لو كان المسؤول صاحب ضمير ...3 رواتب في الشّهر والحدّ الأدنى 300 مليون ليرة!
لا تضحكوا علينا، إذ لستُم صادقين أكثر من معظم الخبراء حول العالم، الذين يؤكدون أن لعبة دولار السوق السوداء في لبنان لا تتعلّق بشحّ العملات الصّعبة، ولا بموازين العرض والطلب فقط، بل بفساد ونصب واحتيال، إذ توجد في الواقع كتلة نقديّة مهمّة بالدولار وبغير الدولار في البلد، ولكنّها "تُحرَّك" من دون ضوابط قانونية، ومن دون أي إطار مالي شرعي فعلي، وذلك بشكل مقصود.
فنحن نعيش تحت رحمة "نصّابين"، يتبادلون الأدوار بين الجلوس على كرسيّ سياسي ونقابي وتجاري...، وبأقنعة حماية النّشاط الاقتصادي في لبنان، فيما هم يحوّلون البلد الى منصّات تحدّد سعر السّلع والبضائع بحسب مشيئة "نصبهم" واحتيالهم، الى درجة أن حياتنا باتت مضبوطة بحسب منصّات قبل الظّهر وبعده، ضمن مسار سينسحب على كل السّلع والبضائع والخدمات في البلد، عاجلاً أم آجلاً.
ولكن الحلّ ليس صعباً لهؤلاء "النصّابين"، هذا طبعاً لو كنّا نعيش في دولة. فهُم "ينصبون" بعدد الدّقائق والثّواني بما يزيد أرباحهم، فيما لدى معظمهم شركاتهم ومؤسّساتهم. وهم ينامون "على حرير" طالما أن ما يُقال لها دولة، تزيد الرواتب والأجور وبدل النّقل، قبل أن يسحبها هؤلاء من فم الموظّفين والعمال بأضعاف الأضعاف، وبلعبة دولار السوق السوداء التي ترفع أسعار كل شيء، وتجعل الحياة أصعب. ولكن قصاصهم ليس صعباً، بل يحتاج الى دولة.
فعلى سبيل المثال، ماذا لو كان المسؤول صاحب ضمير في هذا البلد، وأعلن عن منصّة للرواتب، تُدفَع تلك الأخيرة بموجبها في كل آخر شهر بحسب سعر دولار السوق السوداء؟
وهذا يعني أنه إذا دُفِعَت الرواتب في أواخر كانون الأول الفائت (مثلاً) بحسب سعر صرف 43 ألف ليرة (مثلاً)، فإن رواتب أواخر كانون الثاني تُدفَع على سعر صرف 70 ألف ليرة (مثلاً، وإذا وصل سعر الصّرف الى هذا الرّقم)، وربما أكثر إذا تجاوز (سعر الصّرف) هذا الرّقم، قبل 31 الجاري.
وماذا لو كان المسؤول صاحب ضمير في هذا البلد، وأعلن عن منصّة تُعطي العاملين والموظّفين ثلاثة رواتب في الشّهر، أي بمعدّل راتب واحد كل 10 أيام، بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار، ومع منصّات المحروقات، والأدوية... ومع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء؟ وهو ما يعني أن الحدّ الأدنى للأجور المُتّفق عليه بـ 4 ملايين ونصف المليون مؤخّراً، يُصبح 13 مليوناً ونصف المليون، شهرياً. هذا طبعاً مع تحويل بدل النّقل، وباقي المخصّصات... الى أرقام متصاعِدَة، بما يتناسب مع السوق السوداء، وبمعدّل كل 10 أيام أيضاً.
في تلك الحالة، ستنزل طبقة الذين يتحكّمون بموادنا الغذائية، وبأدويتنا، وبطبابتنا، وبمحروقاتنا، وبرغيفنا، وقمحنا، وطحيننا... التي تتسبّب بفقرنا، الى الشوارع. وسيحمل المحتكرون، والمخزّنون، والتجار، وصيارفة النّصب والاحتيال... السلاح، وحتى إنهم سيُهاجمون القوى الأمنية والعسكرية نفسها، لأنهم سيعترضون على ما سيقولون إنه "إفقارهم"، وعلى ما سيعتبرون أنه تهديد لمصالحهم، وذلك عبر إلزامهم بدفع أجور العاملين والموظّفين لديهم بحسب دولار السوق السوداء الذي يتلاعبون هم به، ويرفعونه بحسب رغباتهم، وشهوات أرباحهم، وبما يتناسب مع رغبتهم بتسعير السّلع.
ففي تلك الحالة، قد يُصبح الحدّ الأدنى للأجور أكثر من 300 مليون ليرة ربما، وفي وقت غير بعيد، أي في أواخر شباط القادم ربما، على أبْعَد تقدير.
أكد مصدر واسع الاطلاع أن "نصّابي المواد الغذائية، والصحيّة، ومصادر الطاقة... يُمسكون كل شيء في البلد، ويمارسون المضاربة في السوق السوداء، ويُمعنون في انهيار قيمة اللّيرة. ومن أبرز الوسائل المُمكِنَة لوقف طمعهم وسرقاتهم هي اعتماد قاعدة أساسيّة معهم، تقوم على إجبارهم على دفع ضرائبهم كالـ TVA، والرسوم الجمركية، وضريبة الدّخل، وعلى دفع أجور موظّفيهم وعمّالهم "كاش"، باللّيرة اللبنانية، وبحسب ما يوازيها من سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وذلك تماماً كما أنهم يبيعون ويتاجرون ويمارسون أنشطتهم الاقتصادية، ويجنون أرباحهم، بحسب دولار السوق السوداء أيضاً. وبالتالي، لا يحقّ لهم أن يدفعوا الرسوم الجمركيّة مثلاً وفق دولار مُحتَسَب بـ 15 ألف ليرة، فيما هم يعملون في السوق ويربحون بموجب الحركة اليومية للسوق السوداء".
وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "هذا سيكون سلاحاً فتّاكاً في وجه هؤلاء، يهلكهم، ويُنهي قدرتهم على المضاربة. ولكن هذا الأمر سيؤسّس لخضّة كبيرة في البلد، خصوصاً أن لا دولة فعّالة في لبنان".
وأشار المصدر الى أن "هذه الطريقة ستُوقِف المضاربات التي يمارسها التجار، إذ لمجرّد أن يدفعوا ضرائبهم ورواتب موظّفيهم باللّيرة "كاش" وعلى سعر السوق السوداء، سيُصبحون مُجبَرين على بَيْع دولاراتهم حتى يتمكّنوا من الحصول على اللّيرة اللبنانية، وهو ما سيخفّض سعر صرف الدولار تلقائياً".
وختم:"هذه هي الطُّرُق الأكثر فتكاً بجيوب هؤلاء، وبأنشطتهم غير الشرعيّة، وبتلاعبهم بالأسعار وبحياة الناس، وهو ما سيُساهم بتخفيض الدولار بشكل فعّال".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|