محليات

لبنان بلد منكوب ...فمن يغيثه؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الكارثة – المصيبة التي تعرّضت لها تركيا وسوريا جرّاء"هزّة العصر" تفوق الوصف والخيال. هذا ما نشهده عبر شاشات التلفزة. وهذا ما ينقله إلينا الفريق اللبناني، الذي يساهم مساهمة فعّالة في إنقاذ من بقي على قيد الحياة تحت الأنقاض.

هذه الكارثة ستكون لها ارتدادات إنسانية واقتصادية واجتماعية على مدى سنوات، خصوصًا أن كلًا من تركيا وسوريا تعانيان أزمات اقتصادية حادّة، مثلهما مثل بقية دول العالم بفعل التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية لم يشهدها العالم منذ ما قبل أربعة عقود. وهذا الأمر سيقود هذين البلدين المنكوبين إلى اتخاذ إجراءات استثنائية تعويضية. وهذا ما فعلته الدول التي كانت عرضة لضربات مماثلة. 
أمّا عندنا في لبنان فالأمر مختلف كليًا، إذ يمكننا القول إن المسؤولين المباشرين أو غير المباشرين، إمّا إهمالاً أو تواطؤًا، مستمرّون في نهج طمس حقيقة انفجار أو تفجير المرفأ، الذي أُعدّ بما خلّفه من كوارث بمثابة زلزال من صنع البشر. والأنكى من كل هذا أنه لم يُتخذ أي اجراء استثنائي تعويضي، ولو من الناحية المعنوية، وذلك بسبب إغراق

لبنان بكمّ من المشاكل، التي لا عدّ لها ولا إحصاء، تحول دون تمتّعه بميزات تفاضلية في شتّى المجالات. 
فلبنان هو البلد الوحيد من بين دول العالم قاطبة "يستطيع" أن يعيش من دون رئيس للجمهورية، وحتى من دون حكومة أو من دون مجلس نيابي أو من دون مؤسسات. فلكل مقام بالنسبة إلى اللبناني مقال، ولكل مشكلة حلّ على "الطريقة اللبنانية"، أي طريقة "الترقيع" و"التصبيج"، وطريقة "كيف ما اجت تجي"، أو على طريقة "حايدي عن ضهري بسيطة".  
فأمام نكبات لبنان المتتالية وما فيها من "هزّات" و"زلازل" سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية لم نرَ بادرة واحدة من هؤلاء المسؤولين عن هذه النكبات مجتمعة للتخفيف من معاناة اللبنانيين، الذين كانوا يعيشون إلى حدّ ما حياة مقبولة قبل أن تتحّول بين ليلة وضحاها وبفعل سحر ساحر، إلى حياة لا تشبه في أي شيء الحياة العادية التي تنعم بها شعوب العالم قاطبة. فقبل ولوج عتبة "جهنم" كان اللبنانيون قادرين على تدبير أمورهم بالتي هي أحسن، على رغم هول السياسات الخاطئة التي كانت متّبعة. فكان التداوي بالأعشاب والمسكنات المؤقتة هي ما يُنصح بها لمحاربة مرض السرطان السياسي المتفشّي بكل مفاصل الجسم اللبناني. 
فهذه السياسات الخاطئة هي التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه من حال ميؤوس منها، على رغم أن ثمة من لا يزال يؤمن بإمكانية قيام هذا البلد المعذب من تحت الأنقاض، ولا يزال "يباطح" للحدّ من مفاعيل الارتطام الكبير. 
فالحكومة، وعلى رغم الإمكانات المحدودة المتوافرة لها، مصممة على ملء الفراغ بما يتناسب مع حاجات اللبنانيين الكثيرة، مع إصرار رئيسها على أن يكون انتخاب رئيس للجمهورية أولوية الأولويات، لأنه مؤمن بأن هذا الموقع المتقدّم هو الأساس لانتظام عمل مؤسسات الدولة. 
واللافت في ما خصّ "تشريع الضرورة" سواء أكان على مستوى السلطة التنفيذية أو على مستوى السلطة التشريعية أن المعايير التي يطالب رئيس "التيار الوطني الحر" السيد جبران باسيل بتوحيدها تختلف من حيث الشكل أو المضمون. 
فانعقاد جلسات للحكومة بالنسبة إليه طعن للميثاقية والشراكة الوطنية فيما يرى "تشريع الضرورة" في مكان آخر هو عمل عادي فقط لأن فيه ما يخدم مصالحه. 
فهذه المشهدية وما فيها من ملامح هزلية هي واحدة من بين الأسباب الكثيرة، التي تجعل من لبنان بلدًا منكوبًا سياسيًا. 

