بسام الشيخ حسين والرئيس الجديد
ماذا يمكن لأي مرشح للرئاسة أن يقول، بل أن يفعل لبسام الشيخ حسين وعائلته، قبل وبعد تنفيذه العملية التي قام بها أمس في المصرف الذي لم يتمكن من سحب ما يحتاجه من وديعته لتطبيب والده، ولمعالجة ابنه في المرحلة السابقة؟ وكيف لأي رئيس جديد للجمهورية أن يتصرف حيال هذه القضية التي يغلب الجانب الإنساني فيها على الناحية الأمنية، مهما كانت الملابسات التي أحاطت بها. حتى المعاناة التي أصابت بعض زبائن المصرف والموظفين الأبرياء جراء الحادثة، يغلب عليها الجانب الاجتماعي، لا الأمني.
مهما كانت المداولات الجارية حول الاستحقاق الرئاسي وخلفياتها، فإن القوى السياسية المعنية باختيار الرئيس العتيد أمام اختبار التفكير بمثل هذه الحوادث وغيرها التي يمكن أن تحصل بعد انتخاب الرئيس الجديد. فمن المؤكد أنه لن يستطيع أن يحجب عنها المسؤولية كما فعل الرئيس ميشال عون، لأنه أقحم الرئاسة في المبارزة على تحقيق المنافع تحت لواء الحقوق الطائفية.
يجري البحث في الهوية السياسية لرئيس الجمهورية المقبل، ويقارب الفرقاء الأمر من زاوية ولائه الخارجي وانتمائه الفئوي إلى أي معسكر من المعسكرين الواسعين، اللذين تتشكل منهما معظم الحياة السياسية في البلد، فإن لا جدوى من وضع المواصفات السياسية إلا من زاوية مدى استعداد القوى السياسية لإعطاء البلد إجازة من عملية إلحاقه بهذا المحور أو ذاك لأن استتباعه، الذي كان أولوية بالنسبة إلى بعض الفرقاء، كان العامل الرئيسي الذي قاده إلى الخراب.
باسم إعطاء الصدارة لوقوف الرئاسة في وجه دول الغرب تحت عناوين مضلِّلة، وباسم التعايش مع الأمر الواقع الذي لا ردّ له، خوفاً من الاضطراب الأمني، جرى تبرير كل السياسات التي أدت إلى تراكم أسباب إفلاس البلد، بينما حذرت المراجع المالية الدولية من هذا الإفلاس قبل سنوات من حصوله، بتواطؤ من معظم الطبقة السياسية مقابل مكاسب هائلة لبعضها وظرفية أشبه بالفتات بالنسبة إلى بعضها الآخر.
ينبغي على المعنيين بالاقتراع للرئيس الجديد أن يزيحوا عن ظهورهم المسؤولية عن إعطاء أجوبة لبسام الشيخ حسين عندما يتكرر ما فعله من قبل غيره من المواطنين، على رغم أن هؤلاء مسؤولون بالكامل عن الأزمة التي تحتل المركز الأول بين أشد ثلاث أزمات كما يرجح تقرير البنك الدولي الذي صدر الشهر الماضي حول الأزمة اللبنانية. القوى السياسية التقليدية الرئيسية المعنية بالاقتراع للرئيس الجديد، ما عدا التغييريين وبعض المستقلين، لن تتمكن من إعطاء الأجوبة اللازمة للمواطن الذي اضطره القهر لأن يقتحم المصرف في منطقة الحمراء أمس بالتأكيد. وهي لن تقنع النسوة اللواتي تظاهرن في الجنوب وقبله في البقاع، وتجرأن على سطوة «حزب الله»، فضلاً عن الزعامات الأخرى في مناطق أخرى.
قد يكون على هذه القوى أن توفر عليها البحث عن مواصفات الرئيس المقبل، لأنها موجودة في تقرير البنك الدولي الذي يتحدث عن الرياء من قبل المجموعة الحاكمة راهناً في تكرار التأكيد على حرمة أموال المودعين، وحين اتهمها بأنها «تعمدت» إفقار اللبنانيين بتأخير الحلول بالشعارات السياسية المملة التي كانت تطلقها والمنفصلة عن الواقع.
فتجربة السنوات الثلاث الماضية أثبتت أن من أبرز سمات الاقتصاد السياسي في البلد أنه فاقم عملية تراكم الديون، ما أضاف سبباً جديداً لتناميها فيما الرسم البياني للأزمة آخذ في الصعود. والرافد الأساسي لهذا الصعود كان إصرار القوى السياسة الحاكمة والنافذة على «تحقيق منافع سياسية ومالية من التكاليف الزائدة المفروضة على المواطنين والامتيازات الممنوحة للقلة». وهذا ما أدى إلى الإمعان في «غياب الخدمات العامة الأساسية».
مواصفات الرئيس الجديد التي يكثر الحديث عنها تقضي بالتسليم برئيس يبتعد عن كل تلك التسويات التي بررت كل السياسات السابقة بحجة حفظ الاستقرار. وإذا لم يلتقط بعض القوى السياسية المعنية باختياره مغزى ما جاء في التقرير الدولي، فإنهم سينتخبون نموذجاً مكرراً للسنوات العجاف السابقة، فتستحيل استعادة الثقة، ويتعذر تقديم الشفافية على الخبث والعبثية في إدارة البلد. وهما العنصران المطلوبان كي ينطلق التعافي، وكي يحصل بسام الشيخ حسين وغيره على الأجوبة التي يطلبونها.
وليد شقير / "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|