"التهاب" الدولار والمضاربة عليه سياسيّان
ما يمكن استخلاصه من التحقيقات الجارية في ملف الصرافين غير الشرعيين، ان إزاحة مضاربين بالدولار من السوق السوداء لم تفلح في لجم تصاعده بل ازداد اتساعا مع "الثلاثاء الأسود" ليتدخل مصرف لبنان ويستعيد الهدوء بعد العاصفة. حصل ذلك قبل يوم من صدور القرار القضائي بتخلية عشرة موقوفين من مجموعة الصرافين غير الشرعيين الملاحَقة امام القضاء.
لقد جرى كشف الاسلوب الذي اعتمدته حفنة من المدعى عليهم في عمليات المضاربة، يشكلون الرؤوس الأساسية في إدارة اللعبة وطريقة عملهم في المضاربة من خلال مجموعات موزعة على "الواتساب"، وتمكنوا من جني ارباح من طريق سوق المراهنات بطلب مبالغ عالية من سوق الصرف على الدولار مسبقا بكميات كبيرة بسعر يفوق سعر السوق السوداء والرهان عليها لتُصرف بعد أيام قليلة وتحقق الربح، ما أثّر فعلا في ارتفاع سعر الصرف وأحيانا الخسارة. وتنشط هذه المجموعات بالتدخل عند حاجة الشركات بداعي الإستيراد، ومصرف لبنان لشراء العملة الصعبة لتغطية النفقات الشهرية المتوجبة على الدولة.
وبحسب مصادر قضائية، فإن مفاعيل كتاب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي وجّهه في 30 كانون الثاني الماضي الى النائب العام المالي القاضي علي إبرهيم لا تزال سارية المفعول، وبموجبه طلب القاضي ابرهيم من الضابطة العدلية بموجب استنابات قضائية اصدرها الى كل الأجهزة الأمنية إجراء التعقبات والتحقيقات الاولية والعمل على توقيف الصرافين والمضاربين على العملة الوطنية والتسبب بانهيارها واقتيادهم موقوفين الى النيابة العامة لإجراء المقتضى القانوني. وكان لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والمخابرات دورهما في إحالة 18 صرافا غير شرعي على القضاء. وهؤلاء يشكلون عددا من المجموعات التي تنشط على مواقع التواصل الإجتماعي للقيام بعمليات مضاربة. ولم يتسلم القضاء اي دفعة جديدة منذ الدفعة الاولى التي أحيلت في مطلع شباط الماضي على القضاء.
ويستمر موقوفا في ملف ألمضاربات أمام القضاء ستة موقوفين بعد تخلية الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو عشرة أشخاص منهم بكفالات مالية تدرجت من 150 مليون ليرة الى 600 و800 مليون ليرة بالنسبة الى اربعة منهم منعتهم الهيئة الإتهامية من السفر شهرين. ووفق المعطيات فان العشرة سددوا قيمة الكفالات المالية على الفور وغادروا السجن. وهم والموقوفون البقية مدعى عليهم بجنح ومضى على توقيفهم منذ 21 شباط الماضي. وهؤلاء المخلّون كان دورهم شراء الدولار عبر الدخول الى مجموعة التواصل. وتقرر الافراج عنهم تبعا لحجم فعلهم بالنسبة الى الآخرين الموقوفين وكونهم ليسوا على صلة بمجموعات الصرافين غير الشرعيين الذين يحركون سوق الصرافة، ولا علاقة لهم بإدارة هذه اللعبة .فهُم من الشراة الصغار المشاركين في مجموعات تبيع الدولار. كما يدخل معيار تخلية هؤلاء بعدم توقيف الباقين المشتركين على مجموعات "الواتساب" من هذه الفئة ومعهم صرافون وصرافون غير شرعيين، وقُدر عددهم بـ 700 شخص، وهذه المجموعات أُقفِلت بحسب مصادر متابعة للتحقيق بتوقيف مَن كانوا يديرونها.
وتفسر مصادر متابعة للتحقيق منذ بدايته اولياً لدى عناصر قوى الامن الداخلي، ان تصاعد سعر الدولار لم يتأثر بتوقيف هذه الدفعة بل ارتفع أكثر من ضعفين يوم "الثلثاء الجنوني" ليستقر على 108 آلاف ليرة للدولار الواحد. وفي رأيها ان اللاعبين تغيروا بتولية إدارة اللعبة الى آخرين مع اقتناعها بان الإدارة السابقة أثّرت في ارتفاع سعر الصرف وجنت الأرباح. واعتبرت ان التطبيقات خارج الحدود ومنها في تركيا تلعب دورا في اضطراب السوق السوداء، وتبدي اقتناعا بان المحرك المؤثر لهذه السوق لا يزال سياسيا، ولم تستبعد ان يشهد المزيد من التأزم المالي العابر للحدود ما لم يُحل المأزق السياسي الداخلي بعودة مفاصل الدولة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة .
"النهار"- كلوديت سركيس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|