تسبب بصدور "قانون قيصر"... الكشف عن هوية مهرب آلاف صور التعذيب من السجون السورية
القاضية عون من دون مؤازرة أمنيّة
من واكَب تفاعل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود "الشخصي" مع كتاب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في شأن القاضية غادة عون أدرك توجّهه إلى القيام بخطوة "تكفّ يد" السلطة السياسية ممثّلة برئيس الحكومة ووزير الداخلية عن التدخّل بشؤون القضاء.
قانوناً، لا صلاحية لمجلس القضاء الأعلى في حالة مماثلة حين تتعدّى رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية على السلطة القضائية. فكتاب ميقاتي الموجّه إلى وزير الداخلية "لاتّخاذ إجراءات تجيزها القوانين في شأن المخالفات المنسوبة إلى القاضية عون" هو قرار إداري يحقّ من خلاله لكلّ متضرّر الطعن به أمام مجلس شورى الدولة، لكنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى أصرّ على إصدار بيان باسم "المجلس" دعا فيه ميقاتي والمولوي إلى التراجع عن قراريهما اللذين يمسّان "بمبدأيْ فصل السلطات واستقلال السلطة القضائية". ووُجّه الاتّهام سريعاً إلى القاضي عبّود بتجاوز إلزامية التئام مجلس القضاء الأعلى وحصول تداول بين أعضائه والتفرّد بإصدار البيان.
انقطاع الكهرباء والاجتماع الهاتفيّ
وفق معلومات "أساس" التأم مجلس القضاء الأعلى أمس الأول الخميس، وبعد انقطاع الكهرباء استُكمل الاجتماع من خلال الاتصالات الهاتفية بين أعضائه، وصدر البيان لاحقاً بشكل رسمي، وتمّ توزيعه عبر أمانة سرّ مجلس القضاء الأعلى.
تقول مصادر المجلس: "لو تقصّد عبّود إصدار بيان باسمه الشخصي لفعل ذلك. لكنّ البيان صدر باسم المجلس، وكانت مداولاته سرّيّة".
تُرجم سريعاً استياء ميقاتي من بيان عبّود من خلال اتّهامه مجلس القضاء الأعلى "بالتفرّج على تصرّفات بعض القضاة لأهداف سياسية، وعدم تحرّكه إزاء إضراب المصارف، ثمّ استفاق القضاة فجأة على صلاحياتهم"، واتّهامه "رئيس مجلس القضاء الأعلى بالتفرّد بإصدار البيان".
يُدرِك القاضي عبّود جيّداً الأخطاء القانونية التي ترتكبها مدّعي عام التمييز في جبل لبنان القاضية غادة عون في معرض متابعتها لملفّ حاكم مصرف لبنان والمصارف وعدم تبلّغها طلبات الردّ بحقّها، في وقت هي محالة أمام التفتيش القضائي والمجلس التأديبي، لكنه ردّد على مسامع كثيرين: "قرار ميقاتي غير قانوني، والخطأ لا يُقَابل بخطأ. لا صلاحية قانونية لرئيس مجلس القضاء الأعلى بوقف هذا المسار، ولا صفة معنوية للمجلس للتقدّم بطعن أمام "الشورى"، أنا أخضع للكتاب ولا يحقّ لي إبداء رأي لأنّي أنظر في الملف التأديبي لعون أمام المجلس التأديبي والتفتيش القضائي"، نافياً أيّ اتّهام له "بالإعداد لصفقة بين بكركي وميقاتي في شأن وقف الملاحقة القضائية للمصارف".
لكن ما هي مفاعيل قرار ميقاتي على متابعة القاضية عون ملاحقتها للمصارف؟
داخل السراي لا تجاوُب مع دعوة رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهناك توجّه لدى الجهات المتضرّرة للطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار ميقاتي "غير القانوني وغير الأخلاقي الذي يطيح بمبدأ فصل السلطات ويعرّض رئيس الحكومة ووزير داخليته "القاضي" للمحاسبة".
فعليّاً، قد تكون الإشارة القضائية التي استحصل عليها أمن الدولة من مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لختم مركز داتا الحسابات العائدة لبنك بيروت في المنصورية بالشمع الأحمر آخر إشارة قضائية يستحصل عليها هذا الجهاز الأمني. فبعد الحصار القضائي الذي تعرّضت له القاضية عون في ملاحقاتها لسلامة وصولاً إلى غرفة نومه والمصارف، دأبت مديرية أمن الدولة بعد تلقّيها استنابة قضائية من عون على مراجعة القاضي عويدات في أيّ إشارة قضائية "جَدليّة" يمكن أن تسبّب أزمة، وتحديداً تلك المرتبطة بالملفّات الماليّة المفتوحة.
معضلتان أمام أمن الدولة
لكنّ أمام "أمن الدولة" اليوم معضلتين:
الأولى: تتبع مديرية أمن الدولة لرئاسة الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى الذي يرأسه اليوم ميقاتي بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية، وبالتالي قد يكون الجهاز ملزماً بتنفيذ كتاب رئيس الحكومة بعد تسلّمه إيّاه، فيما كتاب وزير الداخلية ملزِم لمديرية الأمن العامّ وقوى الأمن الداخلي بعدم تنفيذ إشارات القاضية عون.
الثانية: لن يعطي القاضي عويدات، بعد إرسال كتاب ميقاتي، إشارة قضائية إلى جهاز أمن الدولة في حال طلبها مجدّداً بناء على استنابة من القاضية عون.
ربّما قد يُفسّر ذلك إصدار جمعية المصارف أمس قرار تعليق إضرابها إثر الاجتماع مع ميقاتي في السراي.
لكنّ الحصار القضائي والأمني للقاضية عون الذي يشتدّ أكثر قد لا يصل إلى حدّ إصدار القاضي عويدات مجدّداً قرار وقف القاضية عون عن العمل واستدعائها للمثول أمام النيابة التمييزية وإخضاعها للتحقيق في دعاوى كانت أُقيمت ضدّها من أصحاب مصارف ومديرين ومتضرّرين، إضافة إلى شكوى ضدّها من الرئيس نبيه برّي وعقيلته رندة.
في هذا السياق، يرصد متابعون حرص القاضي عويدات على عدم اتّخاذ أيّ خطوة حالياً قد تفسَّر بأنّها حماية للمصارف، خصوصاً بعد الخطوة غير المسبوقة في تاريخ لبنان بادّعاء القاضي رجا حاموش على حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا وماريان الحويك بجرم تبييض الأموال والاختلاس واستخدام المزوّر، وفي وقت تبدو فيه القاضية عون في معركة حياة أو موت "ضدّ كل من سرق اللبنانيين وجنى الثروات على حسابهم"، وتؤكّد أن "لا شيء سيردعها عن الاستمرار في ملاحقة كبار الفاسدين".
يُذكر أنّه سبق للقاضية عون أن تقدّمت في نيسان 2021 بمراجعة طعن أمام "الشورى" لإبطال قرار مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات في شأن إعادة توزيع مهامّ النيابة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان الذي اعتبرته عون بمثابة كفّ يدها عن ملفّ التحويلات المالية إلى الخارج، وردّ "الشورى" بعدم وقف تنفيذ القرار الصادر عن عويدات، لكنّ عون استمرّت بمهامّها وبإعطاء إشارات قضائية للأجهزة الأمنية، وتحديداً أمن الدولة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|