الصفقة: سوريا منزوعة السلاح وحريّة الحركة لـ"إسرائيل" واغتيال العلماء
الصواريخ "تُنير" السماء بدلاً من نجم المشرق وانتهاء الحرب يبدأ بانتخابات بطريركيّة... أين؟
نعود الى السؤال عمّا يبقى من الزّمن الميلادي، بعدما أنهى العالم بغربه وشرقه الاحتفال الزّمني بتجسُّد المسيح المقدّس؟
ماذا يبقى من زمن الميلاد الذي حُوِّلَ بشريّاً الى فترة من الأحلام بسلام، وفرح، وبعالم مثالي، لا يعمل البشر من أجل وضع أي ركيزة له.
وماذا يبقى من زمن حُوِّلَ بشريّاً الى فترة لـ "تمسيح الدّموع"، عبر إذلال بعض المحتاجين، والضعفاء، والمرضى... على الشاشات، وأمام جميع الناس، كثمن مقابل لتوفير مساعدة اجتماعية أو صحية...، لهم، وذلك بدلاً من القيام بعمل الخير بالطريقة التي دعا السيّد المسيح إليها، وهي أن لا تعرف شمالنا ما فعلت يميننا.
قبل ختام الحديث عن زمن الميلاد، لا بدّ من التوقُّف ولو قليلاً أمام هدنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا قبل أيام، والتي قيل إنها "ميلادية"، بينما هي في حالة من الغُربَة عن ميلاد المسيح، شكلاً ومضموناً.
فقبل أي كلام، لا بدّ من الإشارة الى أن لا شيء اسمه "هدنة عيد الميلاد" مثلاً، أو "هدنة عيد الفصح"... لدى المسيحي المؤمن، أو الساعي الى إصلاح أخلاقي وروحي. فهذا المسيحي لا يعترف بحرب، ولا بقتل أصلاً، وهو إذا دعا الى هدنة حرب، فيكون ذلك كمقدّمة لوقفها (الحرب) كلياً عبر مساعٍ تبدأ بالامتناع عن إطلاق النار وممارسة القتل، من جانب كل الأطراف المُتقاتِلَة، وبما يُظهر حُسْن النيّة، بموازاة العمل نهاراً وليلاً لتحقيق السلام الدائم.
أما الحديث عن هدنة من أجل تعييد فقط، فهذا ليس مسيحياً، وهو يُشبه من يتوقّف عن ممارسة خطيئة في ليلة عيد، أو في يوم عيد، أو في زمن "تعييدي"، رغبةً بإشباع الإقناع الداخلي بأنه "شخص منيح"، وذلك مقابل العودة الى سجن تلك الخطيئة بعد انقضاء تلك المدّة. وهذا سلوك مُعادٍ لروح المسيح، وللثّبات في حال النّعمة.
ماذا ينفع؟
وبالتالي، لا يمكن تسمية هدنة، بـ "هدنة عيد الميلاد" (مثلاً)، أو "هدنة عيد الفصح"...، إلا إذا كانت مقدّمة لإنهاء حرب. أما تلك التي دعا إليها البطريرك الروسي كيريل والرئيس بوتين، قُبَيْل يوم الميلاد بحسب التقويم اليولياني (المعروف شعبياً بإسم التقويم الشرقي)، فهي هدنة المشيئة الخاصة، التي لا دخل لها بمشيئة المسيح.
والكارثة لا تقف عند هذا الحدّ، إذ إن الهدنة التي سُمِّيَت ميلادية من جانب الكرملين والبطريركية الروسية، ترافقت مع التحضير الروسي لشنّ المزيد من الضربات "القاتِلَة" في أوكرانيا، بعد انقضاء منتصف ليل 7 كانون الثاني. وبالتالي، ماذا ينفع مشاركة هذا الجندي، أو الضابط الروسي، أو المسؤول الروسي... في قداس إلهي، وحصوله على المناولة المقدّسة، فيما هو يتحضّر ويحضّر لإراقة المزيد من الدّماء، بعد انتهاء الهدنة؟
وماذا ينفع هذا الرئيس أو المسؤول الروسي إذا كان شارك في قداس إلهي في ليلة الميلاد، ليتحدّث بعد ساعات من تلك المشاركة عن ضربة "انتقامية" من الجيش الأوكراني، وذلك بمعزل عمّا إذا كانت المعلومات عن سقوط 600 جندي أوكراني في تلك الضّربة صحيحة أو لا؟ فنحن نتحدّث عن المبدأ، والذي هو أن روح الانتقام ليس مُوافِقاً للمسيح. وهذا عيب إضافي رافق الهدنة التي سمّاها الروس ميلادية، قبل أيام.
لا يمكن الحصول على المناولة المقدّسة، وعلى حالة من النّعمة، بموازاة التخطيط للعودة الى الأعمال والسلوكيات "الجحيميّة". وبالتالي، لا يُمكن الصّمت عن واقع أنه ما كان يتوجّب الدّعوة الى هدنة روسية في يوم الميلاد قبل أيام، ولا إقحام البطريركيّة الروسيّة بمثل تلك التجاوزات الروحيّة.
يبقى القول إن الاحتفال بميلاد المسيح يوليانيّاً، يُوَدَّع ليتورجيّاً بعد أيام، فيما عادت الصواريخ الروسيّة لـ "تُنير" سماء أوكرانيا بدلاً من نجم المشرق، منذ الأمس. وأما انتهاء الحرب في أوكرانيا، فقد يتطلّب انتخابات بطريركيّة في روسيا، تقود الى مشهد روسي مختلف تماماً عمّا هو موجود حالياً. ولهذا الكلام تتمّة... سماويّة.
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|