"عودة السوريين"... رئيس بلدية يتحدث عن "نوايا خبيثة" ويدعو للحذر!
هل ثمة ربط نزاع شارعي مع مرحلة حراك 17 تشرين؟
ثمة دوائر مقرِّرة في محور 8 آذار تأخذ وقتها في التبصر بخلفيات ظاهرة الاحتقان في الشارع التي برزت في الساعات الماضية على خلفية اعتقال الناشط وليم نون، واستطرادا على خلفية حراك عالي الوتيرة نسبيا سرعان ما انطلق بُعيد هذا الاعتقال وشاركت فيه، ربما للمرة الاولى، مرجعيات دينية وقوى سياسية مغطاة تلفزيونيا من جهة محاكية بذلك ادوارا مماثلة ابان حراك 17 تشرين الأول 2019 الذي مازال الى اليوم أسير رؤيتين: الاولى تدرجه في خانة الانتفاضة المقارِبة حدّ الثورة، والثانية تضعه في موضع "المؤامرة" التي أُديرت بعدها لكي يصل لبنان الى المستوى الذي بلغه من الانهيار.
وعليه، تضع تلك الدوائر أمامها مسار الاحداث الدرامية المتسارعة التي بدأت منذ ظهور نون على احدى الشاشات ليطلق كلاما اعتُبر بمثابة تحدٍ للسلطتين القضائية والامنية في لحظة تستشعران فيها ضعفاً، أو أنهما محاصرتان بشبهة التقصير والعجز، ومن ثم تأتي عملية اعتقاله بعدها بوقت قصير لينطلق فورا حراك ينطوي على عناصر ومشاهد لافتة لجهة مشاركة اكثر من جهة في ادارته وتوسيع نطاقه وتأثيره، خصوصا لجهة الحشد والتعبئة واستدراج الناس الى الشارع لتكون خاتمة ذلك التطور تسجيل انتصار للحراك وليّ لذراع الدولة.
هذا في المعلَن وفق الدوائر اياها، أما في المضمر فثمة ما هو اكثر مدعاة للاثارة والتساؤلات تنطلق كلها من "قناعة" لدى 8 آذار فحواها ان الحراك المستجد لم يكن بريئا ولم يكن عابرا وابن ساعته، بل انه نتاج أمر دبّر وان له استكمالاً في جزء ثان بانتظار استخراج عِبر الحراك المستجد واستنتاج دروسه.
وأكثر من ذلك، فان الامر في نظر الدوائر اياها لا يعدو كونه بروفة اولية تبحث كواليس المخططين والمنفذين عن ربط نزاع جديد وحيوي له مع حراك 17 تشرين، ولكن بناء على شروط ومسارات مختلفة.
وعليه ايضا، فان الدوائر عينها تجد في طوايا التطورات التي توالت فصولها على مدى نحو 36 ساعة عملية مواجهة للدولة المربَكة إن لجهة محاصرة مقر جهاز أمن الدولة في الرملة البيضاء، او التجمعات امام مراكز امنية، او الانتقادات الحادة لسلوك المدعي العام القاضي زاهر حمادة بوصم عمله بالتسييس والانحياز.
وبناء على كل ما تقدم، فان تلك الدوائر تبني على مسلسل هذا التحرك "عمارة" استنتاجات منطلقها واقعان أتيا في لحظة مفصلية: الاول وصول الوفد القضائي الاوروبي الى بيروت للتحقيق في ملفات مالية ذات طبيعة فضائحية، ولكن مع لحظة وصول ذلك الوفد انطلقت موجة احاديث عن ان مهمة بعض اعضائه ستكون مكرسة للخوض في تفاصيل انفجار #مرفأ بيروت.
والثاني ارتفاع منسوب الكلام منذ فترة عن احتمال حصول فلتان امني واسع في الشارع تعجز السلطات عن ضبطه وإحكام السيطرة عليه في ظل فراغ سياسي وفي ظل انهيار مالي بلا حدود وبلا قعر، وفي ظل اهتراء غير مسبوق في جسد الدولة.
وبهذا الاستنتاج ثمة مَن يستحضر تطورات واحداثا امنية - سياسية لافتة تسجَّل منذ فترة كمثل الحديث عن تشريع "الأمن الذاتي" وايجاد نواة عملية له وكمثل الحديث عن الفدرلة.
واذا كان البعض يرى ان كل ذلك يبقى نظريا لا قيمة عملانية له في ظل موازين القوى الحالية، إلا أن الدوائر اياها تدرج ذلك في سياق آخر عنوانه مراكمة مناخات تهويل وضغوط وبثّ شعور بان الامان النسبي نفسه يوشك ان يُفقد فليكن الاستعداد لأوضاع واحتمالات سيئة. وكل هذا يدخل تحت عنوان إعداد المسرح و"تعييش" الناس في مناخات شبيهة بمناخات 17 تشرين حيث برز في بداياتها نوع من السلطة الموازية لسلطة الدولة بعدما استوطنت الشارع على مدى اشهر عدة.
واذا لم تكن الدروب ميسّرة للانفجار الواسع والوشيك فان فرض تلك الاجواء يراد منه ارسال رسائل في اكثر من اتجاه تحتوي على الآتي:
- ملء الفراغ السياسي الحاصل بمناخات ملتهبة واحتمالات التفجير خلافا لمآل يريح "حزب الله" ومحوره الساعي لابقاء الاوضاع على قدر من الهدوء بانتظار لحظة التسوية الحاسمة. وبمعنى آخر ثمة "تحمية" للشارع لحرمان هذا الفريق فرصة الامساك بزمام المبادرة وانتزاعها منه بغية تعزيز اوراق اسماء مرشحة للرئاسة الاولى.
- اظهار مؤسسات الدولة بمزيد من مظاهر الضعف والوهن لترسيخ نظرية الدولة الفاشلة العاجزة لفتح مزيد من الابواب امام التدخلات الخارجية لفرض امر واقع معيّن
وفي هذا الاطار، تزعم دوائر 8 آذار بان ثمة من يريد استنساخ تجربة حية هي التجربة التي وفرت الاسباب لوصول قائد الجيش السابق ميشال سليمان الى قصر بعبدا.
قد لا تكون الظروف مهيأة لتكرار مثل هذه التجربة، إلا ان تعزيز الاحتقان الحاصل وأخذه الى مطارح تنطوي على احتمالات التفجير على غرار ما سُجل خلال الساعات الماضية، هو جسر عبور للراغبين في استحضار مناخات 17 تشرين، وبربط نزاع مع تلك المرحلة تكون الافادة منه ممكنة خصوصا بعدما استشعر حراك 17 تشرين ان الكتلة النيابية التي اتت على صهوة هذا الحراك قد خيبت الآمال والرهانات التي عُقدت عليها، إنْ على مستوى الاداء او على مستوى التوحد.
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|