واقع نفسي مزري للإسرائيليين... الأرقام تكشف الحقيقة "المخفية"

أكدت القناة 12 الإسرائيلية أنّ أكثر من 80 ألف علاج نفسي و50 ألف ساعة علاج قُدّمت للإسرائيليين في الشمال، أي في شمال فلسطين المحتلة، منذ بدء الحرب.

وأشارت القناة إلى أنّ هذه المعطيات عُرضت اليوم الاثنين خلال مؤتمر المنعة الثاني لمركز الموارد، وتُظهر أنّ الحرب أفضت إلى إنشاء "شبكة مناطقية واسعة النطاق" للدعم النفسي، لم تكن موجودة تقريبًا قبل اندلاع المواجهات، وباتت اليوم تخدم نحو نصف مليون إسرائيلي في المناطق الشمالية، في ظل تصاعد الاحتياجات النفسية والاجتماعية للسكان.

وفي السياق نفسه، كشفت صحيفة معاريف هذا الشهر عن ارتفاع بعشرات النسب في طلبات الحصول على دعم نفسي بين جنود الجيش الإسرائيلي، موضحة أن ذلك يأتي في ظل ما يُعرف بـ"الحرب بين الحروب"، وعلى خلفية التداعيات النفسية المتراكمة منذ أحداث السابع من تشرين الأول 2023 والحرب التي تلتها.

وتكشف هذه الأرقام، في مجملها، عن أزمة نفسية متصاعدة داخل المجتمع الإسرائيلي، طالت المدنيين والعسكريين على حد سواء، نتيجة حالة الاستنفار الدائم، والنزوح الداخلي المتكرر، والإنذارات الأمنية المستمرة، إضافة إلى الشعور بعدم الاستقرار وفقدان الأمان، ولا سيما في المناطق القريبة من خطوط المواجهة. وقد أسهمت هذه العوامل في ارتفاع معدلات القلق واضطرابات ما بعد الصدمة والاكتئاب، ما فرض توسيع خدمات العلاج النفسي بوتيرة غير مسبوقة.

أما داخل المؤسسة العسكرية، فتبدو التداعيات أكثر عمقًا، إذ يتحدث مختصون عن استنزاف نفسي متراكم في صفوف الجنود والضباط، ناجم عن طول فترات الخدمة، وتعدد الجبهات، وتكرار الاشتباكات، فضلًا عن الضغوط المرتبطة بطبيعة العمليات العسكرية نفسها.

ويُنظر إلى الارتفاع الكبير في طلبات الدعم النفسي كأحد المؤشرات البارزة على حجم العبء غير المرئي الذي خلّفته الحرب، في وقت يحذّر فيه خبراء من أن تجاهل هذه الأزمة قد ينعكس على الجهوزية العسكرية والتماسك الاجتماعي في المدى المتوسط والبعيد.

وتشير التقديرات إلى أن شبكات الدعم والعلاج النفسي، التي توسّعت تحت ضغط الحرب، باتت عنصرًا أساسيًا في إدارة تداعياتها الداخلية، في ظل غياب أفق واضح لنهاية المواجهات، ما يجعل الجبهة النفسية إحدى أكثر الجبهات حساسية وتعقيدًا في الواقع الإسرائيلي الراهن.