الصحافة

الاتفاق الإقليمي والمجتمع اللبناني: استتباب الاستقرار؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تُجمع قراءات المتابعين والمراقبين للشؤون الإقليمية أنّ صفحة الاتفاق التي فُتحت بين المملكة العربية السعودية وايران، سيكون لها انعكاساتها الايجابية في الداخل اللبناني على مستوى "انفراج أسارير" أوجه العلاقة الشعبية الاجتماعية اللبنانية بين المكوّنين السنيّ والشيعيّ. ويضاف إلى ذلك، وبالحدّ الأدنى أقلّه، تبريد ذبذبات التوترات السياسية بين الجانبين وتقليص حجمها. وإذ تتنوّع المصطلحات التقويمية التي يحتكم اليها المستطلعون في ما يخصّ ترجيحاتهم المقبلة، إلا أنهم يلتقون على النظرية القائلة أن استئناف العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران سيحدّ من "تقلّص أسارير" وجه الحالة السنيّة - الشيعية في لبنان. وفي السياق، كانت شهدت السنوات الماضية بعض الحساسيات الأمنية الشعبية - السياسية الطابع بين الطرفين، تظهّرت في منطقتي خلدة والناعمة خصوصاً وسط اشكالات متجددة على أثر تعليق أعلام حزبية ولافتات بين مناصرين حزبيين مؤيدن لـ"حزب الله" وبين سكان المنطقة. وبقيت "أحزمة النار" تظهر بين فترة وأخرى متخلّلة اشتباكات بالأسلحة وسقوط قتلى بين الجهات المتنازعة.

لا تلغي التوقعات المتفائلة بمرحلة مقبلة من الهدوء الانسيابيّ على مستوى المكونين السني والشيعي لبنانياً بعد التطوّر اللافت على نطاق العلاقة السعودية - الايرانية أن ثمّة من يتمهّل في رسم التحليلات. ويُعتَبر الأمين العام لـ"المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان" مصطفى علوش من المترقّبين المتمهّلين، في اعتباره أنه "لا يزال مبكر الحديث عن انعكاسات للاتفاق على الوضع اللبناني، فيما ستتظهر الانعكاسات الإيجابية في حال تحسنت الأوضاع الاقتصادية ما يعود بالخير على اللبنانيين جميعاً". وانطلاقاً ممّا يقوله علوش لـ"النهار"، فإنّ "العنوان العام للاتفاق السعودي الايراني يشكّل إفادة لكن المضامين غير واضحة المعالم حتى اللحظة. وقد يرخي ذلك نوعاً من الارتياح اللبناني بين المواطنين السنة والشيعة لكن المسألة ليست بهذه البساطة ولا بد من الانتظار لمعرفة كيفية سير الأمور؛ ومن المبكر الحديث عن استرخاء لبنان في وقت يتمثل الهم الأساسي للمكونات الشعبية في الوضع المعيشي لا الأوضاع السياسية". ووفق قراءة علوش، فإن "التصور السعودي في بناء علاقات جديدة يأتي في اتجاه تخفيف عبء الصراعات. وإذا صدقت النوايا الايرانية فإنها ستترجم في اليمن أولاً. وإذ يرتبط البناء العقائدي لولاية الفقيه في الصراع مع السنة بشكل أو بآخر، لكن مصالح الدول قد تسهم في تجاوز هذه المسائل".

بحسب المعطيات التي يعبّر عنها لـ"النهار" الباحث المتابع للشؤون الايرانية والاقليمية حسن فحص، فإنه "ومنذ بداية التفاوض بين الدولتين في بغداد كان رأيي بناء على مؤشرات ومعلومات أن انعكاس أيّ تطور إقليمي في ملف الحوار الايراني السعودي لن يكون سريعاً على الساحة اللبنانية. وثمة أولويات بين الطرفين تبدأ في اليمن فالعراق ومن ثم الوضع السوري وصولاً إلى الأوضاع اللبنانية. ويشكّل الإعلان عن الاتفاق في بكين ومهلة الشهرين نوعاً من خريطة طريق لتعزيز الثقة وفكفكة التعقيدات في الملف اليمني كمحور أساسي". الانعكاس على لبنان، يقرأ فحص أنه سيكون "من موقع فتح الباب أمام تفكيك التوترات القائمة بين المكون الشيعي والمكونات اللبنانية عموماً. ولاحظنا هذه المسألة مع ترك الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الباب مفتوحاً أمام التهدئة وعدم إثارة حزازات لبنانية وعربية بُعيد إعلان الاتفاق". ووفق مقاربة فحص، فإن "الانعكاس إيجابيّاً لا شكّ أنه سيتبلور في حلحلة التوترات بين السنة والشيعة في لبنان وفتح الباب أمام تفاهمات مستقبلية في انتخابات رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. لكن، النتائج ستحتاج إلى أشهر نظراً لطبيعة الملفات العالقة بين البلدين. وسيثمر التقارب اجتماعياً أقلّه... أمّا على المستوى السياسي اللبناني، فلا يمكن الحديث عن تحالف اندماجي بل حالة تعايش سياسي بين الطرفين".

يوافق السياسي خلدون الشريف انطلاقاً من اعتقاده الجازم أن "الاتفاق سيؤدي إلى استرخاء الساحة السنية - الشيعية لبنانياً وإلى تبريد سياسي وشعبي اذا وصل الى الأهداف المطلوبة"؛ والسؤال بالنسبة إليه، "إذا كان اللبنانيون سيلتقطون الفرصة ويكون في استطاعتهم الافادة من لحظة التقارب السعودي الايراني الذي ينعكس على المنطقة كلها". ويقول الشريف لـ"النهار" إن "دخول الاتفاق حيّز التنفيذ سيسهم في تبريد ساحات الشدّ المذهبي في الداخل اللبناني وقد ينعكس ايجاباً على مستوى استحقاق رئاسة الجمهورية وتسهيل الانتخاب وسط أوضاع اقليمية مؤاتية"، لافتاً إلى أن "الانعكاس يرتبط في ما يمكن أن يقدّمه الاتفاق للبنانيين على المستوى الاقتصادي باعتبار أن التوترات الراهنة ليست مذهبية بل معيشية اجتماعية. وهناك شقّ متعلّق باللبنانيين أنفسهم وإذا كانوا على استعداد للوصول إلى الحلول. ومبكرٌ الحديث عن تقارب سياسي سني شيعي في لبنان نتيجة الاتفاق، لكن إذا أُحسِن قراءته محلياً سيقفز البلد فوق الصراعات المذهبية".

في تقويم عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة، فإن "العلاقة الاسلامية - الاسلامية جيّدة اليوم بدليل ندرة الاحتكاكات والاشكالات في الشارع خلافاً لمرحلة الحرب العراقية ومرحلة استشهاد الرئيس رفيق الحريري عندما كان الجوّ محموماً ويتخلله اشكالات متواصلة". ووفق ما يرجّحه خواجة لـ"النهار"، فإن "الاتفاق السعودي الايراني سيزيد حال الهدوء أكثر ويمتّن العلاقات بين السنة والشيعة في لبنان بعيداً عن فتنة لا مناخ لها. ويظهر أن الاتفاق سيبرّد الملفات الساخنة من لبنان إلى اليمن ويحوّل العلاقة السنية الشيعية لبنانياً من جيدة الى ممتازة". ويعتبر خواجة أنه "من المبكر الحديث عن تفاهمات أساسية بل مفاعيل أولية في تبريد الملفات الساخنة. وتحتاج الحلول إلى وقت ليخطّ الاتفاق على أرض الواقع ويتحول إلى حقيقي. لكن، في القراءة الاولية، لبنان سيستفيد ايجاباً ولا بد استناداً الى قول الرئيس نبيه بري الإفادة من لمّ الشّمل الإقليمي كلبنانيين والبحث عن حلحلة للمواضيع اللبنانية".

"النهار"- مجد بو مجاهد

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا