محليات

لبنان السياسي يتجاهل ثقل سوريا على اقتصاده

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

 


هناك امور تحصل في سوريا. في القراءة الاقليمية التي لا يراها اللبنانيون في غمرة الصراعات السياسية الشخصية والحروب الوهمية من جهة وغرق الناس في الهم الانهياري المتواصل، لا تنتبه غالبية عظمى لما يجري هناك علما ان لها التأثير الاكبر والجوهري على ما يحصل في لبنان ليس من باب موضوع النازحين السوريين فقط بل من ابواب اخرى ومنها الباب الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان بقوة ويستنزف على قاعدة انه يحمل معه الوضع الاقتصادي والمالي السوري كذلك.

واكثر ما يثير الاستغراب هو غياب الاعلام اللبناني عما يحصل في سوريا كأنما ليست دولة في جوار لبنان ومؤثرة عليه بنسبة لا يمكن قياسها لا سيما انه صحيح ان الحريق الذي اشتعل فيها في الانتفاضة التي قامت ضد النظام السوري في 2011 لم ينتقل الى لبنان وفق ما تخوف عدد كبير من العواصم، الا ان لبنان بات في عين العاصفة يتلقى تداعيات الوضع السوري وعجزه منذ توقف العمليات العسكرية وحاجة النظام الى اعادة تأهيل نفسه على كل الصعد والمستويات في الوقت الذي بات اكثر من 15 مليون سوري في حاجة الى مساعدات انسانية داخل سوريا بحسب تقارير الامم المتحدة .

فبغض النظر عن نظام بشار الاسد ، فان غالبية الازمات التي يعيشها لبنان من حيث فقدانه للمحروقات وارتفاع اسعارها كما فقدان الخبز والطحين وفقدان الدولار وتسببه في انهيار اكبر لليرة اللبنانية وهذه الامور لا يقاربها احد من المسؤولين اللهم باستثناء بعض النواب لا سيما منهم نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الذين يثيرون تهريب الدولار الى سوريا . في حين ان كل المسؤولين لا يعيرون هذا الموضوع اي اهمية ربما للتغطية على مساهمتهم في تهريب ما يمكن تهريبه وان على حساب مصلحة اللبنانيين ذلك لا سيما من حلفاء النظام فيما يركزون فقط على موضوع النازحين فحسب وما باتوا يشكلونه من ثقل على لبنان من اجل التغطية كذلك على ما يحصل على الصعد الاخرى من دون ان يلغي ذلك عبء النازحين .

وهذه مآخذ يأخذها بعض المراقبين على من تبقى من قوى 14 اذار او الاحزاب المسيحية غير الحليفة للنظام وكانت دوما معارضة لوصايته على لبنان من حيث عدم اضاءتها على ما يحصل على هذا الصعيد لا بل اغفاله كليا اعلاميا وسياسيا . الاستنزاف السوري للوضع المالي والاقتصادي في لبنان يجب ان يقاس بالتقديرات حول ما يصل اليه من المغتربين والذي يقدر ب7 مليارات دولار في السنة اي ثلث الدخل القومي، ما يثير تلك التساؤلات الكبيرة حول استمرار هذا المقدار من العجز.

تغفل غالبية اللبنانيين المعنيين ما يجري في المنطقة وان كان الانتباه موجها الى الاحتجاجات في ايران في شكل خاص. ولكن ما لا يتم الانتباه له هو البحث عن الاسباب التي ادت الى ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل كما البحث عن الربط بين الاعتداء الاخير على العناصر الايرلندية في القوة الدولية العاملة في الجنوب انطلاقا على الاقل من تقديرات سابقة بانه لا يمكن ان يتنفس احد في المنطقة من دون ان نرى تداعيات ذلك في لبنان.

وبمقدار ما ان الكثير مما يجري راهنا في ايران يترك تداعياته على حسم الاستحقاقات الدستورية اللبنانية ، فان ما يجري في سوريا يجب ان يستنفر الانتباه في شكل اكبر. فهناك تغييرات مقبلة بالنسبة الى سوريا التي بات يبحث نظامها عن انفتاح اقليمي ودولي ومع المؤسسات الدولية. فسوريا راهنا المنحدرة الى ازمات معيشية واقتصادية خانقة استنفدت قدرة كلا من روسيا وايران . فالاولى غارقة في الحرب على اوكرانيا بصعوبات وتداعيات كبيرة جدا تنعكس على قدرتها على توفير متطلبات صمود النظام . وقد كان مؤشرا قويا وبالغ الاهمية لمن يتابع الشأن السوري ان تعيد روسيا النظر في موقفها من انعقاد اللجنة الدستورية في جنيف .

اذ كانت روسيا قد اقترحت نقل اجتماعات اللجنة إلى خمس دول أخرى، بسبب العقوبات التي فرضتها سويسرا على روسيا، على خلفية غزوها لأوكرانيا في شباط الماضي. اذ اعلن الموفد الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في احاطة امام مجلس الامن خلال شهر تشرين الثاني الماضي إن سويسرا عملت على حل المشكلة التي أثارتها روسيا، حول مكان انعقاد اللجنة والتي جرت العادة أن تنعقد في مدينة جنيف السويسرية. وقد لا يعني ذلك مرونة سيقدمها النظام بعد اذ لا يزال المسار السياسي في سوريا في طريق مسدود. ولم تجتمع اللجنة الدستورية السورية منذ حزيران فيما اكد بيدرسون أنه "لا توجد جهود جادة لحل النزاع سياسيًا". ولكن النظام في مأزق يتعمق بحيث قد يهتز نظامه اكثر على خلفية ازمات اقتصادية ومعيشية خانقة مع بدء فصل الشتاء وشح المحروقات والكهرباء والمواد الغذائية والعجز عن التنقل .

وايران نفسها في ازمة باتت عناوينها وحيثياتها معروفة في ظل عجز عن التقدم نحو رفع العقوبات وانتشال الوضع الاقتصادي وهما امران يسيران في موازاة الاضطرابات الداخلية التي لا يمكن تجاهلها وان لم تؤد الى تغيير النظام مثلا. وتبعا لهذه المعطيات التي تعرفها الدوائر الديبلوماسية الاجنبية كلها، تبدو المقاربة اللبنانية في الشكوى من النازحين السوريين وحدهم تنطوي على الكثير من الخبث فيما ان ما يجب ان يثار هو مدى تجاهل الدول الغربية والعربية كذلك لمدى الثقل الذي يحمله لبنان من الوضع السوري ككل وعدم الاهتمام بالحلول له وليس من النازحين فحسب.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا