الإمارات تدين قرار الحكومة الإسرائيلية التوسع بالاستيطان في هضبة الجولان المحتلة
عندما التهمت الأحزاب "لحم" البلديات... ورمتها في زمن الإنهيار
على بعد أيام فقط من تبيان حقيقة مصير الإنتخابات البلدية، لا حركة فعلية على الأرض. فالقوى الحزبية لم تُدر محرّكاتها الانتخابية حتى الساعة، بانتظار ما سترشح عنه أجواء نهاية الشهر الحالي، وإن بات في حكم المؤكّد ألا انتخابات بلدية. قضي الأمر إذاً، لكنْ ما تداعيات هذا الأمر على البلديّات، وكيف يقرأ رؤساء البلديات الحاليون هذا الواقع «المرّ»؟.
يتعايش رؤساء البلديات الحاليون مع فكرة «الإفلاس» القسري الذي أصابهم في الصميم، وأكثر ما يؤرقهم، هو ما ينتظرهم من أزمات خطيرة جداً، سيعجزون عن مواجهتها، سواء لجهة تأمين المازوت لآبار المياه لضخّها إلى المنازل، أم لجهة جمع النفايات، وردم الحفر. فعمل البلديات اليوم يقتصر فقط على رفع النفايات، أمّا ردم الحفر فبات من الماضي، وإن حضر فهو على نفقة الأهالي.
هي مرحلة مصيرية تمرّ بها بلديات منطقة النبطية، لم تشهد مثيلاً لها، وزاد الطين بلة اضطرارها للحلول مكان الدولة، ولكن من دون إيرادات، تتّكئ على بعض الهبات بالدولار، ومن تحصيل رسوم البلديات لتيسّر أمورها، في خطوة التفافية على الأزمة. ولكنها لا تكفي، فأصغر بلدية تحتاج شهرياً ما يقارب الـ200 مليون ليرة للمحروقات، في حين ما يصلها سنوياً من الدولة لا يتعدّى الـ150 مليون ليرة، فماذا عن الرواتب والمصاريف الأخرى؟!
في الواقع تُرمى اللائمة على القوى الحزبية التي استغلّت البلديات زمن الرخاء، وفي الشدّة تخلّت عنها. وأدّى تقاسم البلديات دوراً في إضعافها أكثر، ولم ينعكس إيجاباً عليها، بالعكس، تركها في «كومة أزمات» لا تنتهي.
كانت صندوق مال... صارت بلا صندوق
قبل الإنهيار كانت غالبية البلديات بمنزلة صندوق مالي للقوى الحزبية، معظم مصاريف احتفالاتها تتولّاها البلديات، تحت مسمّيات مساعدات وهبات. منذ مدّة غير بعيدة، كانت تجري لقاءات بعيدة عن الأضواء لتحديد خريطة الاستحقاق وكيفية خوضه، حيث كان يتمّ التشديد على ضرورة احترام الاتفاق المبرم بين «حزب الله» وحركة «أمل»، على أن تبقى خارطة التوزيع على حالها من دون أي تعديل، تحديداً بعد بروز أخبار تتحدّث عن رغبة «حزب الله» في تعديل الاتفاق في البلدات التي يملك فيها ثقلاً انتخابياً وازناً ككفررمان وحاروف وعربصاليم، حيث الرئيس ونائبه لحركة «أمل».
وفق المعلومات المتوافرة، فإنّه كانت لدى «الحزب» رغبة في الحصول على نائب الرئيس وتغيير موازين اللعبة البلدية. لكنّ حركة «أمل» رفضت تعديل الاتفاق، وأصرّت على إبقاء الوضع على ما هو عليه: ما لـ»الحركة» لـ»الحركة»، وما لـ»حزب الله» لـ»الحزب». ما تخشاه القوى الحزبية هو الناخب نفسه، الذي قد يذهب صوته باتجاه آخر، ما يحتّم الرغبة الواضحة في التأجيل لبلورة الأمر. وعليه يشكّل الاتفاق على «رؤساء» البلديات أصعب عقدة، فمن سيحمل كرة النار؟ وأي رئيس سيقبل أن يدير بلدية مفلسة؟
هذا الأمر يربك الطرفين، على رغم تأكيدهما أنّ الأمر «محلول»، ولا شيء يقف أمام قرار القوى الحزبية، غير أن الحقيقة مغايرة تماماً. حسب المعلومات فإنّ عدداً من المتموّلين والنافذين يرفضون تولّي هذا المنصب الذي كان في السابق محل تنافس، بعدما كانت البلديات «مرتاحة مالياً» على ما تقول المصادر، «لأنهم سيكونون على تماس مع الناس وهم عاجزون».
دور المعارضة
المفارقة أيضاً في هذه الانتخابات، هي أن المعارضة سيكون لها دور واضح، وهو أمر أثبتته نتائج الانتخابات النيابية، وحكماً ستلعب على وتر فشل البلديات في إدارة الأزمات، وتضع خريطة طريق تمهيداً للانقضاض على أصوات الناس، وفي حال نجحت ستخرق «الثنائي»، وهو أمر تدركه القوى الحزبية.
فهي بدأت تتلمّس رفضاً وامتعاضاً شعبيين من أداء البلديات، كونها ومنذ تولّيها شؤون البلدات لم تحقّق الإنماء المطلوب، فأبقت أزمة المياه على حالها، وتفاقمت أزمة النفايات أكثر، وغيرها وغيرها من الأزمات...
لم يجر العمل بين «الثنائي» على حلّ معضلة معمل فرز النفايات في الكفور، حيث تؤكد مصادر موثوقة «أن تشغيله كان سيحلّ أزمة كبيرة، لا بل كان من المتوقع أن يدرّ أموالاً لمصلحة صندوق الاتحاد، وينتشل البلديات من مأزقها، غير أنّ المستغرب إهمال القوى الحزبية هذا الأمر وعدم إيلائه أي أهمية تذكر بسبب الكيديات، والإبقاء على تجارة النفايات نشطة، والتي تكلف البلدية شهرياً قرابة الـ160 مليون ليرة».
بطبيعة الحال سيكون معمل الكفور ومن خلفه كل المشاريع المتوقّفة مدار بحث ومتابعة لأي بلدية جديدة، خاصة في ظل الأزمة القائمة، لأنه سيحلّ لها معضلة مزدوجة على ما تشير المصادر، أولاً إنهاء أزمة النفايات وثانياً تعزيز ثقافة الفرز من المصدر وتحويل النفايات إلى مورد مالي للبلديات.
في سياق آخر تشير المصادر إلى أن الناس يرفضون مصادرة قرارهم مجدّداً، تحت حجج وذرائع مختلفة، وما تخشاه القوى الحزبية تكرار سيناريو انتخابات 2016 في حاروف وعربصاليم اللتين جاءت نتائجهما من خارج «تحالف الثنائي» ما أدّى مع الوقت إلى حلّ المجالس البلدية.
دعم الأحزاب
من هنا تشير المعلومات إلى أنّ «حزب الله بصدد ترك الخيار للناس في حال حصلت الانتخابات»، ولا تخفي المصادر أنّ «الحزب يتحمّل مسؤولية دعم البلديات التي تدور مجالسها في فلكه من تقديم المازوت لآبار المياه والخدمات والمساعدات الاجتماعية، على عكس حركة «أمل» التي تبقى خدماتها محدودة».
بالعودة إلى البلديات الحالية، يبدو أنّ رؤساءها يرفضون حمل كرة النار إن تمّ التجديد لولاياتهم، فهم يجدون أنفسهم في «بوز المدفع»، فيرمي الناس العتب عليهم لفشلهم... ما لا شكّ فيه أنّ وضع البلديات صعب للغاية، وهو أمرٌ يؤكّده رئيس بلدية قاقعية الجسر هشام حلاوة، الذي يرى في تأجيل الانتخابات نكسة حقيقة، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تواجهها البلديات. حلاوة الذي يعتمد اليوم على دعم المغتربين والأهالي في مواجهة أزمة النفايات ورواتب العمال وبعض الأمور الطارئة، يؤكد أنّ «هذا الدعم مرحلي وليس ثابتاً».
ويلفت إلى «تشكيل لجنتين في البلدة واحدة لجمع المال للنفايات، بحيث نقوم بجمع 100 ألف ليرة شهرياً من كل منزل لنتمكّن من مواصلة رفع النفايات، وإلا سنغرق في القمامة، والثانية مؤلفة من القوى الحزبية والأهالي وبعض المغتربين لمعالجة أزمة المياه والأمور الطارئة»، مشيراً إلى أنّ «هذه الخطوات تمدّ البلدية بجرعة ثبات، وبعدما كنّا مقصد الناس، بتنا نلجأ إليهم لمواجهة الأزمة».
إذاً يتّكل رؤساء البلديات على الدعم المحلي اليوم، فما يصلهم من الدولة لا يصل إلى 3000 دولار في السنة، مبلغ لا يكفي لصيانة الآليات أو شراء المحروقات، ومع تأجيل الانتخابات، يصبح شلل البلديات في حكم الواقع، لتدخل غرفة الإنعاش إلا إذا استمرّ ضخ الدعم من المتموّلين والمغتربين... أما غير ذلك، فستنهار البلدية حتماً.
رمال جوني - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|