوجوب حضور جلسة استجوابه، حضر الجلسة في العام 2025. وسُطرت مذكرة توقيف وجاهيّة في حقه الأسبوع الماضي.

بحسب معلومات "المدن"، تبيّن أنّ الشيخ أقدم على تزويج القاصر شفهيًا، من دون حضور وليّ أمرها. لكن الشاب تواصل مع الشيخ بعد توقيفه في المخفر، طالبًا منه تزويده بعقد قرانٍ خطيّ، وهذا ما قام به الشيخ.

وكان عقد القران الخطيّ الذي سلّمه الشيخ عبارة عن ورقة مكتوبة بخط اليد، لتزويج القاصر من دون وليّ أمرها، وبغياب توقيع أي شهود على هذا الزواج، ومن دون أي توكيلٍ.

كما أنّ القضاء كان قد استمع سابقًا إلى إفادة الفتاة، التي قالت، بحسب معلومات "المدن"، إنها هربت من منزلها لتعرضها لاعتداء جنسيّ من أحد أفراد عائلتها، وأنها تعرفت إلى الشاب عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ وعرض عليها الزواج ووافقت فتزوجته، وأن أحدَ أشقائها على علمٍ بهذا الأمر".

وبصرف النظر عن أي ظرفٍ دفع القاصر إلى الزواج، إلا أن المشكلة الأساسيّة تعود لآلية تزويج القاصرات بهذه السهولة، ومن دون حضور أو معرفة أي شخص من عائلتها، على أساس اتخاذ قرار مصيري بتزويج فتاة بعمر لا يتجاوز الـ17 عامًا. وعلى ورقة عقد القران كتب الشيخ أنه "الشاهد والمحرر لهذا العقد"، مبرّرًا أمام القضاء أن الفقه ليس كالقانون، وأنه سبق أن زوجهما شفهيًا، لكنه كتب هذه الورقة بعدما تواصل معه الشاب "خوفًا من جرم الزنا".

ادعاء قضائيّ

القضاء ادعى على الشاب بجرم "الاقدام على مجامعة قاصر وإبرام عقد قران مزور". وادعى على الشيخ بجرم "تزوير مستندات شخصية وعقد قرانٍ لقاصر". وبعد استجوابه جرى توقيفه وجاهيًا. وحسب مصادر "المدن"، فإن ضغوطًا تُمارس منذ حوالى الأسبوع على القضاء اللبنانيّ من جهات دينية فاعلة ينتمي إليها الشيخ الموقوف.

فرح منصور- المدن