عربي ودولي

من يحرك الشارع في إسرائيل؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على الرغم من رضوخ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو "جزئياً" لمطالب الإحتجاجات الشعبية بقراره تجميد خطة "إصلاح القضاء" والبدء بجلسات حوار مع المعارضة، إلا أنّ غليان المتظاهرين في الشوارع لا يزال مستمراً.

يأتي ذلك وسط مشاهد من الفوضى في السياسة الاسرائيلية، مع تساؤلات عما إذا كان وزير الدفاع الذي أقاله نتنياهو، يوآف غالانت، يرفض التنحي، ومخاوف من أنّ رئيس الوزراء قد يكون وعد بالكثير السياسيين اليمينيين، في مقابل صفقة تهدف الى قمع المظاهرات على الصعيد الوطني. إذ تبدي المعارضة تخوفها من أنّ نتنياهو نجح في تهدئة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المؤيد الأكثر حماسة لمشروع قانون الإصلاح القضائي من حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، فقط من خلال الموافقة على تشكيل "الحرس الوطني" (ميليشيا مسلحة) تحت سيطرة بن غفير!

وفي هذا السياق، كتبت صحيفة "هآرتس" ذات الميول اليسارية في مقال إفتتاحي: "قام رئيس الوزراء برشوة اليمين المتطرف من خلال وعد بإنشاء ميليشيا من شأنها أن تعرّض المواطنين الاسرائيليين للخطر، وخصوصاً المتظاهرون المناهضون للإنقلاب، طالما أنّ حكومته على قيد الحياة". ودعت الاسرائيليين إلى "مواصلة الضغط على نتنياهو حتى يوقف الانقلاب".

وقالت الإفتتاحية إنّ "التجربة تظهر أنّ نتنياهو يلجأ إلى التلاعب والأكاذيب والخداع، وطبيعته الثانية هي نصب الفخاخ التي لا يتم إكتشافها إلا بعد فوات الأوان".

فالمعارضة الاسرائيلية تتهم نتنياهو بأنّه يحاول كسب الوقت، مؤكدة أن تأجيله للتصويت هدفه إسكات الإحتجاجات الضخمة والاضرابات التي شلّت البلاد، خلال الأسبوع الماضي. كما ترى أنّ نتنياهو على إستعداد لبذل أيّ شيء، للحفاظ على قبضته على السلطة، حتى في الوقت الذي يواجه فيه تهم الفساد. لذلك، تصر المعارضة ضد التعديلات القضائية على مواصلة الاحتجاجات في المدن الاسرائيلية، داعية إلى الخروج مجدداً الى الشوارع اليوم السبت، واعدة بمواصلة الاحتجاجات والتجمعات.

لا شكّ في أنّ الأزمة البنيوية غير المسبوقة التي يعيشها الكيان الصهيوني، سلطت الضوء على المأزق الذي يتخبّط به نتنياهو نفسه (زعيم إسرائيل الأطول خدمة في موقع رئيس الوزراء)، عندما خرجت التظاهرات في مختلف المدن الاسرائيلية بأعداد هائلة مندّدة بمحاولته وضع اليد على القضاء، ولم تقتصر الحالة الاحتجاجية على الداخل الصهيوني، بل إمتدت إلى جميع بلدان الشتات الاسرائيلي.

إلا أن الأخطر في الحالة الاحتجاجية، كمنت داخل الجيش الإسرائيلي (العمود الفقري لدولة إسرائيل الغاصبة لأرض فلسطين)، بحيث أنها المرة التي تحصل عمليات تمرد داخل الجيش (الذي لا يقهر!).

فقد بلغت الإحتجاجات ذروتها يومي الأحد والاثنين الماضيين، بعد مضي 12 أسبوعاً على بدايتها، ضدّ خطة نتنياهو لإضعاف سلطة المحاكم. ففي ذلك اليوم، أغلقت المستشفيات والجامعات والموانئ البحرية والمطار الدولي والبنوك ومراكز التسوق الكبيرة. وتزامن الاضراب والتظاهرات مع إلتماسات من الأكاديميين وقطاعات التكنولوجيا العالية والقانون والمالية، ودعوات الى سحب الاستثمارات، وإضعاف الشيكل بصورة كبيرة.

وامتدت تداعيات الأزمة أيضاً إلى ما وراء حدود إسرائيل، مما تسبب باضطرابات بين المستثمرين واليهود الأميركيين المؤثرين وحلفاء إسرائيل الأجانب، بما في ذلك الولايات المتحدة.

فقد إستجابت المنظمات اليهودية في جميع أنحاء العالم للوضع المأساوي الحالي في إسرائيل في ما يتعلق بالمظاهرات ضد الاصلاحات القضائية. بالإضافة إلى ذلك، أعرب "الكونغرس" اليهودي الأوروبي (EJC)، الذي يمثّل المنظمات الوطنية اليهودية الجامعة لأكثر من 40 دولة أوروبية، عن "قلقه العميق إزاء التطورات الأخيرة في إسرائيل"، ودعا حكومة إسرائيل إلى تعليق التشريع المقترح بشأن الإصلاح القضائي.

