الصحافة

هَل تحوّل المسيحيون الى "أهل ذمة"؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تُحيي الصراعات المسيحية - المسيحية الصيغة التي وُلدت بعد الطائف وكان محورها حلفاء النظام في سورية ومن وافق على معادلة الـ س - س آنذاك. يومها اقتصر التمثيل المسيحي على بعض الشخصيات المستقلة التي ورثت عبر سياسة تشبيك المصالح، القوى الحزبية الرئيسية كالقوات والكتائب والمؤيدين للرئيس ميشال عون آنذاك.

نجحت هذه الصيغة بدعم ما يُسمى الترويكا الرئاسية وحاولت قبلها تهميش دور بكركي التي ردت عبر دعوتها المسيحيين الى مقاطعة انتخابات مجلس النواب عام 1992 ونجحت بدفع النظام الامني في حينه الى التزوير لايصال المرشحين بأصوات الموتى أو من صوت لأكثر من مرة، في حين تقلص دور القوى المسيحية الرئيسية التي عاشت اضطهادا وسجنا على مدى 15 سنة قبل أن تتغير الظروف وتعود الاكثرية المسيحية الى الحكم داخل الدولة بعد خروج الجيش السوري من لبنان وما أفرزته ثورة 14 آذار على المستوى السياسي لاسيما المسيحي.

ومع تعثر القوى المسيحية في آدائها داخل السلطة وعودتها الى سياسة الخلاف والانقسام فيما بينها لاسيما بين التيار الوطني الحر والقوات، عاد الحديث اليوم عن تغييب دور هذه القوى على الساحة الوطنية، وهذه المرة من بوابة الخلاف بين المعسكرين القواتي والعوني، في وقت عزز الثنائي حزب الله حركة أمل حركته داخل السلطة وبات الاقوى داخل مؤسسات الدولة وبيده توقيت اتخاذ القرار وبرضى الثنائي المسيحي والقوى المسيحية الأُخرى الحليفة لمشروع الممانعة.

بادر حزب الله مع بداية الفراغ الرئاسي الى تغطية جلسات الحكومة الميقاتية وسط رفض واضح وصريح من قبل الثنائي المسيحي الذي يشكل حوالى السبعين في المئة من شارعه، ولم يكترث الحزب لنداءات حليفه في اتفاق "مار مخايل"، بل أكد لميقاتي انه معه في أي جلسة حكومية يريد رئيس تيار العزم عقدها حتى ولو ظلّ الطرف المسيحي رافضا لها. اما معارضة الثنائي المسيحي فاقتصرت على التنديد والتهويل والرفض من دون اي تحرك على الارض، بل كانت حجة هذا الثنائي لتغطية عجزه أمام الثنائي الشيعي بأنه ابن الدولة ويتمسك بالقانون والمؤسسات التي هي الملجأ الوحيد للتعبير عن رفضه. الا أن القرارات التي صدرت عن حكومة ميقاتي أصبحت سارية المفعول بموافقة باسيل - جعجع أو برفضهما، حتى بات الاعتراض المسيحي على جلسات الحكومة مجرد بيان مكتوب لهذا التكتل أو ذاك، ولمواقف اعلامية لا تأثير لها على المستوى الوطني.

الاعتراض المسيحي الخجول والانقسام الداخلي حيال الملف الرئاسي سمح للرئيس نبيه بري بالتسلل برلمانيا عبر دعوة الهيئة العامة لمجلس النواب الى الانعقاد لتمرير عدد من القوانين وابرزها القانون المرتبط بالتمديد للواء عباس ابراهيم واقرار قانون الكابيتال كونترول، الذي وجد فيه الرئيس نبيه بري عنوانا جاذبا للكتل النيابية للموافقة على عقد جلسة برلمانية لمجلس تحوّل الى هيئة ناخبة في زمن الفراغ الرئاسي، وهو عنوان مشابه للذي طرحه الرئيس نجيب ميقاتي لعقد الجلسة الحكومية وهو الملف الكهربائي.

عنوانان يلامسان وجع الناس ولكنهما يمرران أيضا مشاريع قوانين ومراسيم بالجملة غالبيتها غير ملحة ولكنها ضرورية بالنسبة للثنائي الشيعي الذي وجد في الانقسام المسيحي والخلاف القواتي العوني ارضية خصبة لتسيير امور الدولة كما لو أن المؤسسات الدستورية تسير بانتظام. وربما تحوّل المسيحيون اليوم الى اهل ذمة في دولة لبنان الكبير وينطبق عليهم قول الشاعر بعد أكثر من مئة عام على تأسيس الكيان: "لا يُلامُ الذِّئْبُ فِي  عُدْوَانِـهِ إِنْ يَكُ الرَّاعِي عَدُوَّ الغَنَـمِ".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا