اتجاه الثنائي للتمديد لسلامة: إنقاذ الأنا... تزامن غير بريء فجر الملفات الأسبوع الماضي
أقل ما يمكن قوله في ما شهدته البلاد الأسبوع الماضي من تصعيد ومواجهات مصرفية – قضائية ساخنة، أن البلاد دخلت عملياً المرحلة الأخيرة من السباق نحو استكمال كل مراحل الانهيار، بكل أوجهه الاقتصادية والنقدية والاجتماعية وصولاً الى الوجه الاخطر وهو الوجه الامني.
وما يدعو الى هذا الاستنتاج أن الأمور على كل المستويات خرجت عن سيطرة السلطات والأجهزة المعنية، إما عن قصد، وإما نتيجة عجز فاضح عن المعالجة أو عن احتواء الانفجارات المتتالية.
أكثر من مسألة انفجرت الأسبوع الماضي بتزامن غير بريء يطرح علامات استفهام كبيرة حيال ما يُحاك للبلاد في المرحلة المقبلة. فإضراب المصارف جاء على خلفية أحكام قضائية في حق أحد المصارف تهدّد بإفلاس القطاع، إذا ما عُمّمت على القطاع كلاً، بعدما أقرّت تلك الأحكام برفض اعتماد الشيك المصرفي كوسيلة إيفاء وإلزام المصارف تسديد الودائع نقداً وبعملة الحساب، فيما سداد القروض المصرفية حصل ولا يزال على سعر الصرف الرسمي السابق أي 1507 ليرات، ما أدى الى إطفاء نحو ٣٦ مليار دولار من التسليفات من أموال المودعين عملياً. ولم تتبلور بعد آليات سداد القروض بعد رفع سعرالصرف الى ١٥ ألفاً.
لم تكد المصارف تعلن إضرابها حتى تحرّكت القاضية غادة عون في مواجهة جديدة مع القطاع، لم تنجح اتصالات الأسبوع الماضي في لجمها، فيما يُنتظر أن تتكثف هذا الأسبوع، وقبل المهلة التي حدّدتها عون للمصارف غير المتعاونة يوم الجمعة المقبل، تمهيدًا لاحتوائها واحتواء مفاعيلها على القطاع ككل، بعدما بلغت تهديدات بعض المصارف المعنيّة بالذهاب الى الإقفال الشامل والتام، وهو ما عبّر عنه في شكل غير مباشر البيان الصادر عن جمعية المصارف عندما أعلن في شكل واضح أن الودائع ليست في القطاع بل لدى المصرف المركزي، موجّهاً الحملة نحو الجهات الرسمية المعنية، علماً بأن التسريبات التي بدأت تتردّد في الأوساط الإعلامية والسياسية عن توجه لدى الثنائي الشيعي للسير في قرار التمديد للحاكم رياض سلامة، أطلقت شرارة جديدة في حمّى المواجهة المالية والنقدية، خصوصاً أن هذا الكلام ترافق مع تسريبات مماثلة عن مصادر أميركية عن توجّه واشنطن نحو فرض عقوبات على سلامة بسبب علاقته بـ"حزب الله" وبشركة الصيرفة العائدة لحسن مقلد التي أدرجت على لائحة العقوبات قبل أسابيع قليلة.
والمفارقة أن هذا الكلام الأميركي الذي نُفي لاحقاً، ترافق مع كلام ورد في الاجتماع الخماسي في باريس قبل أسبوعين، وقد أوردته "النهار" في حينها، عن موقف أميركي صارم لجهة توجيه رسالة واضحة للحاكم بأن عليه ترك منصبه عندما تنتهي ولايته. وقد فُهم من هذا الكلام أنه بمثابة رفع للغطاء الأميركي عن الحاكم، هو الذي تظلل به لعقود، أو على العكس يرفع المظلة ليتم تلقف الحاكم بيد الحزب، ما يبرّر عندها كلام وزير المال يوسف الخليل لوكالة "رويترز"، وأوضحه لاحقاً، ولكن من دون أن ينفيه بالكامل، إذ قال مكتبه الإعلامي إن خليل "لم يقل إنه سيتم التمديد للحاكم، ولم يوحِ به كما يجتهد البعض في التفسير، وإن ما عناه هو أن الظروف التي يمرّ بها لبنان صعبة وقد يكون من الصعب أن تتفق القوى السياسية على البديل. أما مسألة التمديد فتعني بها التمديد لموظفي الفئة الأولى". والواقع أن رئيس المجلس نبيه بري كان قد أبلغ من يعنيهم الأمر أن الثنائي لا يرغب ولن يقبل بأن يتسلم نائب الحاكم الشيعي موقع الحاكم لدى انتهاء ولاية الحاكم، نظراً الى عدم رغبة هذا الفريق في تحمّل مسؤولية الانهيار بعدما تعطلت كل الحلول الممكنة في الأشهر القليلة الباقية من الولاية. وهذا ما يدفع هذا الفريق الى تبنّي التمديد لسلامة حتى يتحمل ظاهراً مسؤولية سياسته النقدية، وضمناً للاستمرار في الإمساك بكل مفاصل تلك السياسة التي تدخل السلطة السياسية بكل مكوّناتها شريكاً أساسياً فيها.
أما على المقلب القضائي، فلم تؤدّ الاتصالات الجارية لاحتواء استدعاءات القاضية عون، وإن يكن تجاوب عدد من المصارف مع طلبها ولكن ستكون هناك استحالة لتقديم كل المعلومات المطلوبة عن الحسابات العائدة الى عام ٢٠١٦، على قاعدة المفعول الرجعي الذي ترفضه المصارف.
وهذا يعني أن المواجهة القضائية مع المصارف ستستمرّ ولكن بوتيرة أقل تصعيداً في ظل السعي الى عدم كسر القضاء.
وبناءً على ذلك، يستمر إضراب المصارف من دون تحديد مهلة زمنية له، والعودة عنه رهن حصول المصارف على الأسئلة التي وجهتها، إن في شأن اعتماد الشيك وسيلة إيفاء أو لا، أو في شأن تحديد آلية سداد القروض المصرفية الباقية، أو لجهة حسم مسألة المفعول الرجعي في شأن رفع السرية المصرفية عن عدد كبير من الحسابات اعتباراً من عام ٢٠١٦، تاريخ بدء الهندسات المالية للمصرف المركزي. ويأمل الوسط المصرفي أن يحظى بأجوبة واضحة وأن يحسم القضاء أمره ويخرج من التسييس والضغوط التي يتعرّض لها.
في الانتظار، يستمر الجنون سائداً في سوق القطع، بعدما تبيّن أن المصرف المركزي فقد القدرة على السيطرة على اللعبة التي أدارها بحرفية عالية منذ بداية الأزمة، لكنها بلغت اليوم مستويات باتت فيها كلفة التدخل باهظة جداً على ما بقي من الاحتياطات، ومن الأشهر القليلة قبل انتهاء الولاية!
"النهار"- سابين عويس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|