عربي ودولي

وكأن سوريا أدمنت الموت...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


صرخت الأرض وتقيّأت، فأمطرت السماء مساعدات في تركيا.

في حضرة الموت المتدفق والصادم تسقط اللغات وتذبل القصائد، فاللغة كائن حي ينهزم امام اوجاع الانسانية، يضعف أمام غضب الطبيعة، ينكسر أمام مشهد طفلة فقدت عائلتها جراء الزلزال، تختنق الكلمات وتتلعثم أمام من تهجروا وباتوا دون سقف يأويهم، تسقط الحصانات أمام كل متعهّد لم يصون الأمانة.

مشاهد تقشعر لها الابدان، شيوخ وكرادلة يصرخون ويستغيثون، نساء فضّلن البقاء تحت الركام حتى لا يُخدش حياؤهن، مشاهد أبكت الحجر، ماذا عن القلوب المتحجّرة التي لا ترق؟

السياسة في ممارساتها اليومية، هي بمثابة قطع رؤوس بدون سكاكين.

لسوريا التي عايشت حرب "كونية" منهكة حكاية أخرى، وكأنها أدمنت الموت، كأنها أدمنت روائح الجثث، وأصوات القنابل والقذائف، كأنها أدمنت الدمار والزلازل، كأن الارض تخوّنها، تهتز بها بلا رحمة المرة تلو الاخرى، الناس في الشوراع، فرق الاغاثة تهرع والامم المتحدة تستنكر.

وكأن الأرض تتنفس بثقل عجيب في سوريا، لا رحمة، ليست الأرض فقط، بل سماءها أمطرت عليها قذائف عدوانية إسرائيلية تزايدت وانتظمت على نحو جعلها أقرب إلى الحدث الروتيني الذي لم يعد يحتل صدارة الأخبار في مشهد من اللامبالاة و"دمار فوقه دمار".

وكأن سوريا باتت كتلة من الركام، المأساة تجمعها وتركيا لكن ما يفرقهما أكثر بكثير، إزدواجية الغرب ومعاييره الانسانية وضعتهما على فوالق من اللامبالاة الإنسانية.


الإرتدادات الداخلية مهولة، الوضع في سوريا مختلف الحركة خجولة، مقاطعات من "كل واد عصا"، سوريو الداخل منهمكون، "دبلوماسية الزلازل" تصدّرت المشهد من تركيا حصراً، حركة مكوكية لسفراء ووزراء واستنكارات "فوق الركام"، تدفقت الرحلات الجوية إلى المطارات التركية، في وقت خلت فيه سماء سوريا الا من القليل من طائرات الإغاثة.

هرع "الجيران" لمساعدة ضئيلة لا ترقى الى المستوى المطلوب، الشمال السوري معزول، يرفض الاعانات من السلطة المركزية، يكاد يلفظ أنفاسه الاخيرة، أعمال الإغاثة محدودة، أبطالها الخوذ البيضاء والدفاع المدني والحفر بالإيدي العارية، تأخر المساعدات يخنق الناجين.

أما النظام المنهمك بتبعات الحرب، تلبسه تهمة مرتبطة بتاريخ طويل من سرقة المساعدات، لكن لا بأس، الجزائر فتحت الجسور الجوية، إيران بادرت، طائرات سعودية غطّت في مطار حلب، الأردن كسر جليد العلاقات، لبنان الذي يغصّ بأزماته أرسل أبطاله المتواضعين وجنود سلامه.

ويبقى السؤال: إذا لم توحدنا النكبات متى يجمع شملنا؟

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا