هل يستمر لبنان من دون قطاع مصرفي؟ و العين على اجراءات "المركزي" بعد فكّ الإضراب
لم يعد يتجرأ أي مسؤول سياسي أو حزبي على الحديث عن تداعيات الإضراب المفتوح للمصارف على المواطنين وعلى الليرة وعلى الإقتصاد، بسبب الإتهامات والأحكام المسبقة والشعبوبة التي باتت تحكم هذا الملف كما حكمت سابقاً ملف ودائع اللبنانيين "المقدسة" والتي بقيت شعاراً من دون ترجمة. ولكن هذا الواقع ، لا يحول دون طرح تأثير المشهد المالي والمصرفي والقضائي العام على الثقة الدولية بالقطاع المصرفي في ظلّ تنامي واقع الإقتصاد "الكاش".
وقد رفع خبير إقتصادي مخضرم، من نسبة التحذير عالياً من استمرار هذا الاضراب مشدداً على أن البلد عاجز عن الإستمرار أسبوعاً إضافياً من دون مصارف، بمعنى انعدام الخدمات المصرفية وبشكل خاص الحصول على الدولار من المواطنين عبر منصّة صيرفة باستثناء رواتب القطاع العام، وبالتالي فإن أي طلب، مهما كان بسيطاً من المواطنين على الدولار، سيتمّ تامينه من السوق السوداء، والتي بدورها تشهد منذ مدة، حركة مضاربات غير شرعية وذلك باعتراف المضاربين والصرافين غير الشرعيين الموقوفين أمام القضاء.
ومن شأن إقفال المصارف من دون أفقٍ واضح لموعد عودتها الى العمل، أن يعلن بداية انهيار القطاع وفق ما كشف الخبير الإقتصادي ل"ليبانون ديبايت"، حيث لفت إلى أن هذا الإقفال سيهدد بشكل مباشر، التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان وأبرزها التعميم ١٦١ الذي توقف عملياً باستثناء رواتب القطاع العام والتعميم ١٥٨ الذي سيتحدد مصيره أواخر شهر شباط الجاري.
والخلاصة الوحيدة والرئيسية بالنسبة للمواطن، قد اختصره الخبير نفسه ب"غياب الدولارات " وفتح الباب أمام الدولارات السوداء المجهولة المصدر، ما يعزّز فعلاً الإتهامات الخارجية للبنان، بتشجيع بيئة تبييض الأموال طالما أن التداول بالدولار وبنسبةٍ كبيرة منه، لا يحصل إلاّ في السوق السوداء.
ولا تقتصر التداعيات الكارثية على وقف التعاميم أو عدم تحديد مصير مليارات الليرات التي كان المواطنون أودعوها في المصارف لشراء الدولارات قبل الإضراب فقط، بل على احتمال تراجع الثقة من قبل المصارف المراسلة، بالمصارف المحلية التي تصدر بحقها اتهامات بتبييض الأموال، ذلك أن المناخ المالي اللبناني والذي تتداخل فيه السياسة مع الإستنسابية من جهة والإبتزاز من جهة أخرى، بات مهدداً ، كون المصارف الأجنبية قد تصل فجأةً إلى قرار قطع العلاقات مع المصارف اللبنانية، التي تُعتبر في دائرة الشبهة، ما يعني عملياً تهديد التحويلات من اللبنانيين في الخارج وعمليات الإستيراد للسلع على أنواعها والأدوية والمحروقات.
وعليه، يشدد الخبير الإقتصادي نفسه، على أهمية تمسّك المودع بوديعته مهما كانت الضغوط عليه، والتي تأتي من كل الأطراف المعنية، وليس فقط المصارف، في غياب الخطة المالية الرسمية لتحديد المسؤوليات والخسائر، وهو رمى المسؤولية عن المأزق الحالي، على الدولة التي تأخرت وما زالت، في معالجة الأزمة، ولم تبادر إلى تحييد أصحاب الودائع وحتى الصغيرة منها، عن تحمّل كلفة الإنهيار.
على صعيد الوضع الإقتصادي واستمرار إضراب المصارف، وما انتشرَ من أخبار عن امكانية انهائه في مدّة لا تتجاوز الـ 48 ساعة، أشار الخبير المالي والاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة الى أن اضراب المصارف أصبحَ بحكم المنتهي بعد البيان الصادر عن رئيس الحكومة الى المصارف بضرورة عدم تنفيذ القرارات التي تصدر عن القاضية غادة عون وهو ما يمكن وصفه بربط النزاع، بغض النظر عن قانونية تصرّف القاضية عون وكلام ميقاتي عن كف يدها، إذ إن هذا الامر يتطلب قراراً من محكمة الاستئناف لتحديد قانونيته.
عجاقة وفي حديث مع "الانباء" الالكترونية رأى أنَّ مسألة الاضراب قد حُلّت بالشكل، أمّا في المضمون فيجب النظر الى مضمون الرسالة الموجهة من وزير الداخلية بسام مولوي الى جهازَي الأمن العام وقوى الامن الداخلي وعدم الاشارة الى أمن الدولة باعتبار أنَّ هذا الجهاز تابع لمجلس الدفاع الاعلى ولرئيس الجمهورية، وهو ما قد يدفع باسيل لتسجيل اعتراضٍ حول هذه النقطة، على اعتبار ان مخاطبة أمن الدولة تتطلب أن تكون الحكومة مجتمعة.
وإذ أكّد عجاقة انتهاء اضراب المصارف بنسبة 95%، اعتبرَ أنَّ قدرة المصرف المركزي ضئيلة من حيث تنفيذ سياساته المالية التي تريح الناس، وذلك لأنَّ المصارف بالنسبة اليه هي اداة التنفيذ، لافتاً الى تمديد مصرف لبنان للتعميم رقم161 بما يعزّز الاعتقاد أن المصارف ستبدأ بتنفيذه والاعتماد على المصرف المركزي باتخاذ القرارات للجم تدهور الوضع لكن عامل الثقة بالمصارف هو الكفيل باعادة ضخ الدولارات اليها.
ولفتَ عجاقة الى ثلاثة أمور قد تساعد على حل الأزمة، عبر إشارة سياسية تعيدنا الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو كلام وزير المال يوسف خليل المتعلق بدفع 75 % من الضرائب نقداً و25% شيكات مصرفية، معتبراً أنَّ المهم ان تبدأ وزارة المال بتطبيق هذا القرار على ان يكون الدفع نقداً وبنسبة مئة في المئة، وأخيراً، توّقف تطبيقات تحديد سعر الدولار، خصوصاً بعد توقيف الصرافين غير الشرعيين، إمّا بواسطة وزارة الاتصالات او بواسطة الملاحقات القضائية وذلك للحدّ من عمل هذه التطبيقات وتحديد المصادر التي تحدّد سعر الدولار الموجودة خارج لبنان، لأن سعره يجب ان يتلاءم مع سعر منصة صيرفة، بالإضافة إلى العمل على لجم التجار الذين يهربون الدولار والسلع الاستهلاكية الى الخارج المحروقات والدواء وما شابها وطريقة قبض ثمنها، متسائلاً ما إذا كان يتم استلامها باليد او بواسطة عملاء معينين يحضرون شخصياً، أم أنها تتحول الى حسابات في دول اخرى، فضلاً عن التجار الذين يقومون بتهريب الكاش دولار من السوق اللبناني الى الخارج من دون استيراد بضائع بقيمتها.
اما في موضوع اقفال الحدود، لفت عجاقة الى استحالة تنفيذ هذا الأمر لانه يتطلب قراراً سياسياً، مؤكداً أنَّ ملاحقة التجار تبقى من مسؤولية الحكومة والجيش والاجهزة الامنية.
وختاماً، اشارَ عجاقة الى ما تناقلته بعض وسائل الاعلام مساء امس ومفاده ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعد بأنه وبعد تعليق اضراب المصارف بساعات قليلة سوف يقوم باصدار تعاميم باتت جاهزة وتحتاج الى التوقيع والاعلان عنها للجم الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء خصوصاً وان مصرف لبنان بات قادراً على التحكم بالسوق بعد توقيف المضاربين والصرافين غير الشرعيين.
الانباء الالكترونية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|