محفوض: سوف نلاحق الاسد حتى آخر يوم.. لا بد من جرّه الى المحاكمة
رحل الهادئ على قلق
يتصف رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني بأنّه يحمل شخصية مستديرة تجمع صفات الإنتماء الوطني المأخوذة بالميثاقية اللبنانية. شخصية ذات الصوت المنخفض والتصرف السلمي الذي لم يقوَ على خوض غمار الحرب. إستدرك مساره الحزبي بالإبتعاد عن التنظيم واعتلاء المسافة والمساحة عن الطائفة توسلاً الى إعلاء انتمائه الوطني الذي كانت تتنازعه الطوائف في الحرب الأهلية اللبنانية، لربما يجد في توغله مكاناً بين الآخرين. تعمّد الحسيني الغوص في أحكام الدستور وصقل من مداركه حتى بلغ عنده الإحتفاظ بأوراق مناقشات «الطائف» وفيه شيء منها، ولم يفرج عنها خوفاً من استعادة الفتنة في بلد تستعر فيه الأحداث في كل الملمات.
كان الرئيس الحسيني هادئاً على قلق، ميالاً إلى الركون في الوسط في جذوة النيران المشتعلة. في مكتبه الأنيق في فردان إعتاد الرئيس الحسيني أن يستقبل ضيوفه. بهدوئه وأناقته يجالسهم ويجول معهم في ذاكرة الأيام مستعيداً بالتواريخ الأحداث المتعاقبة في لبنان. ومن يتأخر عنه يعاجله بالسؤال مطمئناً بلباقته المعهودة. هو الذي يغرف من التاريخ عبراً للحاضر. تختزن ذاكرته سنوات الحرب المتعاقبة ونهايتها وصولاً إلى اتفاق «الطائف». ذاك الإتفاق الذي لا يتوقف عن الحديث عنه، أسبابه ونتائجه وضرورة تطبيقه. هو القائل إنّ «الطائف» لبناني وأن النواب في لبنان صاغوا بنوده قبل أن يتوجهوا إلى السعودية.
رحل الحسيني وفي قلبه غصة على اتفاق الوفاق الوطني الذي انتُهكت نصوصه ولم يكتمل تطبيقه بعد. في مكتبه لا ترى صوراً لرئيس مجلس النواب السابق مع رؤساء العالم الذين التقاهم، ولا مع النواب بل صورة وحيدة تعتلي الجدار لمقدمة الدستور، وفي الأرجاء توزعت مقتطفات من الصحف عن محطات مفصلية في حياته ومواقفه. تلك المقدمة التي لا يتوقف عن التذكير ببنودها وأولها أنّ لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، وهو جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة....
كانت للجلسة مع الحسيني نكهتها الخاصة. المتابع الدؤوب، والوطني الصادق الذي بقي حتى أيام عمره الأخيرة متأملاً بخروج البلد من أزمته ومعولاً على جيل الشباب النابض بالأمل. تبدأ جولة الأفق السياسية معه من الحاضر وما يشهده من خلافات بين أهل الحكم، وصلاحيات الحكومة ومهام مجلس النواب وواجباته. وحول كل نقطة منها كان يعود إلى الدستور وتفسيراته ويرى أنّ نصوصه واضحه ولا تحتمل التأويل متى أرادوا تطبيقه منتقداً التأخير في إبرام المراسيم التطبيقية لبعض بنود «الطائف» لا سيما تلك المتعلقة بآلية عمل مجلس الوزراء. النائب المستقيل لإعتباره أن مجلس النواب لم يعد شرعياً رفض تقاضي راتبه بعد الإستقالة وأعاده الى وزارة المالية.
كان ينظر إلى رئيس الجمهورية على أنّه رئيس كل السلطات لا يجب أن يكون طرفاً أو أن تكون له حصة في الحكومة أو خارجها. يؤمن بحكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع وبالعيش المشترك. يأنس بالحديث عن تاريخه مع الإمام المغيب موسى الصدر وتأسيس حركة المحرومين. كان يعتبر أن المشروعية للأرض ويؤمن بحراك الأجيال ولذا تبنى حراك 17 تشرين في بداياته.
برحيله خسر لبنان مرجعية دستورية ونيابية وسياسية من الطراز الأول. هو السيد الذي نأى حتى بموته عن أن يكون عامل تفرقة بين اللبنانيين بل جمعهم على مكانته في بلد مشغول بالفتن والصراعات على أبسط التفاصيل.
غادة حلاوي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|