الصحافة

ماذا يعدّ بري في الخفاء استعداداً لمعركة الرئاسة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أي نسيج يحيك رئيس مجلس النواب نبيه بري خيوطه بتؤدة استعدادا للدخول الى معركة الرئاسة الاولى التي انطلق عمليا السباق اليها منذ مدة؟

مبرر طرح السؤال على هذه الصورة يأتي، بحسب العالِمين ببواطن الامور عند سيد عين التينة، من مبدأين يكادان يرقيان الى رتبة المسلّمات وهما:

- ان الرئيس بري اضطر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة الى مجاراة حليفه "حزب الله" على الاقل في عملية عدم تأمين النصاب في خياره الجليّ يومذاك والمصرّ على تسمية العماد ميشال عون حصراً لهذا المنصب.

ولم يعد خافيا ان هذه المجاراة تحولت الى نوع من الاذعان للامر الواقع، خصوصا ان بري ظل حتى ربع الساعة الاخير يرفع راية الاعتراض على هذا الخيار ويجاهر به. وقد ظل بساط الرفض والاعتراض هذا ممتدا طوال سني ولاية عون واستحالت حالا من العداء والقطيعة والمشاحنة.
وعليه، صار بإمكان الرئيس بري ان يبعث الى الحزب بإشارات فحواها: انتم اخذتم فرصتكم وحققتم مبتغاكم، ولأن المعطيات لا تتيح لكم تكرار ما اقدمتم عليه قبل نحو ستة اعوام، فلندخل معا الى فناء الموضوع من بوابة اخرى نفتش عنها معا.

- هذا الرأي من شأنه السماح بالدخول الى المبدأ الثاني، اذ ان بري سينطلق من هذا الواقع المعلوم ليفاتح قيادة الحزب المعنية بطرح مفاده: عليكم ان تمنحوني تفويضا وتوكيلا لكي يكون لي حرية التصرف بأريحية بهذا الشأن الذي سيمسي ضاغطا من الآن فصاعدا. وهو إن تحقق سيعود عليكم بفائدتين موضوعيتين:

الاولى، ان خروجكم من صدارة الصورة والمشهد سيحرركم الى حد بعيد من "شبهة" لحقت بكم وهي انكم تفرضون على الآخرين تفصيل كل الامور والرئاسات وفق مقاييسكم وحساباتكم وارتباطاتكم، خصوصا انكم متهمون مباشرة ببسط ظلال هيمنتكم على الدولة والاستحواذ على ادارة شؤونها.

الثانية، "تحرير" الرئيس المقبل من تهمة انه "صنْع" فريق بعينه رغماً عن ارادة الآخرين، ما يسمح بالقول انه صُنع في لبنان وفق ارادة الغالبية.

ومن البديهي ان الرئيس بري وسواه من المشتغلين بالشأن العام يستطيعون ان يتحدثوا بإسهاب عن سلبيات ومرارات تجارب الاتيان بعهود رئاسية حُسبت على جهة بعينها وفريق بذاته، وقد كانت فاتحتها تجربة الرئيس امين الجميل وصولا الى التجربة التي لم يمر عليها الزمن (تجربة الرئيس ميشال عون).

وبناء عليه، فان بري لم يكن مضطرا الى ان ينتظر الاجابات على رسائله الناعمة والمشفّرة للحزب، اذ ما لبث ان دخل على خط الانتخابات الرئاسية ومقدماتها اللازمة منذ فترة بفعل واقع اساسي من امرين:

- انه رئيس السلطة التشريعية الذي ستناط به وفق الدستور عملية ادارة ملف الانتخابات الرئاسية بدءا من الاول من ايلول المقبل والى حين اجتياز الرئيس الجديد عتبة قصر بعبدا.
- ان الرئيس بري ما زال محور تلاقي مجموعة قوى وشخصيات وازنة في المشهد السياسي، بل ان عين التينة تشكل بصورة او باخرى مرجعية هذه القوى.

