تهشيم التربية: استعصاء الامتحانات الرسمية وتخفيض المناهج وأيام التدريس
في انتظار القرار الذي سيتخذه أساتذة التعليم الرسمي بشأن العودة إلى التعليم من عدمها، بعد انتهاء الجمعيات العمومية والاستبيانات، المقررة يوم الإثنين المقبل، كرر وزير التربية عباس الحلبي مطالبته للأساتذة والمعلمين الالتحاق بمدارسهم ابتداءً من صباح الأربعاء وبدء تعليم الطلاب. تستثنى المدارس التي يتبيّن من الكشف الهندسي أنها تشكل خطراً على تلامذتها ومعلميها. ودعا الحلبي الهيئات الإدارية في المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية العودة إلى المدارس ابتداءً من صباح الإثنين، للتّأكد من سلامة المباني المدرسية والإبلاغ عن أي تشققات فيها، وذلك بالتعاون مع المناطق التربوية والبلديات ونقابة المهندسين، عقب الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا.
استعصاء التعليم الثانوي
لكن بعد رفض رابطة التعليم الثانوي تقديمات الحلبي ودعوتها الأساتذة للتصويت على استمرار الإضراب، وفي ظل العطلة الرسمية يوم الثلاثاء المقبل في 14 شباط، سيضيع الأسبوع السابع من الفصل الثاني من العام الدراسي على طلاب المدارس الرسمية. وتشير التوقعات إلى عدم قبول الأساتذة العودة إلى التعليم قبل تحسين ظروف عيشهم، الأمر الذي لم يتحقق بتقديمات الحكومة ووزارة التربية، كما يؤكد نقابيون داخل روابط المعلمين وخارجها، لـ"المدن".
تستطيع المدارس في مرحلتي الابتدائي والمتوسط السير بالعام الدراسي لأنها تعتمد على جيوش المتعاقدين، في حال قررت رابطة التعليم الأساسي بدء التدريس. لكن ليس هذه حال مرحلة التعليم الثانوي، التي تعتمد على أساتذة الملاك وعلى التعاقد الداخلي (التعاقد مع أساتذة في الملاك)، الرافضين للعودة إلى التعليم قبل تصحيح أجورهم.
رهانات الحلبي
يشير أساتذة ونقابيون لـ"المدن" إلى أنه منذ بداية العام الدراسي كان الوزير الحلبي عازماً على إعطاء البرنامج المدرسي كاملاً للطلاب، وذلك لتعويض الفاقد التعلمي، بعد ثلاث سنوات دراسية عجاف. وراهن الحلبي على المكاتب التربوية للأحزاب لإقناع الأساتذة بالعودة إلى التعليم، وعلى الدول المانحة لمساعدة الأساتذة. لكنه لم يوفق في الرهانين. ولم يوفق أيضاً في رهانه على الحكومة لتحقيق مطالب المعلمين. فقد تبين أنه لا يوجد عملياً إلا الدولارات الخمسة التي أعلن عنها سابقاً، والتي أعاد طرحها بحلة جديدة (مئة دولار شهرياً مقترنة بأيام الحضور الفعلي)، في محاولة لإقناع الأساتذة بها. لكن في ظل التقديمات الحالية لا عودة للغالبية العظمى لأساتذة الثانوي إلى التعليم، حتى لو تدخلت الأحزاب وضغطت عليهم.
تأجيل الامتحانات الرسمية
بمعزل عن قرار العودة من عدمها ومدى تحققها، كان يفترض أن تبدأ حالياً مرحلة الاستعدادات للامتحانات الرسمية في الصيف المقبل. ففي نهاية شهر شباط ومطلع آذار ترسل إدارات المدارس لوائح الطلاب لصفوف الشهادات إلى المناطق التربوية لإنجاز طلبات الترشيح للامتحانات الرسمية، وذلك بعد قرار يصدر عن وزارة التربية تحدد بموجبه المهل الزمنية للترشيحات وتحدد مراكز الامتحانات. وتأخر هذا الأمر يحتم تأجيل الامتحانات إلى شهر تموز. هذا إذا لم يكن إلغائها لهذا العام، خصوصاً في حال استمر الدوران في الحلقة المفرغة الحالية في التعليم الرسمي، كما يؤكد أكثر من نقابي تربوي.
تخفيض المناهج والمقررات
ويشرح أحد مدراء المدارس أن المركز التربوي للبحوث والإنماء أرسل في بداية العام الدراسي ما يعرف بتسلسل الدروس، كي يتم اتباعه في جميع المدارس. والهدف منه السير بانتظام معين في المقررات والمحاور في كل المواد التعليمية، لمعرفة ماذا يجب أن يشرح كل أستاذ للطلاب وماهية الكفايات التي يجب أن يحصلوا عليها. والهدف الثاني لتنظيم هذا التسلسل هو السير فيه بشكل تزامني في كل لبنان، وذلك تحسباً لأي طارئ يحصل يؤدي إلى توقف التدريس لسبب ما. حينها يتم حذف المحاور والمقررات الأخيرة من المناهج، وفق تسلسل الدروس.
ويضيف أن طلاب المدارس الرسمية خسروا أكثر من ثلاثة أشهر من العام الدراسي، وتعلموا أقل من خمسين بالمئة من المقررات المحددة للفصل الأول، وصفر بالمئة من الفصل الثاني، الذي أفتتح بإضراب ما زال مستمراً للأسبوع السادس على التوالي. هذا فيما المدارس الخاصة أنجزت نحو سبعين بالمئة من مناهج العام الدراسي في مراحل الشهادات الرسمية. بالتالي تعثر التعليم الرسمي يحتم تخفيض المناهج وإلغاء العديد من المحاور والمقررات، لترفيع الطلاب في المراحل التعليمية. وينعكس الأمر على الامتحانات الرسمية بشكل عام. لكن لا يمكن معرفة أي مقررات ستحذف وعددها، قبل عودة الأساتذة إلى المدارس وانتظام التعليم. حينها يتدخل المركز التربوي لحذف المقررات وفق التسلسل الآنف الذكر.
تخفيض أيام التدريس
في ظل الظروف الحالية التي يعاني منها التعليم الرسمي واستعصاء العام الدراسي، أي عودة إلى التعليم من دون تخفيض المناهج يجب أن تقترن بتكثيف الدروس. بمعنى آخر، عدم الاكتفاء بالتعليم لأربعة أيام، المقررة رسمياً، بل لستة أيام بالأسبوع وخصوصاً لصفوف الشهادات الرسمية. غير ذلك لا مفر من تخفيض المناهج ومقررات الامتحانات.
لكن وزارة التربية عاجزة عن تحقيق المطالب الدنيا التي يطالب بها الأساتذة، أي تلقّيهم رواتب لا تقل قيمتها عن 500 دولار بالشهر، للتمكن من العيش بالحدود الدنيا من الكرامة. ما يعني أن الذهاب إلى تخفيض المناهج بات محتّماً.
والأسوأ من كل ذلك تزامن ضياع العام الدراسي مع عودة الحديث عن إمكانية تخفيض أيام التدريس ليومين أو لثلاثة أيام بالأسبوع. ففي حال لم تلبِ الحكومة مطالب المعلمين، ثمة مقترحات ستعرض في حينها لخفض أيام التدريس وفق مبدأ العمل بقدر الأجر، تقول المصادر. وحينها لن تضطر وزارة التربية إلى تخفيض المناهج فحسب، بل عملياً ستفتح المدارس أبوابها لتسجيل الأساتذة حضورهم اليومي، ومن دون تعليم فعلي للطلاب، كما يؤكد أحد النقابيين المطلعين.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|