المصدر: خاص "لبنان 24"

من ناحية أخرى، 
نجا لبنان بأعجوبة من كارثة الزلزال الذي هزّ تركيا وسوريا. اللاذقية وجبلة وحميميم ومئات القرى السورية التي تضررت بشدة على مقربة منه. وتُحسبُ المسافة إليها بالساعات.

مع ذلك وقف الاهتزاز المريع على مسافة آمنة، وكان يمكنه بشحطة ثوانٍ أن يجعل من مناطق لبنانية إمتداداً للمأساة السورية والتركية. حظنا وحظ لبنان جيّد هذه المرة. لقد تمّ إعفاؤنا من مصيبة جديدة تُضاف إلى المصائب القائمة والمقيمة من دون الحاجة إلى فوالق، ففيلق واحد يكفي ويزيد.

لنتصور ما كان حلّ بالبلد لو طاله الزلزال الأرضي القريب. مدن وقرى وعشوائيات في كل مكان، سكان يعانون القهر الممنهج منذ سنوات، وإلى جانبهم مئات ألوف النازحين السوريين في غرف وأبنية متآكلة يتشاطرونها سوية؟ من كان سيغيث لبنان لو حصل ما يخشاه اللبنانيون في كل لحظة؟

يمكن توقع الجواب جرياً على العادة. كان أصحاب المليارات في طائراتهم يجولون لطلب الدعم وكان العالم سيحتقرهم مرة جديدة ويشير إليهم كمسؤولين عن «الكارثة المتعمدة» ولو كانت من صنع الطبيعة. لكن الحظّ حالفهم مثلما حالف الأراضي اللبنانية فانصرفوا إلى توظيف كارثة الجيران في سوق صيرفة سياساتهم المحلية.

كانت همروجة التعاطف مع دمشق محاولة لتأطير الخلاف الداخلي وجعله جزءاً من ترسيم حدود الصراع على السلطة. الذين بدأوا الهمروجة لم يتعاطفوا أصلاً مع أبناء بلدهم. قادوا الانهيار المالي والاقتصادي ونظّموا نهب الودائع وقضوا على مؤسسات الدولة لمصلحة الدويلة، وأسسوا لزلزال المرفأ وصنعوه فدمروا خلال ثوان مدينة أكبر من قهرمان مرعش ثم واصلوا ارتدادات فعلتهم بأن قضوا على القضاء الذي يفترض أن يحقق ويحاسب.

لم يكن لبنان بحاجة إلى صفائح تكتونية ليعرف معنى الكارثة، فسياسيوه الممسكون بتلابيبه هم صفائح من قبل التاريخ، تحتك يومياً وتنفث سمومها وخرابها وزلازلها، وما كان لهزةٍ أرضية من غير صنعهم، الّا لتزيد في قدرتهم على مواصلة السيطرة والاستمرار فيها.

هذا ما عنى لهم زلزال سوريا وتركيا. فبدلاً من التفكر والتبصّر واتخاذ القرار السريع بإعادة إيقاف الدولة على رجليها لمعالجة الكارثة القائمة وتلك الطبيعية المحتملة، هبوا لتبييض الوجه في دمشق واستعمال النافذة السورية في استعمالاتهم الشخصية. ليس الأمر لديهم تعاطفاً وواجباً انسانياً وإنما حسابات شخصية موروثة منذ زمن رستم غزالة، وهي حسابات تزداد إلحاحاً لديهم في لحظة الرئاسة ونيل الحظوة لدى ما يمثله النظام الدمشقي من تقاطع مصالح يمتد إلى طهران...

قال لي صديق سوري عندما شاهد الوفد الحكومي في ضيافة الرئيس السوري بشار الأسد أن بلدته قرب حلب صارت انقاضاً و20 من عائلته قضوا تحتها، وهو يشكر الخالق أنه مع عائلته في لبنان، ثم سأل: أليس الأجدى أن ينصرف حكام البلد إلى الاهتمام بإنهاء مشكلات بلدهم، بدل دخولهم بازار البيع والشراء السياسي؟ فنحن أيضاً اشتقنا إلى بلد طبيعي نهرب إليه، إن كان لبنان... أو سوريا!

 طوني فرنسيس - "نداء الوطن"

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا