العدالة القضائية لمحاسبة مجرمي الحرب "الفارين" إلى لبنان...الحزب لا يحمل تبعاتهم
100 تريليون ليرة لبنانية إلى مصرف روسيا المركزي... من هنا يبدأ كَسْر أحادية أميركا...
تمضي الأيام والسنوات، فيما لا نزال نسمع أن الأحادية الأميركية انكسرت، وأن نهاية الولايات المتحدة الأميركية أتت.
فها هي روسيا التي يُقال لنا منذ سنوات إنها تعمل على الاستثمار بسوء استخدام واشنطن للدولار، وبتحويله الى عملة عقوبات، و(يُقال) إنها تُرسي والصين الآليّة اللازمة لإيجاد وضع عالمي جديد يخرج من تلك "الغطرسة"، ويُنهي عصر أميركا وعملتها.
وها نحن نسمع منذ سنوات أن نجاح الالتفاف الروسي والإيراني على العقوبات الأميركية، يخلق واقعاً دولياً جديداً، ويهمّش قوّة أميركا.
وها نحن نسمع منذ سنوات أن الصين تتحوّل من عملاق اقتصادي يُنافس واشنطن بالمال والأعمال، الى لاعب رئيسي في كَسْر الأحادية الأميركية سياسياً وعسكرياً أيضاً، وذلك من خلال عمل بكين على بناء جيش قوي، وتعزيز الرّدع الاستراتيجي في آسيا وخارجها.
حيث يجب؟
ولكن بالنّظر قليلاً الى حيث يتوجّب كَسْر الأحادية الأميركية، أي الى حيث توجد الفرص المُتاحة للدخول في منافسة شرسة مع الأميركيين، أي الى الدول التي تُعاني من مشاكل على صعيد استعمال الدولار الأميركي، و(تعاني) من تطبيقات السوق السوداء، ومن صعوبة توفير "المعيشة" المناسِبَة للشعوب، (بالنّظر قليلاً الى تلك المساحات) لا نجد الصين، ولا روسيا، ولا النّجاح في الالتفاف على العقوبات، بل المزيد من الفقر، والجوع، والمرض، والمشاكل الاجتماعية، والحياتية.
من يحدّد؟
تتحدّث روسيا بشكل شبه دائم، ومنذ مرحلة ما بعد حربها على أوكرانيا، عن أنها توّاقة للتجارة مع بلدان العالم بالعملات المحليّة، ولاستعمال العملات الموثوقة.
فمن يحدّد ما هي العملات الموثوقة، وما هي غير الموثوقة؟ وما هي المعايير اللازمة لمعرفة التحديد الدّقيق، والواجب اعتماده في هذا الإطار؟
فإذا كانت دولة مُعاقَبَة ومُحاصَرَة أميركياً مثل سوريا، أو لبنان... أفلا تكون الليرة اللبنانية مثلاً، عملة موثوقة روسيّاً؟ فلماذا لا تأخذ موسكو الليرة اللبنانية "المُتضخِّمَة" في لبنان، والتي تُتخِم اليوميات اللبنانية بمزيد من الانهيار، وتؤمّن لنا (روسيا) البضائع والسّلع التي نحتاجها طبياً، ودوائياً، و"طاقوياً"، وعلى مستوى بعض المحاصيل الزراعية، والصناعات الغذائية، وغير الغذائية؟ فهذا سيكسر القرار الأميركي، والغطرسة الأميركية، بحماية روسيا القوية طبعاً.
وماذا عن الصين التي لا نسمع "حسّا" حتى الساعة، في عوالم كَسْر الأحادية الأميركية حيث يجب، بل حيث لا مجال لكَسْر تلك الأحادية على أي صعيد؟
فتعميق العلاقات والشراكات الاقتصادية بين بكين وبعض الدول الخليجية والعربية، وغيرها، وصولاً الى حدّ الإعلان عن التجارة باليوان بدلاً من الدولار مع تلك الدول (مستقبلاً)، ليس مساحة للتصارُع مع واشنطن.
فتلك الأخيرة لن تتأثّر تماماً بارتفاع حصّة اليوان في التعاملات المالية لتلك الدول، طالما بقيت مصالحها (واشنطن) آمنة، وبطريقة موثوقة، في الدول الخليجية والعربية، وفي أي دولة توسّع علاقاتها بالصين. بينما كَسْر الأحادية الأميركية يجب أن يكون في الدول التي تُصارع القرار الأميركي، والدول التي تُحاربها أميركا بالدولار، وبالعقوبات، وبالحظر، كنتيجة لمحاربتها (تلك الدول) القرار الأميركي، والسياسة الأميركية.
وانطلاقاً ممّا سبق، أين هو الكَسْر الصيني للأحادية الأميركية في لبنان مثلاً، حيث سلطة "المُمانَعَة" التي تواجه القرار الأميركي؟ وأين الكَسْر الصيني للأحادية الأميركية في سوريا؟ وحتى في إيران، وبشكل أبْعَد من بعض عمليات التجميل التي تجهد طهران في التعبير عنها بحماسة، في كل مرّة تتحدّث فيها (طهران) عن بَدْء العمل باتّفاقيات إيرانية - صينية، من خارج انتظار الاتّفاق النووي مع واشنطن (في شكل أساسي).
يؤكّد مراقبون أن أي كَسْر صيني وروسي حقيقي للأحادية الأميركية يجب أن يبدأ في دول تطبيقات السوق السوداء، أي في الدول التي تمرّ بمشاكل على مستوى التعاملات الداخلية والخارجية بالدولار الأميركي. ولكن هذا ليس متاحاً أمام بكين وموسكو لأسباب كثيرة، ولا يفيدهما لا اقتصادياً ولا سياسياً، ولا هما تريدانه أو تعملان من أجله أصلاً.
فروسيا تحتاج الى المال، والى العملات الصّعبة. وهي تسعى للحصول عليها من خلال صفقات الأسلحة، وتوسيع أسواقها العسكرية حول العالم، بما يوفّر لها المردود المالي. وأما الصين، فهي لا تدخل الى مكان من أجل التصارُع مع أحد حتى الساعة، بل لاستكمال شقّ الطُّرُق اللازمة لمبادرة "الحزام والطريق"، ولتوفير الأسواق لمنتجاتها. وهذا لا دخل له بكَسْر الأحادية الأميركية، ولا يؤثّر على أميركا إذا لم يمسّ بمصالحها.
وأما بالنّسبة الى الحالمين بزمن المواجهة الصينيّة - الروسية مع أميركا في لبنان، بالاستناد الى أسوار الفتور الأميركي - الخليجي، والى سوء العلاقات (الظّاهر) بين واشنطن وطهران، فيبدو أن لا مجال أمامهم سوى إطالة مدّة النّوم بالانهيار اللبناني اليومي، وبانتظار عودة الأموال العربية الى لبنان.
فأكثر من خبير في الشؤون المالية والاقتصادية يؤكّد أن تلك الحالة، أي انتظار الأموال العربية، تربط لبنان بالحضن العربي، أي بالأثمان السياسية التي سيتوجّب تقديمها كباب لعودة التمويل الخليجي والعربي إليه (لبنان). وهي أثمان قد لا تطول تواريخ صلاحيّتها كثيراً قبل عودة التباينات الخليجية - الإيرانية من جديد مستقبلاً.
وهذا يُعيدنا الى الأساس، وهو أن مفعول التمويل العربي للبنان مستقبلاً، لن يكون أكثر من "حكي صيني"، في غرفة "أحلام يقظة" لبنانية بكَسْر الأحادية الأميركية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|