باسيل المأزوم يترشّح بحياء... إعلانه لا يبدل شيئاً بل يمعن في التعطيل
لا يمكن لأي مستمع لكلام رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل اول من أمس إلا أن يستشعرحال الذعر التي يعيشها الرجل بسبب خياراته السياسية، بحيث كان التناقض سيد مواقفه ما بين الأمس واليوم وما بين سطر وآخر.
قد يكون الشعار الجديد الذي قرر باسيل ان يخوض به معركته الرئاسية، بقطع النظر عما اذا كان يرمي الى وصوله الى بعبدا أو لتحسين موقعه التفاوضي حول المكاسب الممكن تحصيلها من أي رئيس مقبل، يعكس بوضوح نوع الحملة الاعلامية التي سترتكز على المعادلة الأحب الى قلبه: وحيد في معركة استرجاع الحقوق والصلاحيات المسيحية، غافلاً في شكل كامل انه أكثر من يطيح هذه الصلاحيات والحقوق، ويمعن في تفاقم الشرذمة ضمن الصف المسيحي.
فالمعارك الوهمية التي يخوضها تحت هذا الشعار لا تستهدف، للمفارقة، إلا المواقع القيادية المسيحية المرشحة للرئاسة الاولى. بدأت ولا تزال قبل فترة ضد حاكم المصرف المركزي، وانتقلت بالأمس الى قائد الجيش، من دون ان توفر المرشح المفضّل لدى "حزب الله" سليمان فرنجية.
رفع باسيل سقفه بالأمس عالياً، مهدداً ومتوعداً برسائل متعددة الاتجاهات نحو الحزب في الدرجة الأولى واضعاً اياه امام خيار من اثنين، مع ما يرتبه كلاهما على "تفاهم مار مخايل". فهو بتلويحه بإمكان الترشح لانتخابات الرئاسة الاولى، خيَّر الحزب بين التوافق على اسم مرشح من اختياره هو، أو ترشحه، قاطعاً الطريق امام المرشح الاكثر جدية، العماد جوزف عون.
مصدر الذعر الاساسي لباسيل استشعاره تقدّم حظوظ عون لدى مختلف الاطراف، بمن فيهم الحزب الذي يرى في قائد الجيش خياراً ثانياً مقبولاً. وجاء ترشيح الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لعون ضمن سلة من ثلاثة اسماء تلحظ المدير الاقليمي لصندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين ليزيد مستوى القلق لدى باسيل، من احتمال نضج طبخة رئاسية تعبّد الطريق امام عون الى قصر بعبدا، علماً ان جنبلاط نفسه يؤكد انه طرح الاسماء على سبيل المثال وليس الحصر، وان هدفه فتح كوة في جدار الازمة.
أخفق باسيل في تقديمه منحى انفتاحياً على مرشحين آخرين عندما كشف عن مسودة أعدّها التيار بلائحة اولية بأسماء من دون تبنّيها أو ترشيحها، ومن دون التمسك بأي واحد منها، ولكن اقتراحها جاء على قاعدة "انها افضل من غيرها، أقله أفضل مما هو مطروح". فهو اعلن انه اذا لم يكن هناك نتيجة، سيدرس لاحقاً الموافقة على أي مرشح يصل شرط انه قبل انتخابه، تنفّذ الكتل المؤيدة له مطالب اصلاحية لا تتعلق بالتيار ولا بمحاصصة، بل "فيها خير لكل اللبنانيين، وأبرزها قانون اللامركزية واستعادة الاموال المحوّلة الى الخارج (...)".
شكلت مواقف باسيل أجزاء متناثرة من أحجية لا يملك اسرارها إلا الرجل نفسه الذي يريد الشيء ونقيضه. يريد الترشح من اجل الحفاظ على مبدأ صحة التمثيل، اقتناعاً منه بانه لا يزال يملك كتلة نيابية كبيرة، تلتزم قراره وخياراته السياسية، فيما الواقع ان ودائع الحزب لديه ستعود الى مرجعيتها فور صدور القرار بالمرشح الذي سيصبح رئيساً، فضلاً عن انه لم يعد يملك صحة التمثيل بل يتشاركه مع حزب "القوات اللبنانية" التي يجوز لها، عددياً وتمثيلاً، ان تتحدث بمبدأ صحة التمثيل.
يرفض الاسماء المقترحة ويعدّ لائحة بأسماء يعتبرها افضل من المطروح، لكنه لن يتبناها او يرشحها او يتمسك بأيّ منها.
يعتقد باسيل انه بالاعلان عن نيته الترشح، يمكن ان يضيّق الخيارات ويربك الحلفاء، وتكون له كلمة فصل في الرئيس المقبل، كما تكون لتياره حزمة مكاسب في الادارة المقبلة. واذا لم يحصل ذلك، يكون كرّس إعادة تموضعه خارج الحلف الذي شكّل له حاضنة في ما مضى.
لن يبدل ترشيح باسيل المعادلة القائمة، وفق مراقبين، ولن يغير في المسار الذي يسلكه الاستحقاق الرئاسي في المرحلة الراهنة، بل انه يمعن اكثر في التعطيل محاولا الغاء المرشحين المطروحين. فـ"حزب الله" لم يخرج بعد عن تريثه في هذا الاستحقاق، ولا تزال خياراته تعطي الاولوية اليوم لبقاء الوضع على ما هو، اي الشغور، في انتظار بلورة المعطيات الداخلية والخارجية المتصلة بالوضع اللبناني.
جُلّ ما أراد قوله وعلى طريقته انه هنا وهو موجود، ولا يمكن تهميشه أو تجنّبه!
"النهار"- سابين عويس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|