محليات

هذا ما سيقوله الرئيس ميقاتي لقداسة البابا فرنسيس

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

سمعنا كلامًا كثيرًا في الآونة الأخيرة على لسان رئيس "التيار الوطني الحر" السيد جبران باسيل يتحدّث فيه عن حقوق المسيحيين في لبنان، وسمعنا أيضًا كلامًا آخر من قيادات مسيحية تتحدّث عن خطر الهجرة المسيحية ومخطط تفريغ لبنان من مسيحييه على غرار ما هو حاصل في العراق وسوريا وفلسطين والأردن، وحتى في مصر. 

 

هذا الكلام، وإن بقي مجرد كلام، مع ما يمكن تسجيله من ملاحظات على سلوكيات الذين يدّعون الحرص على حقوق المسيحيين، أو أولئك المتباكين على الوجود المسيحي في لبنان والشرق، ولنا عودة في نهاية المقال عمّن كان السبب في "تهشيل" المسيحيين، وأنا واحد منهم، من وطنهم غصبًا عنهم، وهم المستعدّون ليفتدوه برموش العيون، وهم الذين يحبّونه أكثر بكثير من هؤلاء الذين يزعمون الدفاع عن حقوقهم. 
وعلى رغم واقعية هذا الكلام فإن بيت القصيد ليس في ما يزعمه هؤلاء أو ما يخشاه المتباكون، بل ما أعلنه رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي في مقابلته على "الجديد"، وهو المسلم السنّي الطرابلسي، عن الوجود المسيحي في لبنان وفي المشرق العربي، وأنه سيزور الفاتيكان الشهر المقبل للبحث مع قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس في تداعيات هذا الأمر الخطير، ليس على المسيحيين فحسب، بل على المسلمين المعتدلين، الذين يعتبرون أن الوجود المسيحي في لبنان أساسي، ولو لم يكن في لبنان مسيحيون لوجب إيجادهم، وذلك نظرًا إلى أهمية دورهم، تاريخيًا وحاضرًا، في أن يكون للبنان وجه متمايز في هذا الشرق المسلم الانتماء. 

 

فلهذا الكلام الذي يصدر عن مسؤول مسلم سنّي وقع خاص، وله مدلولات كثيرة تعود في الأساس إلى ثقافة التعايش، التي تتميّز بها مدينة طرابلس، وهذا ما كان يقوله المغفور له الوزير جان عبيد، الذي ترعرع في "الفيحاء"، وهذا ما خبره مسيحيو هذه المدينة على مدى سنوات، ومن بينهم على سبيل المثال وليس الحصر نواب ووزراء سابقون وغيرهم. 
ما سيقوله الرئيس ميقاتي للبابا فرنسيس سيكون عنوانًا لمرحلة جديدة من عمر الوطن، الذي كان يقول عنه الرئيس صائب سلام بأنه طائر بجناحين، واحد مسلم والآخر مسيحي، وبالتالي فإنه لن يستطيع أن يطير ويحلّق عاليًا بجناح واحد. وهذا الكلام الذي سيقال في الفاتيكان هو مكمّل لما سبق أن قاله الرئيس الشهيد رفيق الحريري حين قال "لقد أوقفنا العدّ".      
صحيح أن الهجرة المسيحية من منطقة الشرق الأوسط التي لم تتوقف طوال التاريخ الحديث، وتزايدت في شكل ملحوظ خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ولا سيما في لبنان الذي كان تقليديًا، كمنطقة ثم كدولة، ملاذًا للمسيحيين الموارنة وغيرهم من الطوائف المسيحية. 
وعلى رغم غياب إحصائيات دقيقة عن الهجرة المسيحية من منطقة الشرق الأوسط بشكل عام خلال القرن الماضي فإن ثمة مؤشرات تدل على حجمها. 
فعلى سبيل المثال، تناقصت نسبة السكان المسيحيين في القدس من حوالي 50% عام 1922 إلى أقل من 10% في بداية السبعينات (وقد صارت المدينة بحدودها تقريبا تحمل اسم القدس الشرقية أو القديمة). 
وتعتمد أحدث المعلومات المتوافرة لدى وزارة المغتربين اللبنانيين بشأن الهجرة المسيحية على دراسة عن هجرة المسيحيين في الفترة من 1975، العام الذي بدأت فيه الحرب الأهلية اللبنانية، حتى عام 1998. 
وحسب تلك المعلومات فإن نسبة الموارنة الذين هاجروا من لبنان بلغت 25.9% من مجموعهم، كما هاجر 25% من المسيحيين الأرثوذوكس، و19% من الكاثوليك. 
وقد تزايدت أعداد المسيحيين الذين هاجروا إلى استراليا وكندا خلال ما سمي بـ "حرب الإلغاء"، وهي كانت كافية لوحدها لزرع اليأس في نفوس المسيحيين، الذين رأوا في هذه الحرب إستكمالًا لإلغاء الوجود المسيحي في لبنان. وأضيفت إلى أسباب الحروب عوامل أخرى، وهي شعور بعض المسيحيين بأن وجودهم أصبح مهمّشًا وثانويًا بعدما كان أساسيًا في بناء لبنان الكيان والهوية والحضارة.  
ما سيقوله الرئيس ميقاتي لقداسة البابا عندما سيلتقيه قاله البطريرك الياس الحويك قبل مئة وثلاثة أعوام عندما رفض أن يكون لبنان الكبير وطنًا نهائيًا للمسيحيين، وكانوا يومها أكثرية، ولكن من وجهة معاكسة، حيث يرفض الرئيس ميقاتي ومعه المفتي عبد اللطيف دريان وأغلب القيادات المسلمة الواعية أن يكون لبنان من دون "الملح المسيحي".  
فلبنان إمًا أن يكون لجميع أبنائه على حدّ سواء وفق اتفاق الطائف، وهو خلاصة لقناعة دولية وعربية، وإما لا يعود ذاك الرسالة التي تحدّث عنها القديس البابا يوحنا بولس الثاني. 

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا