الصوم في لبنان "بلا رحمة": الأسعار الى مزيد من التفلّت!

جامعاً وموحّداً لأبنائه، هكذا بات الصيام في لبنان. هنا، لا شيء يعلو على الدولار والكلام عن تفاوت وتبدّل الأسعار؛ وحتى مع بدء الصوم الكبير لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي، وما تحمله هذه الفترة من روحانيات وتأملّ وتعمّق بالجوهر، لم تحمل الأسواق ذرّة من الرحمة. ففي السوبرماركت، الرفوف تتحضّر للعملة الخضراء. أمّا سوق الخضار والأسماك فيتأرجح مع قفزات "دولار الصرّافين والتطبيقات".
الانقطاع عن مختلف السلع والمواد أصبح سمة للفترة السابقة من حياة اللبنانيين، فهم، وقبل الصوم، أرغموا على التقشّف وتبديل عاداتهم الغذائية، كما استبدال أطباق بأخرى أقل كلفة. غابت اللحوم والأسماك عن معظم الموائد، وغدت ترفاً أو "وليمة الأعياد".. فكيف بدأ الصوم في بلد الصيام القسري الدائم؟

الأسعار.. قبل الصوم وفي أوّل أيامه

نبدأ جولتنا على الأسعار من سوق الخضار والبقالة، "لبنان 24" يستعرض تفاوت الأسعار في سوق الجملة، قبل بدء زمن الصوم وفي الأيام الأولى منه.

في التاسع عشر من الشهر الجاري، شباط، أي قبل بدء الصوم، بدت أسعار الخضروات والحشائش في سوق الجملة، كما يلي: كيلو البندورة سعّر بـ44500 ليرة لبنانية، كيلو الخيار بـ41500 ليرة لبنانية، كيلو الكوسى بـ48000 ليرة لبنانية، كيلو البطاطا بـ28000 ليرة لبنانية، كيلو الجزر بـ29000 ليرة لبنانية، كيلو البصل تراوح بين 78000 ليرة والـ95000 ليرة لبنانية بحسب نوعه، كيلو الحامض بـ20000 ليرة، الخسّ بـ31500 ليرة، الملفوف بـ17500 ليرة، الايسبرغ بـ45000 ليرة، حزمة البقدونس بـ8500 ليرة، حزمة الكزبرة بـ13500 ليرة، حزمة البقلة بـ12000 ليرة، حزمة الزعتر بـ10500 ليرة، حزمة الروكا بـ11000 ليرة، حزمة النعنع بـ12000 ليرة، الفجل بـ10000 ليرة، زهرة القرنبيط بـ28000 ليرة والثوم بـ175000 ليرة لبنانية.

مع بدء الصوم، تحديداً في اليوم الثالث منه، تبدّلت الأسعار وشهدت ارتفاعاً، فأصبح سعر الثوم مثلاً بـ185000 ليرة لبنانية، محتلّا الصدارة. أمّا كيلو البندورة، في سوق الجملة، فبات 46500 ليرة وسعر كيلو البطاطا بلغ 32000 ليرة.

البقالة أيضاً ارتفعت أسعار حزمها بشكل ملحوظ: الكزبرة بلغت حزمتها الـ15500 ليرة، حزمة البقلة بـ14500 ليرة، حزمة الزعتر بـ14500 ليرة، النعنع بـ12500 ليرة، السلق بلغ الـ55000 ليرة والهندبة سعّرت بـ33000 ليرة؛ فيما حافظت حزمة البقدونس على سعرها السابق.

وفي اليوم الخامس من الأسبوع الأول في الصوم، شهدت الأسعار ارتفاعاً جديداً، علماً أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية لم يسجّل قفزات هائلة في الفترة ما بين 19 شباط و24 شباط.

السّمك محرّم!
لا تقتربوا.. الأسعار "نار" ومن لا يتحمّل الأرقام الكبيرة فليبقى بعيداً عن المسامك وتجّار الأسماك! فسعر كيلو سمك الأجاج مثلاً وهو الأكثر طلباً، يبلغ الـ400000 ليرة بعدما كان 120000 ليرة، كيلو الملّيفا أيضاً يبدأ من الـ400000 ليرة لبنانية؛ والجربيدي يبلع الكيلو منه الـ500000 ليرة لبنانية.

أمّا سمك الشواء، فحدث بلا حرج! الكيلو تخطّى المليون لبعض أصناف السمك.

وإذا توجّهنا نحو الأسماك المجلّدة، كـ"الفيليه" أو سمك العرموط، فأسعارها تتراوح بين الـ230000 ليرة والـ250000 ليرة لكلّ كيلو.

أسعار الأسماك تختلف قليلاً من مسمكة لأخرى، كما الإقبال على شرائها. ويروي صاحب أحد المسامك لـ"لبنان 24" أن "زبائنه لا يزالون يشترون السمك بكمية أقل حتّى أنه بات ينصحهم بأنواع أرخص".

سعر الحبوب ليس أرحم
مع الارتفاع الكبير بأسعار الأسماك، معظم الأسر ستلجأ للأطباق الخالية منها والمعروفة بـ"القاطع"، كالمدردرة والمجدرة والفاصوليا. هذه المأكولات تعتمد على الحبوب.. فماذا عن أسعارها؟

لن تجدوا كيلو من أي صنف دون المئة ألف ليرة لبنانية، فسعر الـ900 غرام من الفاصوليا البيضاء الصنوبيرة يبلغ مثلاً 100000 ليرة، كيلو الحمص يتراوح بين الـ150000 ليرة والـ180000، العدس بـ100000 ليرة. أما الأرز فيختلف سعره وفقاً لنوعه أن كان مصري أو بسمتي.

ولإعداد "القواطع"، تحتاج ربة المنزل للزيت والملح والبهارات والتقلية أي أن كلفة تحضير "أكلة الفقراء" قد تتخطّى مقدورهم، في ظل ارتفاع الدولار في السوق الموازية وانعكاسه على الأسعار.

لم يعد الصوم حكراً على طائفة في لبنان، الكلّ صائم وما فرقته السياسة والزعامات جمعته أزمة الدولار. الهمّ واحد لدى مختلف الفئات المجتمعية... والطلب بات بسيطاً "اللهمّ كفاف يومنا"!