بالفيديو : بعد تواريه عن الأنظار لأشهر... دكتور فود يطّل على متابعيه من جديد
لا "انفجار" لبنانياً... و"تفجّر" إسرائيلي داخلي محتمل؟
أفادت معلومات وصلت من الخارج الغربي قبل أسابيع قليلة أن لبنان سيعيش بعد انتهاء شهر آذار الجاري وضعاً أمنياً مقلقاً جداً ينطلق من الضائقة المعيشية المتنوّعة الأسباب التي يعيشها اللبنانيون ومن تفاقم التناقضات بل الاختلافات بين الطوائف والمذاهب وداخل كل منها بين الزعامات والأحزاب الطامحة الى مد سيطرتها في مناطقها تمهيداً للحصول على حصص أساسية في كعكة الدولة والسلطة إذا أُعيد بناؤهما أو في مرحلة إعادة البناء هذه.
إلا أن الجهات اللبنانية الفاعلة على تناقضها لم تصدّق المعلومات المُشار إليها رغم معرفتها خطورة الوضع الداخلي والانقسامات الحادة بين شعوب البلاد وعدم تورّع الداخل والخارج المعنيين عن استغلال أي تطوّر لتحقيق أهدافهما وحماية مصالحهما وإن بدماء اللبنانيين وقوتهم اليومي. واعتبرت المعلومات نفسها أن احتمالات انفجار أمني في لبنان ضئيلة جداً ولا سيما في ظل غياب أي مؤشرات فعلية الى ذلك. واعتبرت ثالثاً أن احتمال انفجار الوضع في الجنوب من جرّاء اشتباك يمكن أن يتحوّل حرباً دامية ومدمّرة جداً بين "حزب الله" وإسرائيل أمرٌ محتمل نظرياً. لكن على صعيد الواقع فإن المؤشرات المتوافرة لا تعطي انطباعاً بأن الأول "سيتحركش" بالثانية فتضطر الى الرد عليه بقوة وشراسة لأسباب متنوّعة أهمّها صعوبة الوضع الداخلي فيها وما يواجهه رئيس حكومتها نتنياهو من مصاعب وتحدّيات من جرّاء انقسام شعب إسرائيل نصفين، أحدهما محافظ جداً دينياً وسياسياً و"فساداً وإفساداً" ويعمل لجعل الدولة على صورته ومثاله، والآخر ليبرالي ويسعى من خلال الشارع المحتقن الى منع المحافظين من تفريغ القضاء وجعله مطيّةً للسياسيين كما هي حال لبنان، ومن وضع بلادهم على طريق الانحدار لتصبح دولةً عالمثالثية. علماً بأنها بطريقة معاملتها للفلسطينيين داخل "الدولة" وفي الأراضي التي احتلتها عام 1967 أثبتت أنها جزء من العالم الثالث حيث لا احترام لحقوق الإنسان ولا للديموقراطية الشاملة.
أما ما ترتكبه إسرائيل في سوريا من شن هجمات صاروخية وقصف جوي لمناطق معيّنة بعضها محاذٍ لها وبعضها الآخر داخل العاصمة السورية وبعضها الثالث في عمق الداخل مثل حمص وحماه وطرطوس و... فهو لن يتسبّب بحرب استناداً الى المعلومات والمعطيات المتوافرة الآن سواء بين سوريا وإسرائيل أو بين "حزب الله" واستطراداً لبنان وإسرائيل. فهي تقصف في سوريا مراكز عسكرية ومستودعات أسلحة للتنظيمات غير السورية والموالية للجمهورية الإسلامية الإيرانية الموجودة في سوريا لحماية النظام فيها منذ بدء "ربيعها الدامي جداً" عام 2011. والهدف من ذلك إبعادها عن الحدود الإسرائيلية ولا سيما بعدما كانت قد بدأت بناء مواقع لها على الحدود مع إسرائيل استعداداً لشن مقاومة سورية أو من داخل سوريا لها مشابهة لمقاومة "حزب الله" في لبنان التي أدت الى انسحابها عسكرياً من أراضٍ كانت تحتلها فيه. ويستبعد متابعون جدّيون لهذا الوضع أن تردّ سوريا جدياً على إسرائيل بحرب أو بهجوم صاروخي يستهدف مناطقها الحدودية على الأقل أو أن يردّ "حزب الله" من لبنان عليها إذا استهدفت مواقع له في سوريا وأدّت إلى قتل عدد من مقاتليه وقياداته. ويبدو أن ذلك لم يحصل إلا نادراً وفي البداية. واستُبعد حصوله لاحقاً بعد ابتعاد إسرائيل عن استهداف مقاتلي "الحزب" في سوريا. وهو أكثر استبعاداً بعد ترسيم لبنان وإسرائيل حدودهما البحرية أخيراً للإفساح في المجال أمام استثمار لبنان ثروته الغازية والنفطية في مياهه الإقليمية وتوابعها. لكنه يبقى دائماً احتمالاً جدياً وخصوصاً إذا بدا بوضوح تخلّي إسرائيل عن التزاماتها وميوعة الشركات الأجنبية (توتال وإيني وقطر) التي اتفق لبنان معها على الحفر والتنقيب ثم الاستخراج وتوابعه. وسبب إحجام سوريا عن الرد معرفتها أن نتنياهو في آخر حكومة ترأسها قبل الأخيرة حصل على موافقة من روسيا بوتين في أثناء زيارة له لموسكو على ضرب أي محاولة إيرانية داخل سوريا لبناء وضع قادر على إيذاء بلاده إسرائيل لاحقاً. كان الشرط الروسي يومها عدم المبالغة الإسرائيلية بحيث يتسبّب ذلك بنشوب حرب سورية إيرانية مع إسرائيل لا تستطيع روسيا أن تبقى محايدة إزاءها. علماً بأن الأخيرة وافقت على مطلب سابق لإسرائيل ومستمر قضى بإبعاد مقاتلي ميليشيات إيران وعسكرها أو خبرائها في حال وجودهم عن الحدود السورية معها الى مسافة 40 حتى 60 كيلومتراً. نُفّذ ذلك الى حد كبير. لكن يبدو أن محاولات العودة عن هذا الاتفاق بدأت.
في اختصار، لا يستطيع نتنياهو مسايرة أكثر حزبين يمينيين تطرّفاً في بلاده، واحد يتزعمّه بن غفير وآخر يتزعمه سموتريتش، لكنه يحتاج إليهما الآن لضرب القضاء وهيبته تلافياً لأن تقصيه أحكامه المتوقّعة ضده لفساده في أكثر من قضية عن السلطة بل عن السياسة في صورة نهائية. من شأن هذه الحاجة إدخال إسرائيل كلها في تطورات داخلية خطيرة وانقسامات وما هو أكثر منها مثل الاشتباكات الشعبية مع القوى الأمنية. وبذلك ينتهي الجميع أي نتنياهو والذين على يمينه والذين على يساره من الأحزاب المعتدلة التي ضمُرت كثيراً. ولا تبقى إلا المؤسسة العسكرية المناهضة أساساً لليمين بكل أركانه. فهل تحسم وضع الداخل؟ أم يدفعها أهل اليمين المتشدّد الى حرب واسعة مع لبنان وسوريا وربما إيران؟ الجواب عن ذلك صعب. لكن ما قالته أميركا بايدن لكل هؤلاء بلسان وزير خارجيته بلينكن: "نحن مشغولون بحرب أكبر بكثير من حروبكم في الداخل (أوكرانيا)، ولسنا "فاضيين" للانشغال بحرب أهلية إسرائيلية أو بحرب مع الفلسطينيين هدفها الاستيلاء على الضفة الغربية وترحيل فلسطينييها. عودوا الى تفاوض على حل الدولتين".
"النهار"- سركيس نعوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|