الصحافة

عودة الموظفين الى عملهم: رشاوى ورسوم "على عينك يا دولة"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع عودة الموظفين الى اداراتهم ووزاراتهم باتفاق ضمني مع مرجعياتهم السياسية والحزبية قضى بفك الاضراب ولو جزئيا، انطلقت الاعمال بتخليض المعاملات والملفات التي تراكمت لأكثر من شهرين في أدراج تلك الادارات وكلفت أصحابها الملايين بفعل التأخر الطارئ نتيجة هذا الاضراب.

عودة الموظف الى رأس عمله هذه المرة ولثلاثة أيام على الأقل، كان لها في المقابل حساباتها السياسية بين الاطراف الداعمة للموظفين وهي في معظمها جهات حزبية تستفيد من المراكز الموزعة على المحازبين داخل الدولة. وومع تقلبات سعر صرف الدولار وتخطيه الثلاثين ألف ليرة وتراجع القدرة الشرائية لراتب الموظف، بات البحث عن حلول آنية تُبقي هذا الموظف المحسوب على مرجعية حزبية أو رئاسية رسمية، ضرورة آنية تعطيه فرصة ايجاد ابواب لاخراج الاموال منها، وهذا ما تم التوصل اليه تحت الطاولة في المفاوضات التي أُجريت مع الموظفين وظهرت نتائجها في أول يوم عمل لهم في مؤسسات الدولة بعد الاضراب.

في حديثك مع مُراجع تابع ملفه قبل يومين في احدى الوزارات، يشكو الرجل من الفوضى العارمة المسيطرة على الاقسام بفعل تراكم الاعمال أمام الموظف، والاخطر من كل ذلك هي الرشوة العلنية التي يتقاضاها الموظف لتخليص المعاملة حيث باتت شرعية يطالب بها الموظف علنا من دون خجل أو ريبة، وعند سؤال الموظف عن السبب وراء طلبه المزيد من الاموال يقول وبحُرية مطلقة : "اذا كان لديك أي ملاحظة يمكنك تقديم شكوى الى المسؤولين فنحن اولاد اليوم وعليك التكيف مع هذه الظروف والا ستبقى معاملتك على الطاولة تنتظر التوقيع".

يُشبّه المُراجع ما يحدث في الادارات العامة بمسلسل "يوميات مدير عام" الذي تناول موضوع الرشاوى في القطاع العام، مع فارق أن الرشوة كانت بالامس مستترة أما اليوم فهي علنية ومن يعترض يُقدم شكوى الى التفتيش المُحبط بدوره من الانحدار الذي نحن فيه اليوم. وامام طوابير المراجعين يُفضل المواطن الدفع لاحد السماسرة لتخليص معاملته بسرعة البرق، وهذا ما يحصل داخل مصلحة تسجيل السيارات حيث ارتفعت الاسعار لدى السماسرة بشكل جنوني، وعندما تسألهم عن السبب يؤكدون لك أن الموظف بعد عودته من الاضراب بات يطلب أرقاما كبيرة تصل الى المليون ليرة لتصبح المعاملة جاهزة، أما الاسعار المتعلقة بإصدار دفاتر السوق والميكانيك وغيرها فتخضع أيضا لاسعار خاصة يفرضها الموظف بالتنسيق مع الاقسام الأخرى.

تَحَوَّل الموظفون في الادارات العامة الى مجموعات منظمة شريكة بالجريمة على المستوى الوطني، أما المسبب فمعروف وهي الاحزاب والقوى السياسية التي باتت عاجزة عن تأمين المناقصات عبر رجال اعمالها للموظفين في الوزارات والادارات العامة، وهي رأت أن السماح لهؤلاء بتقاضي مبالغ مقطوعة على الملفات والمعاملات الموجودة على طاولتهم أقل وطأة من تمردهم وتكبيل مرجعياتهم كما فعلوا في اضرابهم الاخير حيث زادت نقمة المواطنين على الدولة لاسيما رجال الاعمال الذين تم ايقاف اشغالهم بفعل هذا الاضراب.

على حساب الشعب اللبناني وسمعة الادارة العامة، اختار المسؤولون الحل لفك الاضراب واعادة الموظفين الى عملهم رغم يقينهم المسبق أن الرواتب التي يتقاضاها هؤلاء لا يمكن أن تُعيل عائلاتهم، وعوض البحث عن الحلول المستدامة والتي تقضي حكما بترشيق هذه المؤسسات نتيجة تخمة الموظفين الذين قادتهم المحسوبيات والمحاصصة الحزبية الى طلب وظيفة عامة من دون انتاجية، لجأت الدولة الى سياسة الهروب نحو الامام والابقاء على هذا الموظف مع تقاضي رسوم خارجة عن القانون ليتمكن من مواجهة التحديات ولو على حساب دولة المؤسسات.

علاء الخوري/ليبانون فايلز 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا