إقتصاد

فقراء لبنان لن يتخلّصوا من فقرهم لا بدولار ولا بعملة أخرى لأن من يُمسكون بالأموال هم أنفسهم!...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا خلاف بين اثنَيْن حول أن الولايات المتحدة الأميركية استعملت الدولار، بسياسة العقوبات، ونفوذها المالي الدولي خلال العقود الماضية، وتحديداً خلال السنوات الأخيرة، بكثير من الإفراط.

ورغم معرفة واشنطن بأن عقوباتها "تُبيد" الشعوب، لا الأنظمة الديكتاتورية والفاسدة، إلا أنها تُكمِل بسياستها تلك نفسها في أكثر من دولة، وهو ما ينسجم مع مصالحها، ومع الصّفقات التي تبرمها مع "الفاسدين" في أكثر من مكان وزمان.

نعود الى منطقتنا، والى لبنان تحديداً، حيث الدولة الفاسدة التي تعلم أن لا حياة لعملتها السيادية بعد اليوم، والتي رغم ذلك، تفعل كل ما يمدّد حالات الانهيار، والانحلال.

ولكن ماذا لو انقلبت الموازين الاقتصادية في المنطقة خلال وقت غير بعيد تماماً، وبما يُتيح المجال للتفكير ببديل من الدولار؟

يرى خبراء أن زمن الإعلان عن التجارة السعودية مع الصين باليوان الصيني، بدلاً من الدولار الأميركي في عدد من السّلع، قد لا يكون بعيداً تماماً. وحتى إنه قد يُصبح أقرب ممّا يُمكن للبعض أن يتخيّله. وهو ما ينسجم مع رغبة عبّر عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ للسعوديّين خلال زيارته السعودية في كانون الأول الفائت.

ويؤكد آخرون أن الدّور الصيني الجديد في الشرق الأوسط قد لا يتوقّف عند تلك الحدود، ولا عند الاستثمارات المُتبادَلَة بين إيران والسعودية فقط، إذ قد يصل الى حدّ المساعدة على الدّمج الاقتصادي بين الدول العربية وإيران، والتأسيس لعملة مشتركة بينها.

صحيح أن الدور الأميركي في إنجاح مثل هذا النّوع من المشاريع قد يكون مطلوباً، ولكن ليس تماماً بحسب البعض، إذ إن أميركا عام 2002، أو 1995، أو 1980... كممرّ إجباري، لم تَعُد هي نفسها اليوم، ولا بالقوّة التأثيرية السابقة نفسها، لإنجاح أو إفشال أي مشروع.

ولكن هناك بعض الأسئلة الأساسية في هذا الإطار، وهي على صعيد أن ماذا يُمكن لـ "بديل الدولار" أن يحمله للفقراء في لبنان والشرق الأوسط؟

وهل يمكن للصين، ولليوان الصيني، أو لأي عملة أخرى أن تُعيد توزيع خريطة الفقراء والأغنياء في لبنان والمنطقة؟ وهل انها ستحوّل الفقراء الى متوسّطي الحال مثلاً، أم ستجعلهم يتوغّلون بالفقر، وصولاً الى حدّ الفقر الفاحش، وذلك بموازاة الإبقاء على خريطة الثّراء، والفاحش منه على حاله، وبمعيّة تشكيل طبقة من الأثرياء الجُدد، بفساد جديد ينهل من "ينابيع" ذاك الذي لطالما ساد في دول منطقتنا؟

مخاوفنا في هذا الإطار جديّة، خصوصاً أن أي نقلة اقتصادية قد تشهدها المنطقة مستقبلاً، ستكون بالموجود، أي بالصّالح والطّالح معاً، وبالتعاون مع قوّة دوليّة هي الصين، لا تطالب بشروط إصلاحية في العادة، وذلك تحت ستار احترام سيادة الدول، وعدم التدخُّل في شؤونها.

فهل سيحسّن التخلّي عن الدولار مستقبلاً، أوضاع أضعف الفئات الاجتماعية في لبنان ومنطقتنا؟

تؤكد مصادر مُطّلعة لوكالة "أخبار اليوم" أن الهدف الأقصى للصين حالياً، من جراء دخولها الدّيبلوماسي الى الشرق الأوسط، هو فتح المزيد من الخطوط والطُّرُق لمبادرة "الحزام والطريق"، أي لتصدير المنتجات الصينيّة الى ما وراء الحدود والبحار.

وبالتالي، لا مجال لاستبدال الدولار بأي عملة أخرى، ولا حتى على مستوى إقليم بكامله قريباً، خصوصاً أن روسيا نفسها ما كانت لتسعّر نفطها بالروبل للدول الغربيّة خلال العام الفائت، لولا حاجتها الى الدولار.

فالدول الغربية التي دفعت ثمن النّفط الروسي في عام 2022 بالروبل، هي تلك التي اشترته (الروبل) من روسيا بالدولار. وهو ما يعني أن روسيا نفسها لا تزال دولة دولار حتى الساعة.

هذا فضلاً عن أن لا دولة تقبل باليوان الصيني من بكين، في العمليات التجارية، وهو ما لا يشجّع أي دولة على التجارة مع الصين باليوان في وقت قريب، ولا حتى بنِسَب محدودة. وهذا هو المُتاح في العالم حتى الساعة.

وبين المُتاح، ونقيضه، يبقى القول إن فقراء لبنان، والمنطقة، والعالم لن يتخلّصوا من فقرهم، لا بدولار، ولا بيوان، ولا بروبل، ولا بأي عملة أخرى، ولا حتى بعملاتهم المحليّة. فمن يُمسكون بأموال الأرض هم أنفسهم، بلغات مختلفة، وأشكال مختلفة، وألوان متفاوتة.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا