"دولرة" الاقتصاد ضربة قاسية للعملة الوطنية
رأى الخبير الاقتصادي والمالي د.جاسم عجاقة أن قرار وزارة الاقتصاد تسعير السلع الغذائية والاستهلاكية في السوبر ماركت والمتاجر بالدولار الأميركي قرار سلبي واعتراف رسمي بالعجز، وهي خطوة تخدم التجار ولا تحمي المستهلك. والحجة التي تقدمها الوزارة كما التجار، أن التسعير سيضيف الشفافية ويسمح بمقارنة الأسعار التي قد تنخفض مع المنافسة أمر غير مؤكد، خصوصا أن المواطن كان يقارن الأسعار بالليرة اللبنانية. متسائلا عن سعر الصرف الذي سيتم اعتماده عند عملية الدفع نتيجة التقلبات الدائمة له في السوق السوداء. كما أن هذا الأمر يفترض وجود رقابة صارمة لضبط الأسعار، وهو أمر متعذر بسبب ضعف الإمكانات.
وأكد عجاقة في تصريح لـ «الأنباء» الكويتية، أن أحد أسس الاقتصاد الحر هو المنافسة وهي غير موجودة، لأن هناك هيكلية احتكارية، وكل قطاع من القطاعات يسيطر علية عشرات التجار. ولفت الى أن أكثر من 20 ألف نقطة بيع هي بيد عشرات التجار بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يمنع أي عملية منافسة بينهم. وأكد أنه إذا حصل ودخلنا في «الدولرة» الشاملة فان ذلك يعفي مؤسسات الدولة من الرقابة والملاحقة، ويشكل ضربة قاسية للعملة الوطنية.
وأشار عجاقة الى أن القيمين على القطاع المالي كانوا يتحدثون عن دولرة الاقتصاد نسبة لحجم الودائع بالدولار على حجم الودائع الإجمالي، ولكن اليوم لم تعد القضية قضية ودائع وحجمها، بعد أن دخل الدولار على عمق العمليات الاقتصادية الحياتية اليومية. وهذا أمر خطير، وهناك مخاوف من خلال السماح بتسعير السلع والبضائع بالدولار، وأيضا التلويح بتسعير مادة البنزين بالدولار، وهذه خطوة إضافية نحو دولرة الاقتصاد بالكامل من الصعب الرجوع عنها وإذا عدنا عنها فكيف؟
وأشار د.عجاقة الى الموظفين في القطاع العام الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية ويستفيدون من التعميم 161 المتعلق بمنصة «صيرفة» لسحب الدولار والإفادة منه في السوق الموازية، لكن من يضمن بعد حين أن يبقى هذا التعميم الى ما لا نهاية. مؤكدا أنه لا حل الا بخطة إصلاحية اقتصادية، حتى لو أعطي المواطن الدولار، فلا نجاة الا بالإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي. والمعطيات تشير الى أنه ليس هناك استعداد لذلك لأن القرار الاقتصادي هو رهينة السياسة، وتعطيل المعالجات ووضع خطة هو أمر مقصود.
واعتبر عجاقة أن هناك عوامل عدة تتحكم بسعر صرف الدولار منها تضخم الكتلة النقدية بالليرة وهذه لا وزن كبير لها، بل الأهم المضاربات والتهريب. فعندما نستورد بقيمة 19 مليار دولار في 2022 على شكل بضائع فان هذه الدولارات أتت من السوق السوداء، والقدرة الشرائية لا تتجاوز الـ 6 أو7 مليارات دولار، يبقى 12 مليارا هي هروب لرؤوس الأموال على شكل تهريب سلع وبضائع خارج الحدود وهذا استنزاف قاس للكتلة النقدية بالدولار التي بدأت «تزم» بشكل مرعب. إضافة الى موضوع المضاربة بفعل التطبيقات التي لا نعرف من أين تأتي بالسعر، كما أن ذلك يحصل نتيجة العرض والطلب، فإذا كان هناك طلب حقيقي وصحيح، فلا يوجد حجم يبرر هذا العرض والطلب إذا جرت مقارنته بالمداخيل. وعليه فان هناك لعبة من وراء هذه التطبيقات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|