وفي هذا السياق، سرت معلومات اولية جوهرها ان بري فتح ابواب صرح الرئاسة الثانية وشرع في استقبال اكثر من طامح لبلوغ منصب الرئاسة الاولى، والحبل بطبيعة الحال على الجرّار. لكنْ ثمة استقبالان هما الاكثر دويّا وتنطوي زيارتاهما على أبعاد مستقبلية. الاستقبال الاول كان لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي كان له قصب السابق في المجاهرة بترشيحه لهذا المنصب وظل المثابر في جولة اتصالاته ومروحة لقاءاته. واللافت انه (فرنجية) تعمّد القول بعد اللقاء ما فحواه انه ما وفد الى عين التينة بقصد طلب الدعم لانه "يعتبر نفسه وبري حالة واحدة".

أما الاستقبال الثاني الاكثر دوياً من الاول فهو اجتماعه برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي #وليد جنبلاط. وهو الاجتماع الاول بينهما بعد اكثر من سبعة اشهر على آخر لقاء جمعهما، اي عندما انطلق زعيم المختارة في ادارة معركته الانتخابية.

مزيّة لقاء بري – جنبلاط الاخير وخصوصيته انه أتى بعد وقت قصير على كشف سريان الحرارة في قناة التواصل بين جنبلاط و"حزب الله" وصيرورة هذا العنصر المستجد حدثاً يتردد صداه منذ عشرة ايام، خصوصا بعدما تبين انه سيتوّج بلقاء رفيع المستوى يجمع جنبلاط مع ارفع مسؤولين في هيئة الاتصالات السياسية في الحزب، اي حسين الخليل ووفيق صفا.

ومن البديهي ان بري الذي بامكانه استشراف أبعاد كل حركة يقدم عليها حليفه التاريخي قد اخذ علما بالمعاني والمقاصد البعيدة لانفتاح جنبلاط على الحزب إن لجهة التوقيت او لجهة مواضيع اللقاء.

وفي هذا الاطار، عُلم ان جنبلاط يسعى صراحة الى تموضع سياسي استنادا الى ما افرزته الانتخابات الاخيرة من نتائج زئبقية بحيث يعيد اليه دور "بيضة القبان" الذي فُقد في الاعوام الماضية، وهو التموضع الذي شغف به الزعيم الاشتراكي وأمّن له حضورا ووزنا في اللعبة السياسية.

ولاريب ان ثمة شرطين لمثل هذا السعي هما:
- الخروج من عداوات المرحلة الماضية بعدما ادت غرضها واستنفدت وظيفتها.

- الاستعداد لأخذ دور اساسي في مسألة اختيار الرئيس المقبل. وجنبلاط يعلم كما سواه ان بوابة العبور الى الامرين لن تكون الا عبر التنسيق والتفاهم مع حليفه بري الذي كان ينتظر حضوره اليه ليستعيدا معا دورهما كلاعبين محوريين في قضايا وملفات اساسية، وبطبيعة الحال فان موضوع الرئاسة الاولى هو المدخل.

وسواء وفق ما قيل ان بري شجع جنبلاط على المضي في هذا الخيار الانفتاحي الطارىء على "حزب الله" او انه تبلغ قرار جنبلاط المتخذ عن سابق وعي ودراسة بهذا الخصوص، فثمة معلومات اولية مفادها ان جنبلاط وفد الى عين التينة وهو يحمل اسم مرشح يزكّيه لهذا المنصب ويطلب من بري السير معه في هذا الخيار.

وفي المعلومات عينها ان لدى جنبلاط، اضافة الى الاسم، مطالعته الدفاعية عن هذا الخيار وفحواها انكم لا تملكون من المعطيات ما يسمح لكم بتكرار تجربة الـ 2016، لذا من مصلحتكم مرافقتي في اختياري، خصوصا انني استعدتُ للتو "بيضة القبان".

الثابت بحسب ما رشح ان بري لم يعطِ الى الآن رأيه الحاسم وكلمته الفصل لا لفرنجية ولا لجنبلاط، لكن الواضح ان استعدادات بري لمآل يعتبره "يوم المنازلة" باتت مكتملة، وفي الظاهر منها هو انه لن يضطر الى سلوك مسلك الانتخابات الماضية وفرض أمر واقع.

 ابراهيم بيرم/ "النهار"

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا