"سوريا مهد المسيحية"... الراعي: الاستعدادات جارية لانتخاب رئيس
جرعة الدعم الأميركي تخفّف السقوط الحرّ
البلد كما في حال سقوط حرّ من دون أي شبكة أمان. هذا ما أثبتته وقائع الأيام القليلة الماضية مع الانهيار الكلي للقضاء وزيادة الانهيار المالي والاجتماعي وغياب أي سلطة مسؤولة.
ولهذا اكتسب إعلان الولايات المتّحدة تقديم مساعدات نقدية بقيمة 72 مليون دولار لعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، من خلال برنامج تابع للأمم المتّحدة أهمية مضاعفة في هذا السياق باعتبار أن المؤسسات الأمنية وحدها لا تزال قائمة بالحد الأدنى علماً بأن الحريقة السياسية تعصف بها في تصعيد للتيار العوني عبر وزير الدفاع في وجه قائد الجيش هو حديث الاوساط السياسية. والمبادرة الأميركية جهد بذلته في شكل خاص السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا التي بحثت في واشنطن وفي قواعد الإدارة الأميركية عن سبيل لدعم الجيش والقوى الأمنية مادياً فيما ذلك لا يرد في هذه القواعد.
والوصول الى هذه النتيجة عبر التعاون مع برنامج للأمم المتحدة هو المخرج والإخراج اللذان اعتُمدا إنما يشي بمقدار الرغبة في منع سقوط لبنان بسقوط مؤسساته الأمنية وانطلاقاً من أن دعم القوات المسلحة اللبنانية لا يزال نقطة دعم من الحزبين في الكونغرس الأميركي. والأهمية المزودجة لهذه الخطوة الى جانب ما تترجمه من مصلحة للولايات المتحدة ببقاء قدرة القوات المسلحة على حفظ الاستقرار والحفاظ على سيادة الاراضي اللبنانية تأخذ مداها في ظل سقوط القضاء كلياً وانتهائه تزامناً مع إطلاق استئناف المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عمله.
فالمقاربة التي اعتمدها القاضي طارق بيطار حظيت بملاحظات قانونية عدة وحتى مآخذ يرى أصحابها أنها قد تكون أضرّت بالقضية وببيطار نفسه. ولكن ما ثبت نتيجة رد الفعل هو أولاً أن السياسة تعلو على القانون وتتقدم على أي سلطة قضائية كما في أي وقت مضى مهما يكن حجم الجريمة ولا سيما أن ثمة مآخذ أيضاً تطاول مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي انكفأ عن مواجهة القاضية غادة عون وهجم على بيطار. وثانياً ما يعيده البعض الى الأذهان بإعلان وزيرة الدفاع الفرنسية السابقة فلورنس بارلي قبل فترة قصيرة من أنّ "حزب الله والنظام السوري مسؤولان معاً عن اغتيال رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق الحريري" وأنّ "شخصيات من النظام السوري متورطة أيضاً بجريمة الاغتيال"، مشيرة إلى أن "المحكمة الدولية حول الحريري تعرّضت لضغوط لسحب تورط النظام السوري".
وفي ظل اقتناع كثيرين بأن نيترات المرفأ هي للنظام السوري، في الحد الأدنى، في حربه التي شنّها ضد مواطنيه، فهل سيُسمح للقضاء اللبناني بكشف ذلك مهما كان مستوى المتورطين المحليين عن عمد أو عن غير عمد أم يتم إنهاء القضاء اللبناني على سبيل الحؤول دون كشف الحقيقة والمسؤوليات التي كان رفض رئيس الجمهورية تحمّلها عبر مجلس الوزراء أو المجلس الأعلى للدفاع لأسباب واهية في الوقت الذي رفض فيه أيضاً تحقيقاً دولياً في انفجار المرفأ. وذلك فيما يعتبر فريق مؤثر أنه هو المستهدف محلياً وخارجياً بالتحقيق في الانفجار.
ويعتقد سياسيون أن ما يجري على مستوى التصعيد المالي وانهيار الليرة يدخل في إطار عملية إلهاء متعمّدة بعيداً عمّا يجري في القضاء في الوقت الذي تثار فيه فوضى على الأرض واعتراضات تسهم في عملية الإلهاء، إذ إن أي تحرك لأي مسؤول لم يظهر فيما يوكل الى القضاء تصفية القضاء وفيما يختفي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الأرجح لانفراط البلد بين يديه وعجزه عن عقد جلسة لمجلس الوزراء تحتّمها التطورات الانهيارية المتسارعة. وكان عليه تجاهل الذريعة بفصل السلطات وعدم التدخل في القضاء أو أيضاً بالممانعة المسيحية المتعددة الاتجاهات لانعقاد مجلس الوزراء في محاولة للحؤول دون الفوضى الحاصلة على المستوى المالي أو لاتخاذ أي إجراء يمنع المزيد من الانزلاق ويبادر الى دعوة الوزراء أو تحميلهم المسؤولية لئلا يتحمّلها أكثر من غيره. فالهدف هو تضييع الحقيقة في الدرجة الاولى ولا سيما بعد المخاوف الكبيرة التي أثارتها الوفود القضائية الأوروبية التي وإن وضعت في خانة التحقيق في موضوع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، فإن أوراق مسؤولين كبار ستكشف كذلك.
ويعتقد هؤلاء السياسيون أن الدول المهتمة بلبنان وفي مقدمها الولايات المتحدة التي وضعت أخيراً استقلالية القضاء على سلم الأولويات التي يتعيّن على لبنان تنفيذها الى جانب انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة والقيام بالإصلاحات التي تتيح تنفيذ الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي لم تضع ثقلها في هذا الاتجاه أو في اتجاه دعم تحقيق انفجار المرفأ كما وضعته في موضوع دعم الجيش، إذ إن واشنطن على رغم انشغالاتها وأولوياتها، بذلت جهداً كبيراً مكّنها من تحقيق انتصار مهم في عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وهي لا تزال تحتاج الى أن تظهر إرادة قوية من أجل الضغط على القوى السياسية للقيام بواجباتها لا سيما أن ترك الوقت مفتوحاً أمامها للألاعيب السياسية والمصلحية أطاح ما بقي من القضاء ويدفع البلد الى المزيد من الانهيار المالي في ظل رفض القيام بالإصلاحات، لا بل ثمة من يعتبر أن هناك عملية غش كبيرة تجرى حتى في موضوع قولبة شروط صندوق النقد الدولي كما حصل في قانون السرية المصرفية ويحصل راهناً في قانون الكابيتال كونترول الذي يرفضه البعض من باب رفض تشريع الضرورة في غياب انتخاب رئيس للجمهورية ومن باب خدمة أجندات مصرفية وسياسية بذريعة تلبية طلب صندوق النقد.
هذا المنحى للأمور يخشى البعض أن يرسّخ معادلة إما الفراغ اأو الفوضى تحت طائل القبول بأي رئيس لمجرد الإيهام بالخروج من الأزمة.
"النهار"- روزانا بومنصف
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|