دريان بحث مع زواره في أوضاع مؤسسات الدولة والمساعدات الإنسانية
"التيار" وسط الحصار... والقوى السيادية ترتكب "غلطة" 14 آذار؟
وضع رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل نفسه في موضع سياسي لا يُحسد عليه، وكأنه يحصد ما زرعه طوال عهد عمّه الرئيس السابق ميشال عون، ولا يظهر أي أُفق تحرّك لمن كان يُلقّب «رئيس الظلّ» خصوصاً بعد إعلان «الثنائي الشيعي» تبني ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية وليس ترشيحه.
رسّمت الإنتخابات الرئاسيّة موازين القوى في البلد: من جهة هناك «الثنائي الشيعي وتيار «المرده» وبعض الحلفاء وهؤلاء يؤيّدون وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة، ومن جهة ثانية يصطفّ كل من «القوات اللبنانية» و»الكتائب» و»الحزب التقدّمي الإشتراكي» ومستقلّين وتغييريين خلف ترشّح رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوّض.
أمّا النائب باسيل فلا يزال على موقفه السابق، يتسلّح بالورقة البيضاء أسوة بـ»حزب الله» والحلفاء لكنه لم يسر بفرنجية حتى الآن، ويحاول إتّخاذ دور صانع الرؤساء لنفسه بعدما كان يمنّي النفس بأن يكون مرشّح «حزب الله» الوحيد.
لم ينجح «إتفاق معراب» وبنوده العشرة ومن ثمّ التسوية الرئاسية في فصل «التيار الوطني الحرّ» عن «حزب الله»، كذلك لم تفعل العقوبات على باسيل فعلتها ولا الخلافات في إدارة الدولة، وبما أنّ «الحزب» تسلّح بالغطاء المسيحي الذي أمّنه عون وباسيل ليطبق على مفاصل الدولة والحكم، يرى المراقبون أنّ الفرصة باتت سانحة لفضّ تحالف كهذا بسبب إتّساع الهوّة الرئاسية بين باسيل و»حزب الله» بعد إعلان السيد حسن نصرالله شخصياً تفضيل فرنجية على باسيل.
وإذا كانت أبواب الضاحية الجنوبية باتت شبه مغلقة أمام باسيل، فهناك من يدعو القوى السيادية وعلى رأسها «القوات اللبنانية» لاستغلال اللحظة وفصل «التيار» عن «الحزب» لأنّ الخصم الحقيقي للمشروع السيادي هو مشروع «حزب الله» وليس باسيل.
وكان باسيل قد وجّه دعوات مراراً وتكراراً لـ»القوات» من أجل الإلتقاء والحوار، وتشير المعلومات إلى أنّ باسيل توسّط لدى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من أجل رعاية حوار كهذا كما رعى المصالحة التاريخية بين «القوات» و»المرده» في خريف 2018. ولم تقف مبادرة باسيل عند هذا الحدّ بل أدخل وسطاء على علاقة جيدة بكل من «القوات» و»التيار» من أجل تقريب وجهات النظر.
وبالعودة إلى ربيع 2005، فقد كان رئيس الحزب «التقدّمي الإشتراكي» وليد جنبلاط أول شخصية تلتقي عون في باريس قبل عودته من المنفى وشعر بأنّ هناك شيئاً ما يتحضّر وأطلق على العودة لقب «التسونامي»، لكن شركاءه في محور 14 آذار وعلى رأسهم رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري رفضوا إستيعاب عون ولم يمنحوه ما أراد من مقاعد نيابية خصوصاً بعد إصرار عون على ترشيح اللواء عصام أبو جمرا في عاليه ونيل مقاعد مسيحية في بيروت وعكار.
وعلى رغم فضح الوزير السابق كريم بقرادوني صفقة عودة عون وتنسيقه مع السوريين، يعتبر بعض من كان في صفوف 14 آذار أنه لو تمّ استيعاب عون وإعطاؤه ما يريد، حتى لو لم يقبل، لكان خفّ وهجه ولم يحدث «التسونامي» الإنتخابي عام 2005 ويمنح الغطاء المسيحي لـ»حزب الله» بهذه القوة مستغلاً إبقاء رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في المعتقل لتمرير الإنتخابات وتزعّمه الشارع المسيحي وحده.
لكن القوى السيادية وعلى رأسها «القوات اللبنانية» ترفض المقارنة، وتعتبر أنّ التقارب مع باسيل غير وارد حالياً وذلك لأسباب مهمّة أبرزها:
أولاً: إنعدام الثقة بباسيل، فمن يوقّع «إتفاق معراب» ومن ثم يتنصّل منه بعد وصوله إلى الحكم لا يمكن التفاوض والإتفاق معه.
ثانياً: إذا كان أي لقاء مسيحي إيجابي على الإستحقاق الرئاسي إلا أنه غير كافٍ لأنّ الأزمة وطنية بامتياز وليست مسيحية أو طائفية.
ثالثاً: مشكلة باسيل مع «حزب الله» هي سلطوية بامتياز وليست عقائدية أو خلافاً على المواضيع الوطنية، فعند توقيع إتفاق «مار مخايل» تم توزيع الأدوار، «التيار» يغطي إستراتيجية «الحزب» في لبنان والمنطقة، بينما يحصد «التيار» كل الحصة المسيحية، وبالتالي يدخل الخلاف الحالي وفق ما يعتبر «التيار» ضمن إطار النكس ببند السلطة مقابل الغطاء.
رابعاً: لم يصدر حتى اللحظة أي انتقاد من باسيل لدور «حزب الله» وسلاحه في ضرب الدولة وإدخال لبنان في سياسة المحاور.
خامساً: مهما فعلت القوى السيادية وحتى لو اجتمعت مع باسيل واتفقت، فإنّ أي إشارة من «حزب الله» قد تُعيده إلى أحضانه خصوصاً إذا منحه ما يريد سلطوياً.
وأمام كل هذه المعطيات ترى القوى السيادية غياب أي فائدة من التواصل مع باسيل الذي غطّى سلاح «حزب الله» واستعمل السلطة لضرب خصومه المسيحيين، وليس صحيحاً أنّ الإنفتاح عليه قد يشقّه عن «الحزب»، وبالتالي ستبقى أبواب المعارضة السيادية مغلقة أمامه ولن تمنحه هذه القوى «طوق النجاة».
ويرى باسيل نفسه مطوّقاً بعد إعلان نصر الله ترشيح فرنجية في وقت تعتبر القوى السيادية أنّ إعلان باسيل تأييد ترشيح معوّض والخروج من اتفاق «مار مخايل» وانتقاد سلاح «الحزب» وسياسة محور «الممانعة» ربما قد يفتح باب الحوار.
ويواصل باسيل رحلة البحث عن اسم غير فرنجية ومعوض وقائد الجيش العماد جوزاف عون، فمن جهة يعود الى إحياء اللائحة الأولى التي طرحها والتي تضمّ عدة أسماء وحاول تسويقها من بكركي وأبرز المرشحين فيها هم الوزراء السابقون أمثال جهاد أزعور وروجيه ديب وزياد بارود، ومن جهة ثانية هناك محاولة لبث الروح أيضاً في اللائحة التي خرجت سابقاً من دوائر فرنسية واطلعت عليها البطريركية الراعي وتضمّ إضافة إلى بارود كلاً من رجل الأعمال سمير عساف والرئيس الفخري لرابطة خريجي هارفرد الدكتور حبيب الزغبي وعدداً من الإختصاصيين، وسط تأكيد أوساط متابعة أنّ حدّة الخلافات السياسية بين أطراف النزاع ستوصل حكماً إلى انتخاب أسماء إختصاصية وغير مستفزة لأن أي فريق لن يستطيع فرض مرشحه.
آلان سركيس - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|