كما أصدرت الاتحادات اليهودية لأميركا الشمالية إلى جانب مؤتمر الرؤساء ورابطة مكافحة التشهير واللجنة اليهودية الأميركية بياناً رحب "بتعليق الحكومة الاسرائيلية النظر التشريعي في إجراءات الإصلاح القضائي".

لكن المعارضة الأكثر أهمية والأكثر خطورة على تماسك اسرائيل وإستقرارها، تأتي من جنود الاحتياط العسكريين، خصوصاً من وحدات إستخبارات النخبة وسلاح الجو، الذين يلعبون دوراً مهماً في القدرة العسكرية لاسرائيل، والذين أعلنوا رفضهم الجماعي للخدمة وتهديد إستقرار الجيش، وأدى رفضهم إلى إغراق المؤسسة الأمنية الاسرائيلية في هيجان ودعم فعلي للاحتجاجات.

فقد أوردت تقارير صحافية أنّ جنود الاحتياط يخشون تلقي أوامر عسكرية غير قانونية، إذا كانت المحكمة العليا تفتقر إلى سلطة مراجعة نشاط الحكومة بصورة صحيحة. وهم يخشون أن توجه إتهامات إليهم في المحاكم الدولية إذا نُظر إلى العدالة الاسرائيلية على أنها أضعف من أن تحاكم الجنود.

وإنخراط جنود الاحتياط في التظاهرات الاحتجاجية، دفع قادة عسكريين الى التحذير من أن تراجع الاحتياط، الذي يشكل جزءاً رئيساً من سلاح الطيران في سلاح الجو، قد يؤثر على القدرة العملانية للجيش، خصوصاً مع تلويحهم بالإستقالة.

وقال مسؤولون عسكريون إنّ رئيس أركان الجيش هيرزي هاليفي، أمر الأحد الماضي جميع القادة بالتحدّث إلى مرؤوسيهم حول الحاجة إلى إبعاد السياسة عن الجيش والحفاظ على التماسك.

لكن السؤال الذي برز وسط هذه الحركة الاحتجاجية هو: من يحرّك الشارع الاسرائيلي؟

كانت المعارضة مدفوعة بشكل رئيس من الوسطيين العلمانيين، الذين يخشون أنّ التغييرات تهدّد حرياتهم وأسلوب حياتهم.

لكن هناك أيضاً مقاومة متنامية ورغبة في الحوار والتسوية من أقسام من اليمين الديني تقول إنّ الحكومة ذهبت بسرعة كبيرة جداً.

في الواقع، انطلقت التظاهرات تحت مظلة "مقر النضال ضدّ الانقلاب القضائي"، لكنها تضمّ في الأصل منظمات يسارية سبق لبعضها أن نشطت في الاحتجاجات ضد نتنياهو خلال ترؤسه الحكومة الاسرائيلية الـ 35 (17 أيار 2020 - 13 حزيران 2021).

وهذه المنظمات هي:

  • حركة "الأعلام السوداء" على رأس منظمي التظاهرات، وهي حركة أطلقها 4 أشقاء من عائلة شفارتسمان، وسبق أن كشفت القناة 13 العبرية الخاصة في تقرير لها أن تمويل الحركة يتمّ على يد جمعية "المسؤولية الوطنية" التابعة لرئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك.
  • حركة "كرايم مينستر" ( (Crime Minister التي تطالب بتسريع محاكمة نتنياهو، وسبق لها في 2020 أن نظمت مع حركتي "إين متساف" و"الأعلام السوداء" مظاهرات أسبوعية إستمرت كل سبت لأكثر من ستة أشهر مطالبة باستقالة نتنياهو بسبب تهم الفساد ضده.

  • حركة "من أجل جودة الحكم" والتي تعمل من خلال التبرعات ورسوم العضوية لأعضائها، وتنشط في تقديم الالتماسات للمحكمة العليا، والكشف عن تصرفات موظفين حكوميين لا تتوافق مع الادارة العامة السليمة، وعقد ندوة سنوية حول مواضيع الحكم الرشيد وتنظيم المسيرات والحلقات المنزلية.

لم تعد كلمة "غير مسبوقة" تعبّر بدقة عن حجم التطورات الأخيرة في إسرائيل، خصوصاً مع إعلان العديد من أنصار نتنياهو اليمينيين في وسائل الإعلام وداخل حزبه الليكود عن إحتجاج مضاد، مهددين بالعنف ضد المتظاهرين في حال العودة إلى التظاهر وقطع الطرقات.

ليس هناك شك في أن رد فعل اليمين سيؤدي إلى عنف قد يتصاعد إلى صراع أكبر وأكثر دموية.

عموماً، قسّم الانقسام في المجتمع الاسرائيلي، الناس إلى مجموعتين: أولئك الذين يريدون دولة أكثر علمانية وتعددية، وأولئك الذين لديهم رؤية أكثر دينية وقومية. بغض النظر عمّا سيحدث بعد ذلك، فإن الصهاينة يشاهدون تاريخهم في طور تكوين جديد.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا